روبيو يحذر من أن الحكومة الانتقالية في سوريا على حافة الانهيار    ترامب يعلن عن رؤيته المقترحة لبرنامج القبة الذهبية للدفاع الصاروخي    موعد نهائي الدوري الأوروبي بين توتنهام ومانشستر يونايتد    جيش الاحتلال يعلن مقتل أحد جنوده في اشتباكات بقطاع غزة    لينك و موعد نتيجة الصف الأول الثانوي الأزهري الترم الثاني 2025 برقم الجلوس    مساعدات عاجلة واستئناف «هدنة غزة».. تفاصيل مكالمة وزير الخارجية الإماراتي ونظيره الإسرائيلي    أسعار الفراخ اليوم الأربعاء 21-5-2025 بعد الهبوط الجديد.. وبورصة الدواجن الآن    ثلاثي الأهلي يجتاح قائمة الأفضل ب الدوري في تقييم «أبو الدهب».. ومدرب مفاجأة    الخارجية الفلسطينية ترحب بالإجراءات البريطانية ضد ممارسات الاحتلال في الضفة وغزة    مصرع طفلتين غرقا في ترعة بسوهاج    المستشار محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية اجتهاد وليس كتابا مقدسا.. لا شيء في العالم عليه إجماع    أفضل وصفات طبيعية للتخلص من دهون البطن    آداب وأخلاق إسلامية تحكم العمل الصحفى والإعلامى (2)    بسبب المخدرات.. شاب يقتل والده خنقًا ويحرق جثته في بني سويف    الدولار ب49.86 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 21-5-2025    الإيجار القديم.. محمود فوزي: الملاك استردوا استثماراتهم.. الشقة كانت تُباع بألف وتُؤجر ب15 جنيهًا    واقف على باب بيت وبيقرأ قرآن، نجل سليمان عيد يروي قصة حلم شخصين لا يعرفهما عن والده    ملحن آخر أغنيات السندريلا يفجّر مفاجأة عن زواج سعاد حسني وعبدالحليم حافظ سرا    محافظ الدقهلية يشهد حفل تجهيز 100 عروس وعريس (صور)    أسطورة ليفربول: مرموش يمكنه أن يصبح محمد صلاح جديد    «غزل المحلة» يعلن مفاوضات الأهلي مع نجم الفريق    سي إن إن: إسرائيل تستعد لضربة محتملة على المنشآت النووية الإيرانية    طريقة عمل المكرونة بالصلصة، لغداء سريع وخفيف في الحر    ننشر أسماء المصابين في حادث تصادم سيارتين بطريق فايد بالإسماعيلية    هبوط عيار 21 الآن بالمصنعية.. مفاجأة في أسعار الذهب والسبائك اليوم الأربعاء بالصاغة    بعد شهر العسل.. أجواء حافلة بالمشاعر بين أحمد زاهر وابنته ليلى في العرض الخاص ل المشروع X"    عاجل.. الزمالك يرفض تظلم زيزو.. ويوم 4 يونيو سيكون الأخير له داخل النادي    تقدر ب2.5 مليون دولار.. اليوم أولى جلسات الطعن في قضية سرقة مجوهرات زوجة خالد يوسف    رسميًا الآن.. رابط تحميل كراسة شروط حجز شقق الإسكان الاجتماعي الجديدة 2025    ترامب يتهم مساعدي جو بايدن: سرقوا الرئاسة وعرضونا لخطر جسيم    6 إصابات في حريق شقة بالإسكندرية (صور)    52 مليار دولار.. متحدث الحكومة: نسعى للاستفادة من الاستثمارات الصينية الضخمة    الخطيب: سعداء بالشراكة الجديدة والجماهير الداعم الأكبر للأهلي    محافظ الغربية يُجري حركة تغييرات محدودة في قيادات المحليات    مجلس الصحفيين يجتمع اليوم لتشكيل اللجان وهيئة المكتب    تفسير حلم الذهاب للعمرة مع شخص أعرفه    رئيس الجامعة الفرنسية ل"مصراوي": نقدم منحا دراسية للطلاب المصريين تصل إلى 100% (حوار)    المستشار محمود فوزي: لا يمكن تقنين الخلو.. ومقترح ربع قيمة العقار للمستأجر به مشاكل قانونية    حدث في منتصف الليل| الرئيس يتلقى اتصالا من رئيس الوزراء الباكستاني.. ومواجهة ساخنة بين مستريح السيارات وضحاياه    شاب يقتل والده ويشعل النيران في جثته في بني سويف    لميس الحديدي عن أزمة بوسي شلبي وأبناء محمود عبدالعزيز: هناك من عايش الزيجة 20 سنة    اللجنة العربية الإسلامية: نرحب ببيان بريطانيا وفرنسا وكندا لوقف حرب غزة ورفع الحصار    ميكالي يكشف موقفه من تدريب الزمالك    الجمعة 6 يونيو أول أيام العيد فلكيًا.. والإجازة تمتد حتى الاثنين    رابطة الأندية: بيراميدز فرط في فرصة تأجيل مباراته أمام سيراميكا كليوباترا    تحول في الحياة المهنية والمالية.. حظ برج الدلو اليوم 21 مايو    إرهاق مزمن وجوع مستمر.. علامات مقاومة الأنسولين عند النساء    بمكونات سهلة وسريعة.. طريقة عمل الباستا فلورا للشيف نادية السيد    نائبة تطالب بتوصيل الغاز الطبيعي لمنطقة «بحري البلد» بأسيوط    عضو مجلس يتقدم بطلب لتفعيل مكتب الاتصال الخدمي بنقابة