حينما تطأ قدماك قرية "أطسا المحطة" التابعة لمركز سمالوط شمال محافظة المنيا, سرعان ما تعصف بك المشاهد التى لا تكاد تراها إلا فى بعض كتب التاريخ القديم والصور التى توثق الماضى, حيث الحياة البدائية التى تعكس مدى الفساد والإهمال والتعسف فى أداء الواجب . كانت قد اندلعت اشتباكات دامية بين قريتى ''إطسا البلد'' و''إطسا المحطة" التابعتين لمركز سمالوط شمال محافظة المنيا فى أواخر عام 2011 استمرت لأكثر من 7 أشهر, سقط خلالها عشرات الضحايا, بسبب خلافات للمطالبة بإنفصالهما عن بعض.
وعقدت الأجهزة الأمنية ومسؤولو المحافظة جلسات صلح بين القريتين فى عهد الرئيس السابق "محمد مرسى" لوقف نزيف الدماء بين القريتين .
"كارثة إنسانية فى حق الطفل والتعليم"
فى قرية "أطسا المحطة" ترى الواقع المأساوى الذى يعيشه طلاب مدرشة الشهيد "عمر مصطفى عبد الحليم" للتعليم الأساسى, حيث بناءها البدائى من الطوب الجيرى والأسقف الخشبية فى بعض حجراتها الضيقة التى تعد فصولاً لتلقى العلم, تبدو المدرسة كالمقابر حيث السور القصير الذى يحيطه مساحات واسعة من الرقعة الخضراء .
انتقلنا إلى قرية أطسا المحطة لتنقل المعاناة التى يواجهها تلاميذ المدرسة التى تضم أكثر من 700 تلميذ يتلقون دروسهم تحت سقف أمطار الشتاء ويأويهم حر الصيف ويحتمون بالحشرات والثعابين والعقارب .
وما رصدناه من أوضاع داخل المدرسة التى تعود بنا إلى عشرات السنين بسبب بنيانها المتكون من البلوك الحجرى بدون اية تشطيبات, وأرضيات بلا بلاط ومعظم الفصول بلا أسقف, ودورات المياه غير صالحة للإستخدام, وأيضًا تحطم المقاعد وتكدس التلاميذ داخل الفصول يعد "كارثة" بكل المقاييس .
لم يتنهى الأمر عند ذلك, بل إن المدرسين يجلسون علي "المصاطب" وحجرة مدير المدرسة مسقوفة ب"جريد النخيل" .
أوضح عدد من أهالى قرية "أطسا المحطة" وبعض المدرسين, أن تلك المشكلة هى نتاج صراع وأحداث دامية وقعت بين قريتى "أطسا البلد والمحطة" والتى أسفرت عن سقوط ضحايا من الجانبين .
وأضافوا, أنه تم إنهاء هذا الصراع العام الماضى من خلال فصل القريتين إداريًا ومحليًا مما ترتب على هذا القرار حرمان قرية أطسا المحطة من جميع المدارس لوقوعها بزمام القرية الأخري, وأصبح طلاب أطسا المحطة, الذين يتخطون ال 1600 طالب بلا مدارس مما دفع قيام أحد أهالى القرية بالتبرع بقطعة أرض مساحتها 2367 متر مربع لصالح هيئة الأبنية التعليمية تقع وسط الزراعات, وتمت كل الإجراءات والموافقات غير أن وزارة الزراعة إعترضت علي البناء بأرض زراعية فأضطر الأهالي لبناء مدرسة بدائية بالجهود الذاتية للحؤول دون تشرد أطفالهم وحرمانهم من التعليم .
"خلف صالح" ناظر المدرسة, يقول: إن العملية التعليمية تسير بشكل منتظم رغم التحديات التي تواجه العاملين بالمدرسة والتلاميذ بسبب وقوع المدرسة وسط الزراعات من كل ناحية وخلف الفصول يوجد "مسقي" تشكل بؤره لتجمع القوارض والذباب والناموس والثعابين والعقارب التى تقتحم الفصول .
فيما قال التلاميذ بالمدرسة: إنهم لا يستطيعون التركيز أوالاستيعاب الكامل من المعلمين بسبب وضع المدرسة الغير مناسب لتلقى العلم .
وأضحوا أن معظم الفصول بدون أسقف وبها تشققات, وهناك فراغات بين البلوكات الحجرية تسمح بدخول الثعابين والقوارض, مشيرين إلى أنهم يجلسون علي "المصاطب" للتحضير للحصص لعدم وجود آثاث بالمدرسة, ويقضون "حاجاتهم" بالمساجد المجاورة لعدم وجود دورات مياه ملائمة بالمدرسة .
وواصل أهالى القرية والمدرسون سرد معاناتهمقائلين: إن المشكلة تكمن فى عدم موافقة وزارة الزراعة على بناء مدرسة على الأرض الزراعية حتى تتمكن هيئة الأبنية التعليمية من بناء مدرسة مطابقة للمواصفات, مطالبين جميع المسؤولين باستثناء تلك القطعة لبناء المدرسة عليها .
كما وجَّه أهالى القرية سؤالًا لحكومة "محلب" مفاده, "كيف تقفون مكتوفى الأيدى على وجود عشرات الآلاف من حالات التعدى علي الأراضي الزراعية علي مستوي الجمهورية بخلاف البناء العشوائي, وتوصيل المرافق علي أراضي الإصلاح الزراعي بجميع قري المنيا, بينما ترفض وزارة الزراعة الموافقة علي بناء المدرسة بحجة أن الأرض المتبرع بها "زراعية" وليست ملاصقة للكتلة السكنية .