تكشف مراكز التفكير الأمريكية الكثير مما يدور فى عقل الرئيس الأمريكى باراك أوباما الذى يواجه أحكاما كثيرة بالفشل على كل سياساته المرتبطة بالشرق الأوسط.
آخر ما أشارت إليه تقارير استراتيجية صادرة عن مراكز تفكير أمريكية ترتبط بعلاقات وثيقة مع صانع القرار الأمريكى أن أوباما يكن كراهية شخصية لثلاثة زعماء هم عبد الفتاح السيسى الرئيس المصرى، وفلاديمير بوتين الرئيس الروسى، والإسرائيلى بنيامين نتنياهو.
المثير فى الأمر أن هذه الكراهية التى يكنها أوباما للثلاثة وأعلنها، قد تكون ضاغطة عليه للتخلص منهم دون أن يقترب من ثوابت السياسة الأمريكية.
فعلى سبيل المثال لا تعنى كراهية أوباما لنتنياهو أنه يمكن أن يتخلى عن دعم إسرائيل، والوقوف فى ظهرها فى مواجهتها العسكرية الدموية للفلسطينيين، فهذا موقف أمريكى لا تراجع فيه، بل يعتبر من الثوابت الأمريكية التى لا تقبل النقاش، الأمر نفسه يتكرر هنا فى مصر، فأوباما لا يمكن أن يفكر فى إضعاف مصر واسقاطها، لكنه فى الوقت نفسه سيسعى جاهدا لإضعاف السيسى وحصاره بالمشاكل التى تؤدى به إلى الفشل.
كان أوباما واضحا عندما تلقى رسالة من بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، يشرحون فيها ما تعرضوا له بعد عزل محمد مرسى، وبدلا من أن يظهر أوباما تعاطفا معهم، تحدث عن فشل محمد مرسى فى حكم مصر، وعدم استحقاقه الاستمرار فى بلد لم يحافظ عليه أو يحفظ وحدة شعبها، لكن لا يعنى ذلك أبدا أنه أصبح من مؤيدى السيسى، أو أنه سيعمل على إنجاح تجربته.
إننا أمام حالة من الفصل الكامل بين مشاعر الرئيس الأمريكى وبين مصالح بلاده، ولأنه لا يمكن أن يتجاوز مصلحة أمريكا العليا فإنه سيسعى إلى تحقيق ما يريده دون أن يتورط فى جر بلاده إلى مشكلات أخرى، وهو ما لا ينطبق على روسيا، فكراهية أوباما لبوتين ليست شخصية ولكنها سياسية أيضا، إنه الرئيس الذى رغم تأخر بلاده كثيرا وخروجها من مساحة الدول العظمى إلا أنه الوحيد الذى يشعر أوباما أنه ليس الرئيس الوحيد فى العالم، بل هناك زعيم يمكن أن يكسر أنف ساكن البيت الأبيض، وعليه فإن خطة أوباما لإسقاط بوتين لن تكون بعيدة أبدا عن محاولته إضعاف روسيا وإخراجها من المعادلة السياسية... وهو ما لن يجد معارضة أمريكية على أى حال، خاصة أن روسيا أصبحت لاعبا مرهقا للأمريكان فى منطقة الشرق الأوسط، ويكفى موقفها من الثورة المصرية فى 30 يونيو، حيث مثلت حائط صد ارتكنت عليه الإدارة المصرية كثيرا،ثم موقفها فى الصراع فى سوريا، وهو الموقف أيضا الذى عطل خطة الأمريكان هناك.
أوباما الذى يحاول أن يهرب من فشل متتال داخليا يحاول أن يخرج إلى ساحة يعتبرها جديدة للحرب معتقدا أنه يمكن أن ينتصر فيها، دون أن يدرك أن قواعد اللعبة تتغير كل يوم.
فى زيارته الوحيدة إلى القاهرة والتى التقى فيها باراك أوباما حسنى مبارك، خرج بانطباع واحد، وهو أن هذا النظام لابد أن يتغير، فقد شاخ بأكثر مما يجب، وعندما تغير النظام عبر آليات لم تكن أمريكا بعيدة عنها اعتقد أوباما أنه يستطيع أن يقول للشىء كن فيكون فى منطقة الشرق الأوسط.
