لم ينج أحد فى مصر أيا كان موقعه من الوقوع فى شباك تجسس جهاز مباحث أمن الدولة، لم يستطع أحد أن يغير واقعا لا يمكن الهروب منه حتى لو كان مدير المخابرات العامة، وهو ما حدث بالفعل فقد ضم جهاز أمن الدولة ملفات الكبار فى مصر، فى عهد الرئيس المخلوع عندما كانت إدارة المساعدات الفنية المختصة بالتنصت والتجسس على الهواتف لا ترحم صغيرا ولا كبيرا. كان هذا جزءا مما كشفته عقب ثورة يناير وإلغاء جهاز مباحث أمن الدولة، فقد علمنا أن عمرو موسى مرشح رئاسة الجمهورية والذى كان وزيرا للخارجية ثم أمينا للجامعة العربية حتى قيام ثورة يناير كان يتم التجسس على هواتفه وهواتف أسرته وبعض أقاربه المقربين من بيت الأسرة وبعض أصدقائة وأصدقاء زوجته وأبنائه. موسى كان له ملفان فى جهاز أمن الدولة يحتفظ بهما اللواء حسن عبد الرحمن المدير السابق والأخير للجهاز فى مكتبه، وكان الجهاز يكتب تقارير عن عمرو موسى كل ثلاثة أشهر تشمل تحركاته ومقابلاته وتفريغ مكالماته ومكالمات أسرته، ويتم رفع التقارير لوزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العادلى، ومنه إلى القيادة السياسية أى الرئيس المخلوع حسنى مبارك أو زكريا عزمى الذى كان أحيانا يلخص ما تحتويه هذه التقاير ويعرضها على مبارك. تقارير أمن الدولة عن عمرو موسى أشارت كما قال لى قيادة سابقة فى الجهاز أن تحركاته كثيرة جدا لأنه شخصية اجتماعية يهوى التعرف على الآخرين ولا يمل من الكلام والأحاديث إلى درجة الثرثرة، وعلاقاته تتسم بالود وأنه يجيد عمل الأشياء فى الأوقات المناسبة، أى بارع فى اختيار التوقيت ويحتفظ بعلاقات ودية حتى مع أعدائه. مدير المخابرات العامة السابق ونائب الرئيس السابق والمرشح الحالى لرئاسة الجمهورية «عمر سليمان» كان أيضا يتم التجسس عليه، ولم يسلم من متابعة وتحريات أمن الدولة ومحاولات اختراق دائمة لهواتفه وهواتف المحيطين به. كان أمن الدولة يحتفظ بملف واحد فقط يحوى بداخله تقارير عن عمر سليمان وعن أسرته وعن الأشخاص المحيطين به سواء فى العمل أو على مستوى الصداقة الشخصية، وكان أحيانا يتم التجسس على عمر سليمان وجميع أخباره عن طريق المحيطين به وكان عمر سليمان حريصًا جدا ويعرف جميع ألاعيب أمن الدولة وكان واثقا أن أحدا لا يستطيع مراقبته وهو ما جعل التجسس عليه سهلا، كما وضح المصدر،لأنه كان يتعامل مع الموضوع أحيانا باستهتار ومن هنا كنا نستطيع الوصول إليه وجمع تحريات ومعلومات عنه. ويكمل المصدر: فى أحيان أخرى كنا نفشل فى ذلك لبعض الوقت وهى الأوقات التى كانت المراقبه تشتد على المرافقين له والمحيطين به أى أننا فى جميع الأحوال كنا قادرين على معرفة تحركاته وأخباره، وهو ما كان يشمله التقرير الخاص به ويتم رفعه من رئيس الجهاز إلى الوزير ومنه إلى مبارك وزكريا عزمى الذى كان يتسلم تقارير الجهاز دائما عن الكبار، وكان يطلب هو أحيانا تقريرًا عن أحدهم خلال فترة معينة وكنا نقول أكيد «الراجل هو اللى عايز كده» طبعا كان المقصود مبارك. صفات عمر سليمان فى تقارير أمن الدولة كانت كالتالى: صعيدى عنيد جدا ويحظى بحب وتأييد الصعايدة وغامض بشدة ولا يعطى سره لأحد. «عبد المنعم أبو الفتوح» المرشح الرئاسى والذى كان سابقا أحد القيادات البارزة والمهمة فى جماعة الإخوان المسلمين كان يعرف عنه فى الجهاز أنه «ذو القناع المؤدب» وكان يحتفظ بعلاقات جيدة مع قيادات الجهاز السابق، صحيح أنها لم تتطور لمرحلة الصداقة مثل البعض ولكنها كانت علاقات متوازنة وكان يلتقى ببعض القيادات خارج الجهاز أو يتواصل معهم من خلال الاتصالات. يقول ملف أبو الفتوح إنه من صقور الجماعة رغم مظهره الهادئ وذو عقلية سياسية كبيرة ودبلوماسى فى معاملاته مع الآخرين، ولكنه ليس فاشلاً تنظيميا ولذلك كان يحضر دائما اللقاءات والمؤتمرات لأنه يتميز بالوجه المبتسم دائما والكلام المعسول وكان البعض يعتقد أنه من حمائم الجماعة ولكن ملفه يصفه «بصقور الجماعة» بسبب عقليته السياسية وكان دائما مختصًا بعمل المفاجآت التى تنسف