« قال الله عز وجل : خلقت نور محمد من نور وجهي (1) ، كما قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : أول ما خلق الله بروحي ، وأول ما خلق الله نوري ، وأول ما خلق الله القلم ، وأول ما خلق الله العقل (2). فالمراد منها شيء واحد ، وهو الحقيقة المحمدية صلى الله تعالى عليه وسلم ، لكن سمي نوراً لكونه صافياً عن الظلمات الجلالية ، كما قال الله تبارك وتعالى : قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ( المائدة : 15 ) ، وعقلاً : لكونه مدرك للكليات ، وقلماً : لكونه سبباً لنقل العلم ، كما أن العلم سبب في علام الحروف . فالروح المحمدية صلى الله تعالى عليه وسلم : خلاصة الأكوان ، وأول الكائنات وأصلها ، كما قال صلى الله تعالى عليه وسلم : أنا من الله والمؤمنون مني (3) » (4) . وتقول السيدة فاطمة اليشرطية : « ولهذا النور المحمدي صلى الله تعالى عليه وسلم أسماء متعددة يعرفها أهل هذا الشأن ، منها ( الحقيقة المحمدية صلى الله تعالى عليه وسلم الموصوفة بالاستواء الرحماني ) حيث لا يحصرها ( أين ) ... ويسمى أيضاً ب( القلم الأعلى ) و ب( الدرة البيضاء ) وب(روح الأرواح ) وب( العقل الأول ) وب( الأب الأكبر ) وب( الروح الكلي ) وب( الإنسان الكامل ) ب( إنسان عين الوجود ) وب( الحقيقة المحمدية ) صلى الله تعالى عليه وسلم إلى غير ذلك من الأسماء المشهورة عند أهل التصوف... فنبينا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم هو عين الرحمة ، وهو أصل لجميع الأنوار الظاهرة والباطنة ، وحقيقته جامعة لحقائق الكمالات بأسرها . فالنبوة والرسالة ظهرتا من حقيقته صلى الله تعالى عليه وسلم ، وظهرت منه صلى الله تعالى عليه وسلم الولاية ، وقلوب أوليائه وورثة ينابيع الرحمة في كل زمان ومكان . ونبينا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم هو الحجاب الأعظم ، وهو حياة أرواح العوالم ، والواصل إلى حضرته الشريفة حتماً واصل إلى ربه . والحق سبحانه وتعالى جعل الحقيقة المحمدية صلى الله تعالى عليه وسلم واسطة لإيجاد مخلوقاته ، فمن أجل حقيقته الطاهرة المطهرة ، تمت كلمة الحق في إيجاد الخلق ، فهو صلى الله تعالى عليه وسلم أول الأولين وخاتم النبيين »(5) .