تكرر الأمر مرة أخرى.. فعندما قررت أمريكا أن يكون الرئيس إخوانيًا حدث هذا، رغم أن المرشح الذى دفعت به جماعة الإخوان المسلمين لم يكن الأقوى ولا الأكثر شعبية وتأثيرا.. لكن العصا السحرية التى تعتقد أنها تحملها هى التى وضعت فاشلا وباهتا على عرش مصر.
دعا هذا اوباما إلى الاعتقاد بأنه يمكن أن يكرر الأمر مرة أخرى مع عبد الفتاح السيسى، فهو لا يريده، يكرهه، يكن له العداء، فهو الرجل الذى أفشل له مخططاته، ووضع العصا فى عجلة الخطة الأمريكية التى كانت تسير بأقصى سرعة من أجل تقسيم المنطقة وعلى رأسها مصر.
لقد تحدث أوباما مع محمد مرسى مرتين، وكانت إحداهما مكالمة طويلة وودية، بل إنه تحدث مع أحمد شفيق تليفونيا وهو المرشح الخاسر أمام محمد مرسى، لكنه كان يرى أن شفيق أدى أداء جيدا يستحق التحية عليه فى الانتخابات الرئاسية، ثم إنه احترم تحيته وتهئنته لمحمد مرسى بعد إعلان النتيجة.
لكن عندما فاز عبد الفتاح السيسى فى الانتخابات الرئاسية لم يبادر باراك أوباما إلى تهنئته، تأخرت المكالمة بينهما ثمانية أيام كاملة، وعندما جاءت كانت باهتة للغاية، وبعدها خرج بيان الخارجية الأمريكية ليشير إلى المكالمة محملا بانتقادات للإدارة المصرية.
لقد رفض عبد الفتاح السيسى أن يرد على اتصالات أوباما بعد إسقاط محمد مرسى، كان يقول لمن يطلبون المكالمة إنه وزير دفاع وأن هناك رئيسًا لمصر اسمه عدلى منصور يمكن للرئيس الأمريكى أن يتحدث إليه، وقد يكون هذا هو سبب مكالمة أوباما للسيسى، فهو يرد الضربة، دون أن يدرى أن موقفه هذا لا يؤثر فى قليل أو كثير فى الإدارة المصرية التى تعرف جيدا أنها لا يمكن أن تعمل على خسارة مصالحها مع الأمريكان، كما يعرف الأمريكان جيدا أيضا أنهم لا يمكن أن يخسروا مصالحهم فى مصر.
محاولات الإهانة بين الطرفين استمرت حيث وصلت إلى أعمال القمة الأمريكية الإفريقية التى يرأسها أوباما بنفسه، هناك فيما يبدو تعمد فى تأخر دعوة السيسى للقمة، وهو ما رد عليه السيسى ببراعة فعندما وصلت الدعوة متأخرة، أعلن أنه لن يحضر وأوفد المهندس إبراهيم محلب ليرأس وفد مصر فى القمة، بل جرى ما هو أكثر، ففى نفس اليوم الذى بدأت فيه أعمال القمة فى أمريكا، كان السيسى يقف على أرض السويس ليدشن مشروع قناة السويس الجديد، فى إشارة إلى أنه ماض بمشروعه إلى النهاية، ولن يتوقف كثيرا أمام المؤامرات الأمريكية التى تستهدفه شخصيا قبل أن تستهدف مصر.
هناك إشارات كثيرة إلى حرب باردة بين السيسى وأوباما، ومن بين ذلك عندما كشفت فضيحة تجسس المخابرات الأمريكية على أصدقاء واشنطن وعلى رأسهم المستشارة الألمانية ميركل تردد عن دور للمخابرات المصرية فى الأمر، ورغم أن الأمر قد تكون به الكثير من المبالغات، إلا أنه لا يمكن استبعاد الأمر، خاصة أن حروب المخابرات التى تدخل المخابرات المصرية طرفا فيها لا تنتهى أبدا.
