وكالات أظهرت السلطات الصينية اهتماماً، أخيراً، بالتحقيق بملابسات حادث يعود إلى 14 عاماً مضت، كان قد أودى بحياة وانغ شوهوا، الزوجة الأولى للرئيس السابق لجهاز الأمن الصيني زو يونغ كانغ، الرجل الأكثر نفوذاً وقوة في الصين في الماضي، والهدف الرئيسي لحملة الرئيس الصيني شي جينبيغ ضد الفساد حالياً.
ولا يعرف الكثير عن الظروف الغامضة المحيطة بوفاة الزوجة، لكن تقارير وسائل الإعلام الصينية تشير إلى أنها لقيت مصرعها في حادث سير عام 2000، بعد فترة وجيزة من طلاقها من زوجها، وأن سيارة واحدة بلوحة عسكرية على الأقل قد تكون متورطة في الحادث.
لكن كانت هناك مزاعم مثيرة أخيرا بأن زو طلب من رجلي أمن قتلها في حادث سيارة مدبر، حتى يتمكن من الزواج من مقدمة برامج تلفزيونية تصغره في العمر 28 سنة، تدعى جيا شياوي.
وتفيد صحيفة «إندبندنت» البريطانية، نقلا عن أحد المصادر، أن التحقيق المتأخر في حادث وفاة وانغ شوهوا قد يكون الهدف منه الوصول إلى أدلة تشير إلى فعل جنائي من جانب زو في الحادث، بعد أن أفاد البيان المقتضب الصادر في 29 يوليو الماضي عن اللجنة المركزية لفحص الانضباط في الحزب الشيوعي الصيني، بأن زو يخضع للتحقيق «بناء على شكوك بانتهاكات جسيمة للانضباط»، مما يعني في العادة التحقيق في عملية كسب غير مشروع لا غير.
تحليلات مثيرة
بنظر المحللين، يشكل هذا التحقيق إحدى علامات الصراع على السلطة، المشتعل في قمة هرم الحزب الشيوعي منذ أن تسلم تقاليد الحكم شي جينبينغ قبل سنتين تقريبا.
ثم هناك علامة أخرى برأيهم تشير إلى هذا الصراع، لاسيما ما قيل عن دراسة جينبينغ لاقتراح يقضي بترك القضية للجنة المركزية للحزب التي تضم 205 عضوا للتداول بشأنها، والضغط إذا ارتأت باتجاه توجيه اتهامات جنائية ضد زو البالغ من العمر 71 عاماً، وذلك بدلا من معالجة القضية حصريا من جانب كبار القادة، كما درجت العادة في اتخاذ القرارات في قضايا الانضباط الداخلي في الحزب.
تنقل «اندبندنت» عن أحد مصادرها الصينية أن جينبينغ وحلفاءه لا يزالون غير متأكدين من المدى الذي يمكنهم الدفع باتجاهه في محاولتهم إزالة خطر رجل قوي كان يسيطر على الجهاز الأمني المتغلغل في الصين. فإذا اختار زو التحدي والتحدث أثناء المحاكمة، بإمكانه أن يحرج الحزب.
فزو خلال سنواته التي أمضاها في الحزب، كان يدير الأجهزة الأمنية من شرطة ومخابرات في البلاد، وهو على معرفة حميمية بشؤون القادة الحاليين والمتقاعدين وعائلاتهم. ويقول احد المصادر: «يعلم زو الكثير، وهذه مخاطرة كبيرة»، والحزب يريد قبل أن ينتقل لمقاضاته فعلا أن يكون متأكدا من وجود قضية صلبة متينة بين يديه.
يقول بو زيو، وهو خبير في سياسات النخبة في الصين ضمن مؤسسة شرق آسيا التابعة لجامعة سنغافورة الوطنية: «البيان الصادر عن اللجنة المركزية لم يشر إلى انتهاكه للقانون، وإذا ما وجد زو يونغكانغ مذنبا فقط في انتهاك انضباط الحزب، فإن أسوأ عقوبة لهذا تكون بطرده من الحزب». وهذا ما ترجحه المصادر.
حرب عالية المخاطر
بالنسبة لجينبينغ يشكل التحقيق مع زو يونغكانغ ذروة حملته للتخلص من مسؤولي الفساد في المراتب العليا والدنيا.
وتقول مصادر «إندبندنت» إن المحققين يمشطون الحياة المهنية لزو، للحصول على أدلة حول كسب غير مشروع أو جرائم أخرى، وتؤكد إنه متهم إلى جانب أعضاء من عائلته وحلفائه السياسيين بالفساد، وقبول رشى في مقابل التوصية بمسؤولين. وكان قد أفيد عن اعتقال أكثر من 300 من أقاربه وحلفائه السياسيين وشركائه في الأعمال للتحقيق معهم على مدى السنتين السابقتين.
وزو يخضع منذ أواخر السنة الماضية للإقامة الجبرية في بيته عمليا.
وعدا ذلك، لم ترشح أي أخبار أو معلومات عنه للصحيفة، وهو لم يصرح بشيء بشأن التحقيقات.
شخصية نافذة
يحتل زو يونغكانغ عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني السابق المرتبة التاسعة من حيث الأقدمية، لكنه ربما كان الشخص الأكثر بطشاً في الصين، كرئيس لأجهزة الشرطة وجهاز الاستخبارات الصينية. استقال من المكتب السياسي في نهاية عام 2012.
وأفاد مواطنون في بكين أنهم سمعوا إطلاق نار حول مكتب زو قرب «المدينة المحرمة» في تلك السنة، مما أثار شائعات لا سند لها بشأن حدوث انقلاب في البلاد.