لعنة "الطلاق" أصبحت تطارد كل شاب وفتاة يفكرون بالزواج ، حيث ارتفعت بشكل لافت للنظر بالسنوات الأخيرة حالات الطلاق لتصل لأكثر من "70" ألف حالة في العام الماضي فقط.
وكشفت العديد من الدراسات التي خرجت من المركز القومي للبحوث الاجتماعية عن وجود أرقام كارثية ونسب تكشف الفترات التي يقع فيها الطلاق، وأيضا الأسباب المؤدية لها، وكانت الكارثة وقوع (49) في المئة من حالات الطلاق خلال أول عامين بالزواج، بينما وصلت إلى (18) في المئة بالفترة من 4 إلي 6 سنوات ، و(19) في المئة خلال الفترة من 7 إلي 10 سنوات، و(14) في المئة فقط من حالات الطلاق كانت بين من استمر الزواج بينهم لأكثر من 10 سنوات.
دراسة: حالة طلاق كل 6 دقائق في مصر
وفي دراسة أجرتها الدكتورة ليلي عبد الجواد، أستاذة علم النفس بالمركز القومي للبحوث الأجتماعية والجنائية، تبين أنه خلال عام (1997) وقعت 2 في المئة فقط من حالات الطلاق بمصر بين الزوجين، ولكن النسبة أرتفعت بشكل مثير للتساؤل إلى 11 في المئة سنة (2000)، ثم ارتفاع النسبة إلى 12.5 في المئة سنة (2006)، وبينت هذه الإحصائيات أن نصف حالات الطلاق المسجلة حوالي 52 في المئة منهم تمت ما بين "2 إلى 10 سنوات" من عمر الزواج، وأوضحت الدراسة أن نسبة 52% من الطلاق يحدث في الفترة العمرية للزوجين ما بين 20 و30 سنة.
وفي إحصاء أخر، صدر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء تبين حدوث حالة طلاق كل 6 دقائق في مصر، مما يشير إلى الوضع الكارثي الذي أصبح يهدد المجتمع المصري حالياً.
وكشف الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن وقوع "778" ألف حالة طلاق منها "12332" فقط خلال السنة الأولى من الزواج، أما باقي حالات الطلاق تتراجع النسب في السنوات الأخرى من الزواج.
كما أوضحت دراسة صادرة عن مركز معلومات دعم وإتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، في بداية العام الماضي، ارتفاع معدلات الطلاق خلال الخمسين عاماً الماضية من 7% إلى 40%، ووصل عدد المطلقات في مصر تقريباً إلى 2.5 مليون مطلقة.
وفي الوقت الذي يتزايد فيه نسب الطلاق بالمجتمع المصري تتعدد الأسباب وتختلف أشكاله وطريقة حدوثه بين الزوجين، فالحالة الأقتصادية تعد أحد هذه المشاكل وخاصة بعد تزايد نسب البطالة بين الشباب وعدم توافر فرص عمل تتيح له توفير بعض من المال في إعانته على مصاريف الحياة الزوجية، ولا سيما بعد تدهور الحالة الأقتصادية بمصر في الأعوام الثلاثة الأخيرة وإرتباطها بالحالة الأمنية والسياسية التى يعيشها المجتمع المصري بعد ثورة (25 يناير).
كما يعد تدخل الأهل في حياة الزوجين من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق مبكراً، وهو ما وجد في أغلب الدراسات التي أجريت عليه، ويظهر أيضا أسباب مختلفة ومتعددة منها (الخيانة الزوجية_ الجفاف العاطفي_ وعدم الإنجاب_ والإدمان_ووظهور أنماط أخري من العلاقات الزوجية مثل زواج المسيار_والزواج القسري).
إجبار على الزواج وإهانة يومية
"تزوجت وأنا عمري 17 سنة من رجل في الرابعة والثلاثين من عمره، أي ضعف عمري، وعلى الرغم من رفضي الزواج منه لأسباب كثيرة، ولكن والدي أجبرني على الزواج، ولكني لم أكن سعيدة بهذا الزواج، وبعد إستمرار زواجي لأكثر من ثماني سنوات من العذاب اليومي والضرب والإهانة بصفة متكررة، ورغم إنجابي لولدين خلال فترة الزواج، فكان طلبي الوحيد هوالطلاق وإسترداد حريتي المفقودة، بالرغم من رفض الأهل هذا القرار بالبداية ومحاولتهم إقناعي بعدم التسرع في إتخاذ هذا القرار، لكن إصراري كان هو الحاسم بالنهاية، ورغم شعوري بالإرتياح الشديد بعد الطلاق ولكن أواجه صعوبات كثيرة لم أكن أتوقعها منذ طلاقي، ومنها ابتعاد صديقاتي المتزوجات عني خوفاً على أزواجهم".. كانت هذه حالة "إبتسام .ع" البالغة من العمر 30 عاما.