السيسى يمثل لأوباما كابوسا، فهو أحد الزعماء الذين يعيدون للعالم لغة الاستقلال الحقيقية، يرفض التبعية ويحافظ على كرامة بلده، لقد صدعنا محمد مرسى كثيرا بكلام نظرى عن استقلاله واستقلال قراره، وهو فى حقيقة الأمر يبيع البلد بالجملة والقطاعى، لكن السيسى بالنسبة للأمريكان هو صاحب مشروع استقلالى حقيقى، وهو المزعج بالنسبة لهم فى الأمر، فالعالم وعلى رأسه أمريكا لا يحب الأحرار، ولا يمكن أن يتركهم ليكملوا مشروعهم حتى النهاية، وأعتقد أن مشروع قناة السويس الذى أعلن عنه السيسى لن يمر مرور الكرام، خاصة أنه لا يضرب المصالح الأمريكية فقط، ولكن يضرب المصالح الإسرائيلية أيضا.
يراهن أوباما فيما يبدو على أن الشعب المصرى يمكن أن يخرج غاضبا على السيسى بسبب الحالة الاقتصادية التى يعيشها، دون أن يدرى أن الشعب المصرى اختار هذه المرة ما يريده بدقة، وسوف يتحمل الكثير كى ينجح هذا الاختيار، حتى لو كان الثمن حياته.
من بين أروع التعبيرات التى جمعت بين أوباما وفلاديمير بوتين أنهما يتقاتلان بجنود الآخرين، لا يريد كل منهما أن يخسر شيئا، فأن يموت الغرباء تحت أقدامهما فهذا أمر طبيعى لا يهز ضمائرهما.
كان الخبر الأهم يوم الاثنين 5 أغسطس عبر وكالات الأنباء العالمية هو ما قاله أوباما عن بوتين.
تحرش أوباما ببوتين بشكل علنى عندما قال إن الولاياتالمتحدة يجب أن تستعد للرد بحزم على التحديات الإقليمية الآتية من روسيا.
كان أوباما يتحدث إلى مجلة أيكونوميست البريطانية عندما قال أن بوتين يمثل عامل توتر جدى قد يهدد روسيا على المدى البعيد، والمعنى واضح فهو لا يرى أن بوتين يهدد أمريكا، بل يرى أنه يهدد بلاده، فى إشارة تحريضية واضحة إلى أن بوتين يمثل خطرا على روسيا ولابد من التخلص منه.
أوضح أوباما ما قاله من أنه على المدى القصير يمكن أن يحظى بوتين بشعبية سياسية داخل بلاده، لكنه يستطيع أن يثير قلقا فى الخارج، وحتى يؤكد أوباما خطورة بوتين، فقد قارن بينه وبين سلفه الرئيس الروسى السابق ديميترى ميدفيديف، حيث قال إنه أثناء شغل ديميترى منصب الرئاسة فى روسيا، استطاعت البلدان تحقيق تقدم كبير فى تطوير العلاقات الثنائية بينهما.
هناك أسباب كثيرة تدفع أوباما للتخلص من بوتين ومحوه من على الخريطة السياسية، وهناك أسباب كثيرة تجعل كراهية أوباما لبوتين منطقية للغاية، افتح القوس واكتب ثلاثة أسباب هى حرب القرم وإسقاط روسيا للطائرة الماليزية وضم أوكرانيا إلى السيادة الروسية.
لقد حاول أوباما أن يتدخل أكثر من مرة، لكن الرد الروسى كان دائما باردا، حدث هذا عندما نشرت روسيا قواتها فى أوكرانيا.. دخل على الخط جون كيرى وقال إن ما يحدث يهدد السلم والأمن الإقليميين وسيكون تأثيره عميقا على العلاقات الأمريكية الروسية، وبعد الهدوء جاءت العاصفة عندما حذر من أنه إن لم تتخذ روسيا إجراءات فورية لتخفيف حدة التوتر فإن تأثير ما يجرى على أرض أوكرانيا سيكون عميقا على العلاقات الأمريكية الروسية وكذلك على مكانة روسيا على الساحة الدولية.
كان هناك اتصال بين أوباما وبوتين.. حذر فيه أوباما الرئيس الروسى من أنه سيواجه عزلة دولية بسبب أوكرانيا، قال له بوضوح أعد قواتك إلى قواعدها فى القرم.. وتوعدها لأنه انتهك القانون الدولى.
