على الرغم من الاجتماعات المستمرة للجنة التشريعية بمجلس الشعب لمناقشة تشكيل التأسيسية، فإن المفاوضات السرية بين الإخوان والقوى السياسية الأخرى تعقدت مرة أخرى وكادت أن تصل إلى طريق مسدود، فقد أدى إصرار الإخوان على إحالة ملف تأسيسية الدستور للجنة التشريعية إلى غضب القوى السياسية، وأبلغ بعض نواب الكتلة المصرية المفاوض الإخوانى الدكتور محمد البلتاجى بقرارهم مقاطعة جلسات المفاوضات السرية بين الإخوان والقوى السياسية، وذلك اعتراضا على انتهاك الإخوان لاتفاقهم مع القوى السياسية يوم السبت الماضى. وعلمت «الفجر» أن بعض قيادات الإخوان شعروا بأن استمرار المفاوضات مع القوى السياسية المدنية قد دخل مرحلة الخطر، وأن حكم القضاء الإدارى ببطلان تشكيل التأسيسية قد قوى شوكة القوى السياسية فى خلافها مع الإخوان. وكان الإخوان يرغبون فى إجراء تعديلات طفيفة على لجنة الدستور، وزيادة عدد المدنيين وممثلى المجتمع من خارج البرلمان فقط، ولكن القوى السياسية اشترطت أن يتم الاتفاق على كل الجوانب المتعلقة بعمل لجنة الدستور وليس فقط تشكيل اللجنة. وكان أخطر اقتراح قدمته القوى المدنية لتحقيق التوافق السياسى هو ضمان عدم انقلاب الإسلاميين على الدستور الجديد بعد التوافق عليه وإصداره، ولذلك اقترحت بعض القوى اللبيرالية الأخذ بتجربة دستور جنوب إفريقيا بعد سقوط الفصل العنصرى، وكان الزعيم نليسون مانديلا قد قاد الاتجاه إلى تضمين الدستور كل ضمانات المساواة وحقوق المواطنة بين كل المواطنين من السود والبيض على حد سواء، ولكن النسبة البيضاء والبالغة 20% من السكان أبدت تخوفها من أن يتم تعديل هذه المواد وسحب ضمانات المواطنة بعد إصدار الدستور، فالسود يملكون أغلبية 80% فى البرلمان تمكنهم من تعديل الدستور، وحرصاً على عدم الانقلاب على مبادئ المواطنة فقد تضمن دستور جنوب إفريقيا نصاً جديداً، ويحظر النص تعديل المواد الخاصة بالحريات والمواطنة لمدة عشرين عاماً، وقد طالبت بعض القوى الليبرالية بتضمين الدستور الجديد مادة تحصن مواد المواطنة والحريات العامة من التعديل لمدة عشر سنوات