الصحفيين (تفاصيل)    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    نص محضر أبناء شريف الدجوي ضد بنات عمتهم منى بتهمة الاستيلاء على أموال الأسرة    «منصة موحدة وكوتا شبابية».. ندوة حزبية تبحث تمكين الشباب وسط تحديات إقليمية ملتهبة    المدرسة الرسمية الدولية بكفر الشيخ تحتفل بتخريج الدفعة الرابعة    هل يجوز الجمع بين الصلوات بسبب ظروف العمل؟.. أمين الفتوى يُجيب    تعرف علي موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    وفد صيني يزور مستشفى قصر العيني للتعاون في مشروعات طبية.. صور    رئيس جامعة أسيوط يتابع امتحانات الفصل الدراسي الثاني ويطمئن على الطلاب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باب الصبر
نشر في الفجر يوم 20 - 10 - 2014

قال اللَّه تعالى (آل عمران 200): {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا}.
وقال تعالى (البقرة 155): {ولنبلونكم بشيء مِنْ الخوف والجوع ونقص مِنْ الأموال والأنفس والثمرات، وبشر الصابرين}.
وقال تعالى (الزمر10): {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}.
وقال تعالى (الشورى 43): {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور}.
وقال تعالى (البقرة 153): {استعينوا بالصبر والصلاة إن اللَّه مع الصابرين}.
وقال تعالى (محمد 31): {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين مِنْكم والصابرين}.
والآيات في الأمر بالصبر وبيان فضله كثيرة معروفة.
وعَنْ أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان اللَّه والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماوات والأرض، الصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وعَنْ أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن ناسا مِنْ الأنصار سألوا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم حتى نفد ما عنده، فقال لهم حين أنفق كل شيء بيده: (ما يكن عندي مِنْ خير فلن أدخره عَنْكم، ومن يستعفف يعفه اللَّه، ومن يستغن يغنه اللَّه، ومن يتصبر يصبره اللَّه، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع مِنْ الصبر) مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.
وعَنْ أبي يحيى صهيب بن سنان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (عجبا لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمِنْ: إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وعَنْ أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال لما ثقل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم جعل يتغشاه الكرب. فقالت فاطمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: واكرب أبتاه! فقال: (ليس عَلَى أبيك كرب بعد اليوم) فلما مات قالت: يا أبتاه أجاب رباً دعاه، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إِلَى جبريل ننعاه. فلما دفن قالت فاطمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: أطابت أنفسكم أن تحثوا عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم التراب؟! رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وعَنْ أبي زيد أسامة بن زيد بن حارثة مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وحبه وابن حبه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قال: أرسلت بنت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إن ابني قد احتضر فاشهدنا. فأرسل يقرئ السلام ويقول: (إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب) فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها، فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبي ابن كعب وزيد بن ثابت ورجال رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم، فرفع إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الصبي، فأقعده في حجره ونفسه تقعقع ففاضت عيناه.
فقال سعد: يا رَسُول اللَّهِ ما هذا؟ فقال: (هذه رحمة جعلها اللَّه تعالى في قلوب عباده. وفي رواية: في قلوب من شاء مِنْ عباده، وإنما يرحم اللَّه مِنْ عباده الرحماء) مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.
ومعنى (تقعقع): تتحرك وتضطرب.