وقتها أعلن البيت الأبيض أن الاتصال الهاتفى بين أوباما وبوتين استمر 90 دقيقة، وفيه أعلن أوباما أن الولاياتالمتحدة ستعلق مشاركتها فى الاجتماعات التحضيرية لاجتماع قمة مجموعة الثمانى فى سوتشى بروسيا، لكن الكرملين كانت له كلمة أخرى، فقد أشار إلى أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أبلغ باراك أوباما أن موسكو تحتفظ بحق حماية مصالحها ومصالح الناطقين بالروسية فى أوكرانيا.
وأضاف الكرملين فى بيان نشر على الإنترنت أن أوباما أبدى قلقه إزاء احتمال التدخل العسكرى الروسى فى أوكرانيا، لكن بوتين شرح له الأمر قائلا : "الخطر الفعلى الذى يتهدد حياة وصحة المواطنين الروس على الأراضى الأوكرانية وكذلك الأعمال الإجرامية للقوميين المتطرفين المدعومين من السلطات الحالية فى كييف".
بيان الكرملين أهان أوباما بشكل واضح، عندما حرص فى البيان المنشور على أن الرئيس الأمريكى هو الذى بادر إلى الاتصال بالرئيس الروسى، وكان حريصا أن يستمع إليه.
الأسباب الثلاثة التى جعلت أوباما يكره بوتين إلى درجة كبيرة، يقف بالقرب منها سبب رابع أعتقد أنه الأهم والأخطر والأولى بالتأمل، لقد وقفت روسيا سياسيا إلى جوار مصر فى ثورة 30 يونيو، وكانت زيارة السيسى إلى روسيا وهو لا يزال وزيرا للدفاع رسالة واضحة إلى أن روسيا هى الحاضرة فى مصر.
صحيح أن السيسى قال إن المصالح مع أمريكا لا يمكن التفريط فيها، لكنه فى الوقت نفسه يرفض زيارة أمريكا لحضور المؤتمر الأمريكى الإفريقى الذى كان سيقابل الرئيس الأمريكى خلاله، ويعلن أنه سيزور روسيا قريبا، بما يعنى للمرة الثانية أن الاتجاه شرقا هو الأفضل.. أو هو الأكثر واقعية.
هناك عامل نفسى مهم فى العلاقة التى تربط بين السيسى وبوتين، فالقيصر الروسى كسر أنف الرئيس الأمريكى، لا يشعره أنه ينفرد بحكم العالم، ويسيطر على كل شىء، بل إنه لم يعد يستطيع أن ينفذ ما يريده من خطط فى منطقة يعتقد أن أبناءها عبيد، فإذا بهم يقلبون عليه الطاولة.
إما أن يرحل.. وإما أن يسقط أوباما تحت أقدام يهود الكونجرس
كان اليهود والإسرائيليون جميعا يتشككون فى باراك أوباما، عرف من البداية ذلك، حاول أن يزيل أى لبس بينه وبينهم، فى القناة الثانية الإسرائيلية وقبل انتخابه رئيسا للولايات المتحدةالأمريكية قال للإسرائيليين: أنتم تشتبهون بى لأن اسمى الوسط «حسين».. وكان هذا حقيقيا بل إن مسئولين إسرائيليين أفصحوا من اللحظة الأولى لدخول أوباما البيت الأبيض أنهم يخططون لإسقاطه، لكن أوباما لم يسقط واستمر حتى الآن، فعلى ما يبدو أنه أزال أى شك فى نفوس اليهود تجاهه.
واحد من هؤلاء اليهود كان يثق فى أوباما.. هو نتنياهو، كان يرى فيه صديقا حقيقيا لإسرائيل.. بل كان يرى فيه صهيونيا متحمسا، كان مسحورا به منذ كان سيناتور – كما تشير إلى ذلك صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية - بل كان واحدا ممن تنبأوا بتسلم أوباما الرئاسة.. ومن بين ما جمع بينهما أن نتنياهو كان يرى أن أوباما توأمه فى مشروعات الإصلاح الاجتماعى، فهو إصلاحى من الخارج، كريم ووحيد شق دربه نحو القمة رغم النخب السياسية والاقتصادية.. فهو ممثل أصيل للمنبوذين.. وهما فى ذلك متشابهان تماما.