خيانة زوجية
"خيانة زوجية كانت وراء طلاقي من زوجي، وعدم احترام مشاعري، رغم مسامحتي له أكثر من مرة، ولكن تمادي بالاستمرار، حتى وصل بي الأمر إلى رغبتي بالطلاق وعدم قدرتي على التحمل أكثر من ذلك".. هكذا تروي "ميادة. م" البالغة 28 عاما.
ابنه منطقة إمبابة، تقول إنها لا تزال تواصل حالة من التخبط في حياتها اليومية بعد الطلاق من زوجها منذ 3 سنوات، مضيفة: "يزيد على عاتقي أولادي الثلاث وكيفية توفير المجهود المطلوب لتربيتهم أو المصاريف اليومية، ولكن أواجه يومياً مضايقات بصفة مستمرة من المحيطين بي ونظرة الطمع في أعينهم بعد طلاقي".
أستاذة علم نفس: "الترامادول" يسبب الضعف الجنسي للأزواج.. ويختمها بالطلاق
وكشفت الدكتورة ليلي عبد الجواد، أستاذة علم النفس بالمركز القومي للبحوث الأجتماعية والجنائية، أن الأسباب الشخصية بين الزوجين هي من اكبر العوامل التي كان لها دور في إنهاء الحياة الزوجية بالطلاق، وفي كثير من الحالات التي جرت عليها الدراسة أتضح عدم تكيف الزوج أو الزوجة مع سلوكيات الطرف الأخر، وأيضا ضعف شخصية الراجل وهو ما ترفضه الزوجة والمطالبة بالطلاق بداعي عدم التوافق الفكري.
وأكدت عبد المجيد، في تصريح ل"الفجر"، أن من أكبر عوامل الطلاق بين الزوجين عدم "التوافق الجنسي"، وهو ما أرجعته للدور الثقافي الخاص بنا بعدم معرفة الأم أو تعليم ابنتها معرفة التعامل مع زوجها، مضيفة أن الأخطر من كل ذلك "الضعف الجنسي"، وهذا ما تكتشفه الزوجة في ثاني أو ثالث يوم من الزواج، ويرجع ذلك إلى انتشار المخدرات وبصفة خاصة "الترامادول"، وهو ما يستخدمه الشباب على أنه مقوي للقدرة الجنسية، ولكن استمرار تعاطيه بصفة مستمرة يؤدي إلى ضعف جنسي، ويظهر ذلك في فترة زمنية لا تتعدى العام الواحد، وتؤدي هذه المشكلة الخطيرة في طلب الزوجة الطلاق وعدم الاستمرار مع الزوج.
الجندي: لابد من تعديل الفتاوى الخاصة بالأحوال الشخصية
فيما أرجع الداعية الإسلامي الشيخ "خالد الجندي، تزايد نسبة الطلاق في مصر بالأونة الأخيرة إلى الظروف الاقتصادية السيئة، والتقلبات السياسية المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وأضاف الجندي، "، في تصريح خاص ل"الفجر"، أن قلة الوازع الديني، وعدم توفر الوعي الفقهي لدى المتزوجين، وخاصة فيما يتعلق بأمور الزواج وأحكام الطلاق وصحته، من أهم وأخطر الأسباب التي تؤدي إلى الارتفاع الجنوني في معدلات الطلاق.
وأوصى الجندي بضرورة العمل على محو الأمية الفقهية لدى الأزواج، وذلك بالعمل على سن قانون لا يجيز إجراء عقد الزواج بدون حصول كلا الزوجين على شهادة معتمدة من أحد المعاهد الإسلامية المتخصصة في الوعي الفقهي، بحيث لا تقل فترة دراستهما فيها عن شهرين، مشددا على ضرورة تعديل الفتاوى الخاصة بالأحوال الشخصية، وأحكام الزواج والطلاق، بما يتلائم مع تغيرات العصر، والإجماع عليها من الفقهاء.