عهود الجماعة مع أمن الدولة وبارع فى خلق المشاكل لأى أحد فيصيب الهدف ويربك جميع الحسابات فى أقل وقت ممكن. «خيرت الشاطر» مرشح جماعة الإخوان لرئاسة الجمهورية أول ما فعله عندما خرج من السجن العام الماضى وعقب الثورة أن قام بزيارة اللواء منصور عيسوى وزير الداخلية السابق فى مكتبه بالوزارة بدعوة من الداخلية فى إطار تحسين وجه الوزارة بعد ثورة يناير، استجاب الشاطر للدعوة وجلس مع عيسوى لمدة ساعة فى مكتبه. ملف الشاطر فى أمن الدولة كان يقول إنه شخصية شرسة جدا وذو عقلية تنظيمية وليس سياسية، فهو على النقيض فى ذلك من أبو الفتوح وبيده جميع الخيوط ومهيمن ومسيطر وذو شخصية قوية جدا وقيادية، لدرجة أن قيادات أمن الدولة كانوا يطلقون عليه «عبد الناصر الجماعة» نظرا لتشابه دور الزعيم الراحل جمال عبد الناصر فى الضباط الأحرار مع الدور الذى يلعبه الشاطر فى جماعة الإخوان. كما أنه يمتلك «كاريزما» أو قبولاً شديدًا جدا عند الكوادر الشبابية والمتوسطة فى الجماعة، ولكن القيادة السابقة فى الجهاز أكدت أنه لم تكن له اتصالات ودية مع الجهاز بل إن أمن الدولة كان يتعقبه دائما ويصنع له الأزمات وكان يحاول السيطرة عليه وتحجيمه بل وكان يجند أشخاصا لمراقبته وكتابة التقارير فيه من داخل الجماعة، وهو ما يجعل ضباط أمن الدولة الان يعيشون حالة من الخوف إذا حدث وأصبح الشاطر رئيسا للجمهورية لأنه سينتقم منهم وخاصة أنه يحبذ دائما الانتقام والأخذ بالثأر. «محمد مرسى» رئيس حزب الحرية والعدالة ومرشح الرئاسة والذى تم الدفع به أخيرا لدخول سباق الترشح، يؤكد ضباط أمن الدولة أن الإخوان دائما يضعون «احتياطى» مثل فرق كرة القدم وكانوا يفعلون ذلك فى الانتخابات يضعون قائمة أصلية وأخرى احتياطية وهو ماحدث الآن مع مرسى والشاطر مرشح أصلى والآخر احتياطى. «محمد مرسى» كان صديق «اللواء صلاح سلامة» رئيس جهاز أمن الدولة السابق وكان يزوره دائما فى مقر الجهاز فى لاظوغلى ومدينة نصر وكان حلقة الوصل أو بلغة أمن الدولة «مسئول الاتصال» بين أمن الدولة وجماعة الإخوان المسلمين بسبب علاقة الصداقة القوية التى كانت بينه وبين صلاح سلامة، وكان يقول عنه سلامة إنه شخص أمين وموثوق فيه، ولكن ملفه فى أمن الدولة يقول إنه ضعيف سياسيا وتنظيميا وذو قبول ضعيف بين كوادر الجماعة ومن المرجح أن تحدث انشاقات بين صفوفهم لأن منهم من رفض ترشحه وهو أضعف مرشحى الإخوان للرئاسة من حيث عقليته وقبوله عند الجماعة ومختلف كوادرها. «المستشار هشام بسطويسى» كانت أمن الدولة تراقبه مثل ظله، منذ عام 2003 وكان مريحًا جدا فى مراقبته ولا يعرف ألاعيب الهروب من المراقبة وملفه يضم تفريغ مكالماته وتحركاته وعلاقاته، وكانت أمن الدولة كثيرا ما تحاول اختراقه عن طريق العنصر النسائى كما كانوا يفعلون مع البعض، ولكن هذه المحاولة فشلت مع بسطويسى لأنه لا يستجيب إلى العلاقات النسائية ولا يغريه المال، وتقول القيادة السابقة فى الجهاز إنه عنيد جدا ولكنه أحيانا ينسحب من المعارك فى الوقت المناسب. «الدكتور محمد سليم العوا» المفكر الإسلامى والمرشح الرئاسى كان صديقا قويا لحسن عبد الرحمن رئيس جهاز أمن الدولة السابق وكان ينادى عليه حسن عبد الرحمن «بصديقى» وكان دائما يزوره فى مكتبه، وكان حسن لا يستقبل أحدا من ضباطه أو قيادات الجهاز طالما العوا فى مكتبه ويؤجل جميع أعماله ويقول لهم «مش هقابل حد معايا صديق تعالى سلم عليه والشغل بعدين» لأن الضباط كانوا يعرفونه لأنه كان دائم الزيارة وكان حسن يحبه جدا ويثق فيه لدرجة كبيرة رغم أنه كان من الصعب عليه أن يثق فى أحد غيره. بدأت العلاقة بين حسن عبد الرحمن وسليم العوا عام 2006 عندما تم استدعاؤه بشكل غير رسمى لمناقشة أحد الموضوعات الخاصة بالتيار الإسلامى وتقابل مع حسن عبد الرحمن ومن هنا بدأت بينهما الصداقة والتى استمرت منذ هذا الوقت وحتى ثورة 25 يناير. ويقول ملف العوا فى أمن الدولة إنه يحب التقرب من السلطة ويهوى صداقة الكبار والمسئولين والوزراء فى المواقع المهمة.