وعَنْ صهيب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر، فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت فابعث إلي غلاما أعلمه السحر. فبعث إليه غلاما يعلمه، وكان في طريقه إذا سلك راهب فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه، وكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه فإذا أتى الساحر ضربه فشكا ذلك إِلَى الراهب فقال: إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر.
فبينما هو عَلَى ذلك إذ أتى عَلَى دابة عظيمة قد حبست الناس. فقال: اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل؟ فأخذ حجرا فقال: اللَّهم إن كان أمر الراهب أحب إليك مِنْ أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس. فرماها فقتلها ومضى الناس.
فأتى الراهب فأخبره فقال له الراهب: أي نبي أنت اليوم أفضل مِني قد بلغ مِنْ أمرك ما أرى! وإنك ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل علي. وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوي الناس مِنْ سائر الأدواء فسمع جليس للملك كان قد عمي فأتاه بهدايا كثيرة فقال: ما ها هنالك أجمع إن أنت شفيتني. فقال: إني لا أشفي أحدا إنما يشفي اللَّه تعالى فإن آمنت باللَّه دعوت اللَّه فشفاك. فآمن باللَّه فشفاه اللَّه تعالى.
فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك: من رد عليك بصرك؟ قال: ربي. قال: أولك رب غيري؟ قال: ربي وربك اللَّه. فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل عَلَى الغلام.
فجيء بالغلام فقال له الملك: أي بني قد بلغ مِنْ سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل! فقال: إني لا أشفي أحدا إنما يشفي اللَّه تعالى. فأخذه فلم يعذبه حتى دل عَلَى الراهب. فجيء بالراهب فقيل له ارجع عَنْ دينك فأبى، فدعا بالمِنْشار فوضع المِنْشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه. ثم جيء بجليس الملك فقيل له ارجع عَنْ دينك فأبى فوضع المِنْشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه.
ثم جيء بالغلام فقيل له ارجع عَنْ دينك فأبى، فدفعه إِلَى نفر مِنْ أصحابه فقال: اذهبوا به إِلَى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عَنْ دينه وإلا فاطرحوه. فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال: اللَّهم اكفنيهم بما شئت.
فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشي إِلَى الملك. فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم اللَّه تعالى. فدفعه إِلَى نفر مِنْ أصحابه فقال: اذهبوا به فاحملوه في قرقور وتوسطوا به البحر فإن رجع عَنْ دينه وإلا فاقذفوه. فذهبوا به فقال: اللَّهم اكفنيهم بما شئت. فانكفأت بهم السفينة فغرقوا وجاء يمشي إِلَى الملك. فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم اللَّه تعالى.
فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به. قال: ما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني عَلَى جذع ثم خذ سهما مِنْ كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل بسم اللَّه رب الغلام ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني. فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه عَلَى جذع ثم أخذ سهما مِنْ كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس، ثم قال بسم اللَّه رب الغلام، ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده في صدغه فمات.
فقال الناس: آمنا برب الغلام. فأتي الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر قد واللَّه نزل بك حذرك: قد آمن الناس. فأمر بالأخدود بأفواه السكك فخدت وأضرم فيها النيران وقال من لم يرجع عَنْ دينه فأقحموه فيها أو قيل له اقتحم. ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام: يا أمه اصبري فإنك عَلَى الحق.. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(ذروة الجبل): أعلاه، هي بكسر الذال المعجمة وضمها.
و(القرقور) بضم القافين: نوع مِنْ السفن.
و(الصعيد) هنا: الأرض البارزة.
و(الأخدود): الشقوق في الأرض كالنهر الصغير.
و(أضرم): أوقد.
و(انكفأت): أي انقلبت.
و(تقاعست): توقفت وجبنت.
وعَنْ أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: مر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عَلَى امرأة تبكي عند قبر فقال: (اتقي اللَّه واصبري) فقالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي. ولم تعرفه، فقيل لها إنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. فأتت باب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فلم تجد عنده بوابين فقال: لم أعرفك! فقال: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى).. مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.
وفي رواية لمسلم: (تبكي عَلَى صبي لها).
وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (يقول اللَّه تعالى: ما لعبدي المؤمِنْ عندي جزاء إذا قبضت صفيه مِنْ أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وعَنْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أنها سألت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عَنْ الطاعون؟ فأخبرها أنه كان عذابا يبعثه اللَّه تعالى عَلَى من يشاء فجعله اللَّه تعالى رحمة للمؤمنين، فليس مِنْ عبد يقع في الطاعون فيمكث في بلده صابرا محتسبا، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب اللَّه له إلا كان له مثل أجر الشهيد… رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وعَنْ أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: (إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته مِنْهما الجنة) يريد عينيه. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وعَنْ عطاء بن أبي رباح قال، قال لي ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ألا أريك امرأة مِنْ أهل الجنة؟ فقلت: بلى. قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع اللَّه تعالى لي. قال: (إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت اللَّه تعالى أن يعافيك) فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف فادع اللَّه أن لا أتكشف، فدعا لها. مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.
وعَنْ أبي عبد الرحمن عبد اللَّه بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كأني أنظر إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يحكي نبيا مِنْ الأنبياء صلوات اللَّه وسلامه عليهم ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عَنْ وجهه ويقول: (اللَّهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون).. مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.
وعَنْ أبي سعيد وأبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (ما يصيب المسلم مِنْ نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر اللَّه بها مِنْ خطاياه).. مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.
و(الوصب): المرض.
وعَنْ ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال دخلت عَلَى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وهو يوعك فقلت: يا رَسُول اللَّهِ إنك توعك وعكا شديدا. قال: (أجل إني أوعك كما يوعك رجلان مِنْكم) قلت: ذلك أن لك أجرين. قال: (أجل ذلك كذلك، ما مِنْ مسلم يصيبه أذى: شوكة فما فوقها إلا كفر اللَّه بها سيئاته، وحطت عَنْه ذنوبه كما تحط الشجرة ورقها).. مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.
و(الوعك): مغث الحمى. وقيل: الحمى.
وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (من يرد اللَّه به خيرا يصب مِنْه) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وضبطوا (يصب) بفتح الصاد وكسرها.
وعَنْ أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلا فليقل: اللَّهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي) مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.
وعَنْ أبي عبد اللَّه خباب بن الأرت رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: شكونا إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وهو متوسد بردة له في طل الكعبة فقلنا: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟ فقال: (قد كان مِنْ قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ثم يؤتى بالمِنْشار فيوضع عَلَى رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يصده ذلك عَنْ دينه! واللَّه ليتمن اللَّه هذا الأمر حتى يسير الراكب مِنْ صنعاء إِلَى حضرموت لا يخاف إلا اللَّه والذئب عَلَى غنمه ولكنكم تستعجلون)! رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وفي رواية: (وهو متوسد بردة وقد لقينا مِنْ المشركين شدة).
وعَنْ ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: لما كان يوم حنين آثر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ناسا في القسمة: فأعطى الأقرع بن حابس مائة مِنْ الإبل، وأعطى عيينة بن حصن مثل ذلك، وأعطى ناسا مِنْ أشراف العرب وآثرهم يومئذ في القسمة.
فقال رجل: واللَّه إن هذه قسمة ما عدل فيها وما أريد فيها وجه اللَّه. فقلت: واللَّه لأخبرن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم! فأتيته فأخبرته بما قال فتغير وجهه حتى كان كالصرف ثم قال: فمن يعدل إذا لم يعدل اللَّه ورسوله؟! ثم قال: (يرحم اللَّه موسى قد أوذي بأكثر مِنْ هذا فصبر) فقلت: لا جرم لا أرفع إليه بعدها حديثا. مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.
وقوله (كالصرف) هو بكسر الصاد المهملة: وهو صبغ أحمر.
وعَنْ أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (إذا أراد اللَّه بعبده خيراً عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد اللَّه بعبده الشر أمسك عَنْه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة)
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن اللَّه تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط) رَوَاهُ الْتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وعَنْ أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كان ابن لأبي طلحة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يشتكي فخرج أبو طلحة فقبض الصبي. فلما رجع أبو طلحة قال: ما فعل ابني؟ قالت أم سليم وهي أم الصبي: هو أسكن ما كان. فقربت له العشاء فتعشى ثم أصاب مِنْها. فلما فرغ قالت: واروا الصبي. فلما أصبح أبو طلحة أتى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فأخبره فقال: (أعرستم الليلة؟) قال: نعم. قال: (اللَّهم بارك لهما) فولدت غلاما فقال لي أبو طلحة: احمله حتى تأتي به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وبعث معه بتمرات. فقال: (أمعه شيء؟) قال: نعم تمرات. فأخذها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فمضغها ثم أخذها مِنْ فيه فجعلها في في الصبي ثم حنكه وسماه عبد اللَّه. مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.