كل هذا جعل خبراء أمريكان وإسرائيليين يرون أن نتنياهو وأوباما شريكان فى درب واحد، وهو ما يجعلهما لا يضعان الخلافات تحت البساط، بل يوضحانها، وهو ما نتج عن عدد ساعات كثيرة جمعت بينهما فى حوار ممتد، وكان من بين ما يجمع أوباما ونتنياهو ما يقال من أن أوباما هو الرئيس الأمريكى القادر على أن يبلور تسوية إسرائيلية – عربية، ونتنياهو هو الزعيم الإسرائيلى القادر على أن يقرها فى الكنيست، تمهيدا بعد ذلك لأن يقوم الحكام العرب بإقرارها فى شارعهم.
لكن يبدو أن حالة التفاهم هذه تبخرت على هامش أحداث غزة الأخيرة، هل أشير مرة أخرى إلى المكالمة الهاتفية التى أذاعتها القناة الأولى الإسرائيلية وقالت إنها تمت بين أوباما ونتنياهو.
لقد أذاع التليفزيون الإسرائيلى مكالمة وصفها بأنها كانت قاسية جدا، فقد طلب أوباما من نتنياهو خلالها موافقة إسرائيل على وقف إطلاق النار أحادى الجانب، ووقف العمليات العسكرية الهجومية لا سيما الجوية، معربا عن قناعته بأن هذه الخطوة ستدفع حركة «حماس» إلى وقف إطلاق الصواريخ.
لكن نتنياهو - وكما نسبت له القناة الأولى الإسرائيلية - شدد على أن حماس “منظمة إرهابية تريد إبادة إسرائيل”، ورد عليه أوباما بالقول إنه يتوقع من تل أبيب أن تعلن وقفاً لإطلاق النار أحادى الجانب، منبهاً إلى أن صور الدمار القادمة من غزة تبعد دول العالم عن الموقف الإسرائيلى.
الخلاف تصاعد بعد ذلك، كان جون كيرى وزير الخارجية الأمريكية يحمل مقترحات للحل، لكن نتنياهو أعلن أن ما طرحه جون كيرى من مقترحات لوقف إطلاق النار «كان بعيداً كل البعد عن الواقع، وأعطى حماس أفضلية عسكرية ودبلوماسية».
لم تذهب كلمات نتنياهو فى الهواء، تصدى لها أوباما مرة أخرى، رد عليه بأنه بعد أسبوع من وقف العمليات العسكرية ستجرى قطر وتركيا محادثات مع حماس على أسس تفاهمات 2012 التى تشمل التزام إسرائيل برفع الحصار والقيود عن غزة، لكن نتنياهو لم يستسلم، رفض أى دور وساطة تقوم به قطر وتركيا، واصفا إياهما بأكبر داعم لحركة حماس، وبأنه لا يمكن الوثوق بقيامهما بدور الوسيط المستقيم على حد قوله، فرد عليه الرئيس الأميركى بأن بلاده تثق فى قطر وتركيا، وأن إسرائيل ليست فى وضع يسمح لها باختيار الوسطاء.
نتنياهو حذر فى نهاية المكالمة من أن حركة حماس يمكن أن تواصل إطلاق الصواريخ واستخدام الأنفاق “لأغراض إرهابية”، ليقول أوباما إن “الكرة فى الملعب الإسرائيلى، وعلى إسرائيل وقف كل العمليات العسكرية”.
هل تكشف هذه المكالمة شيئًا – البعض حاول التشكيك فى مصداقيتها من الأساس-؟
بالطبع تكشف الكثير، فهى تعنى أن شهر العسل الطويل بين أوباما ونتنياهو انتهى، وأن مواجهة قادمة بين الرئيس الذى يرى أن نتنياهو أصبح عقبة فى تحقيق أى تقدم فى القضية الفلسطينية ورئيس الوزراء الذى يرى أن أوباما فقد حماسه تماما لمناصرة إسرائيل.
يصر أوباما على أن تجرى انتخابات فى إسرائيل بعد انتخابات الكونجرس تتم فيها الإطاحة بنتنياهو، لكن الواقع يشير إلى أنه فى انتخابات الكونجرس يمكن أن يسقط ال 13 عضوا الذين يملكهم أوباما، وساعتها لن يكون له أى تأثير.. وفى الغالب سيسعى نتنياهو لتحفيز اليهود من أجل إسقاط رجال أوباما، إنها حرب بقاء، وليس أمامنا إلا أن ننتظر نتيجتها.