يؤكد جنود جنوب السودان في بنتيو، عاصمة ولاية الوحدة التي تعرضت للقصف مجددا، انهم مستعدون لحرب جديدة مع السودان اذا استدعى الامر وهم يلوحون ببنادقهم ويطلقون العنان للاغاني الثورية. ويهتف جنود الدولة الوليدة "سنقتل حتى اخواننا" اذا لم يعلنوا ولاءهم للجنوب. ورغم اسابيع من المواجهات مع قوات الشمال في منطقة هجليج النفطية الحدودية على بعد حوالى ستين كلم شمالا، تبدو معنويات هؤلاء مرتفعة. وخاض جيشا جوباوالخرطوم مواجهات منذ نهاية اذار/مارس في هذه المنطقة التي يطالب بها البلدان، ووقعت معارك هي الاعنف منذ اعلان استقلال جنوب السودان في تموز/يوليو 2011. لكن المواجهات ازدادت حدة حين استولى جيش جنوب السودان على هجليج في العاشر من نيسان/ابريل طاردا منها القوات السودانية ومثيرا استياء الخرطوم. وتؤكد الحكومة السودانية ان هجليج جزء لا يتجزأ من اراضيها، وخصوصا ان الحقل النفطي فيها كان يؤمن قبل المعارك نصف انتاج الشمال من النفط الخام. من هنا اهميته الكبرى بالنسبة الى الخرطوم التي ادى تقسيم السودان الى انتقال ثلاثة ارباع احتياطها النفطي تحت سيطرة جوبا. في مستشفى بنتيو العسكري، يستريح جنود جرحى بعدما عادوا من الجبهة. ويروي احدهم صامويل بول "لقد جاؤوا باعداد كبيرة" في اشارة الى قوات الخرطوم. صامويل اصيب في يده برصاص اطلقه الجنود السودانيون فيما كان ينسحب من هجليج مع رفاقه، ويؤكد ان مقاتلات سودانية من طراز انطونوف قصفت المواقع حولهم ما خلف العديد من الجرحى. لكن انسحاب جنوب السودان من هجليج بناء على الحاح المجتمع الدولي القلق من حرب جديدة مفتوحة بين الشمال والجنوب، لم يساهم في احتواء التوتر بين البلدين. ويؤكد بول ان الخرطوم تواصل زيادة عديد جيشها والميليشيات المتحالفة معها. على بعد ثلاثين كلم من الحدود وتحديدا في مخيم عسكري، يتباهى جندي جنوبي شاب باطلاق النار على معطف صوفي استولى عليه من الجيش السوداني، ويقول "لم اخذ سوى هذا اضافة الى بعض الذخائر لمقاتلة العدو". وفي الظل، تنتظر مجموعات من الجنود تحوط بها كميات من الاحذية والبطانيات والاسلحة. ويؤكد الكابتن كوير جواش اتيم رافعا بنانه "هناك قوات وصلت حديثا، ويمكنها ان تغادر للقتال". اما سكان بنتيو فيعربون عن غضبهم وقلقهم من احتمال اندلاع حرب جديدة. وقبل اتفاق السلام الشامل الذي وقع العام 2005 ومهد لاستقلال جنوب السودان العام الفائت، خاض الجانبان حربا اهلية استمرت عقودا. وخلف الفصل الاخير من النزاع بين 1983 و2005 نحو مليوني قتيل. ويقول التاجر سليمان ابراهيم علي "حتى لو استردوا هجليج، اخشى اندلاع حرب. لست الوحيد الخائف، الجميع يخشون طائرات انطونوف" التي قصفت بنتيو الاثنين واستهدفت جسرا وسوقا مخلفة قتيلين على الاقل احدهما طفل. ويقول الطالب بيتر رييك "لا يمكننا ان ننكر ما يقوله لنا المجتمع الدولي، نحن بلد صغير ولا نتمتع باي سلطة. حتى حين نوقف الحرب فانهم يأتون لقصفنا".