حالة هيستيرية أصابت نساء وأطفال قرية "باروط" التابعة لمركز بني سويف، عقب وصول خبر إستشهاد "عامر رمضان محمد" 19 سنة أبن القرية، الذى أستشهد فجر اليوم، فى حادث إستهدف ضابط و5 مجندين بسلاح حرس الحدود بمنطقة الفرافرة بمحافظة الوادى الجديد . كاميرا "الفجر" رصدت حالة القرية التى بعد وصول الخبر الآليم، والغريب أن للشهيد هناك قريب فالجميع تربطه صله قرابة ورحم ورائحة الطين الخصب تفوح من بين أيديهم الطيبة وفى مشهد مهيب آخر تعجز هوليود وبوليود التعبير عنها تتساقط الدموع بغزارة لدرجة هدأت من روع التراب الثائر من خطوات الرجال التى تحمل نعوش شرفاء الوطن إنخرط مراسلوا الصحف فى العزاء لما للموقف من هيبة ورهبة وسرنا فى طابور لا نعلم أين يبدأ وينتهى ولكن المعلوم هو المصاب والغدر وبات الجميع يدعوا بعد صلوات الجنازة على المعتدين وخائنى مصر وطالبوا الجيش بالقصاص بكل قسوة دون رحمة على كل من تمتد يده لتغتال شباب مصر الشرفاء.
فى البداية أجلسنا الحاج "عرفان سيد أبو الخير" الجار الملاصق لمنزل الشهيد على مصطبة منزله ناعياً المجند "عامر" الذى شهد من جيرته التى إمتدت لخمسين عاما مع والد الشهيد 21 عاما ربى فيها "عامر" مع ولده "مصطفى" وشهد له بحسن الخلق والطيبة والدوام على مساعدة والده فى العمل ليستطيع أن يلبى طلبات البيت الذى نشأ وتربى فيه مع والدية وخمسة من أشقاءه.
ووسط الصراخ ولطمات النساء المتتالية على وجوههن خرجت فتاه فى عمر الزهور ولكن معالم الحزن أخفت ربيعها حاملة صورة المجند الشهيد "عامر" فوق رأسها تنزلها تارة لتقبلها وتارة لتحتضنها، وقالت لنا أخى قبل إستشهاده بساعات إتصل بى وبأمى، وقال سلمولى على الجميع و، وعقب قضاءه لآخر جنازة له مر على فى بيت زوجى وقال لى سمعت أنك حامل رجاء منى لو جاء ولد سميه على أسمى عشان أنا حاسس إننى ذاهب ومش راجع تانى، جعلنى شقيقى أجهش فى البكاء وأحتضنه وأقول له :"ياواد أنا هجوزك بأيدى وهتربيللى ولادى مع ولادك" وكان تصرفات أخى فى منتهى الغرابة فعقب صلاة آخر جمعه حضرها بالقية طاف ليودع ويسلم على الأقارب والأحبة وكأن روحه كانت تسوقه للوداع ودخلت الشقيقة فى حالة هيستيرية ولم تسطع أن تكمل حديثها لنا وأستمرت فقط فى الدعاء على من نال من روحه البريئة.
أما الأم الثكلي فلا هى حيه ولا ميته فعيناها تبحث على كبدها وسط وجوه الأهالى وتحتضن ملابسه وصوره ولا يقدر أحد من مئات النساء أى يهدىء من روعها وتجمعت شيوخ القرية بعد أن طال الصراخ والبكاء كل بيوت القرية بباروت وقاموا بتهدأه روعاتهن مذكرين برحمة الله وفضله على شهدائه.
ولم يبق من قلوب الحاضرين شيئا ليحمل هول المشهد وروعته حتى قضت على الجميع شقيقه عامر الصغيرة التى لم تكمل عامها السابع الطفلة "عزة" فاجأت الجميع عندما قالت: لماذا تصرخون وتبكون على حبيبى "عامر" ؟ "أليس أخى بالجنة عند ربنا زى ما بتقولوا لى"ولا هو فى "حتة وحشة" ومش عاوزين تقلولى أسكتت تلك الكلمات الجميع، وهدأت من روع الأم وتعالت كلمة " لا إلاه الا الله" فى أرجاء البيت والقرية.