وفي رواية للبخاري قال ابن عيينة: فقال رجل مِنْ الأنصار فرأيت تسعة أولاد كلهم قد قرءوا القرآن (يعني مِنْ أولاد عبد اللَّه المولود).
وفي رواية لمسلم: مات ابن لأبي طلحة مِنْ أم سليم فقالت لأهلها: لا تحدثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أحدثه. فجاء فقربت إليه عشاء فأكل وشرب، ثم تصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك فوقع بها، فلما أن رأت أنه قد شبع وأصاب مِنْها قالت: يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوما أعاروا عاريتهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا. فقالت: فاحتسب ابنك. قال فغضب ثم قال: تركتني حتى إذا تلطخت ثم أخبرتني بابني! فانطلق حتى أتى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فأخبره بما كان.
فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (بارك اللَّه في ليلتكما) قال فحملت. قال وكان رَسُول اللَّهِ في سفر وهي معه، وكان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا أتى المدينة مِنْ سفر لا يطرقها طروقا فدنوا مِنْ المدينة فضربها المخاض فاحتبس عليها أبو طلحة وانطلق رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. قال يقول أبو طلحة: إنك لتعلم يا رب أنه يعجبني أن أخرج مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا خرج وأدخل معه إذا دخل وقد احتبست بما ترى.
تقول أم سليم: يا أبا طلحة ما أجد الذي كنت أجد، انطلق. فاطلقنا [لعله: فانطلقنا] وضربها المخاض حين قدما فولدت غلاما. فقالت لي أمي: يا أنس لا يرضعه أحد حتى تغدو به عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فلما أصبح احتملته فانطلقت به إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. وذكر تمام الحديث.
وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.
و(الصرعة) بضم الصاد وفتح الراء وأصله عند العرب: من يصرع الناس كثيرا.
وعَنْ سليمان بن صرد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كنت جالسا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ورجلان يستبان وأحدهما قد احمر وجهه وانتفخت أوداجه فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عَنْه ما يجد، لو قال أعوذ باللَّه مِنْ الشيطان الرجيم ذهب عَنْه ما يجد) فقالوا له إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال تعوذ باللَّه مِنْ الشيطان الرجيم. مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.
وعَنْ معاذ بن جبل رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (من كظم غيظا وهو قادر عَلَى أن ينفذه دعاه اللَّه سبحانه عَلَى رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره مِنْ الحور العين ما شاء) رَوَاهُ أبو داود والْتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رجلا قال للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أوصني. قال: (لا تغضب) فردد مرارا، قال: (لا تغضب) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (ما يزال البلاء بالمؤمِن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى اللَّه تعالى وما عليه خطيئة) رَوَاهُ الْتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.
وعَنْ ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهماُ قال: قدم عيينة بن حصن فنزل عَلَى ابن أخيه الحر بن قيس، وكان مِنْ النفر الذين يدنيهم عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وكان القراء أصحاب مجلس عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ومشاورته كهولا كانوا أو شبانا. فقال عيينه لابن أخيه: يا ابن أخي لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه. فاستأذن فأذن له عمر. فلما دخل قال: هي يا ابن الخطاب! فواللَّه ما تعطينا الجزل، ولا تحكم فينا بالعدل.
فغضب عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حتى هم أن يوقع به. فقال له الحر: يا أمير المؤمنين إن اللَّه تعالى قال لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم (الأعراف 198): {خذ العفو، وأمر بالعرف، وأعرض عَنْ الجاهلين} وإن هذا مِنْ الجاهلين. واللَّه ما جاوزها عمر حين تلاها، وكان وقافا عند كتاب اللَّه تعالى. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وعَنْ ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها)! قالوا: يا رَسُول اللَّهِ فما تأمرنا؟ قال: (تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون اللَّه الذي لكم).. مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.
و(الأثرة): الانفراد بالشيء عمن له فيه حق.
وعَنْ أبي يحيى أسيد بن حضير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رجلا مِنْ الأنصار قال: يا رَسُول اللَّهِ ألا تستعملني كما استعملت فلانا؟ فقال: (إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني عَلَى الحوض).. مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.
و(أسيد) بضم الهمزة.
و(حضير) بحاء مهملة مضمومة وضاد معجمة مفتوحة، واللَّه أعلم.
وعَنْ أبي إبراهيم عبد اللَّه بن أبي أوفى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهماُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى إذا مالت الشمس قام فيهم فقال: (يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا اللَّه العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف) ثم قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (اللَّهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم) مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ، وباللَّه التوفيق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.