السعودية تدعو باكستان وأفغانستان إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد الحدودي    منتخب الإمارات يتصدر ترتيب المجموعة الأولى لملحق آسيا المؤهل للمونديال    إيناس الدغيدي تروي القصة الكاملة وراء لقائها بزوجها: قارئ فنجان وصديق سبب البداية الغريبة    التحرير والتطهير.. نهضة عمرانية وخدمية كبرى تغير وجه أرض الفيروز    أخبار كفر الشيخ اليوم.. استمرار البحث عن جثمان غريق في مياه ترعة ميت يزيد    موسى أبو مرزوق يوضح بنود اتفاق وقف إطلاق النار.. أين ستتمركز القوات الأجنبية؟    فرحة الاكتساح.. العنانى على قمة اليونسكو.. سبيكة ثقافية مصرية فريدة صهرتها طبقات متعاقبة من الحضارات    رشاد العرفاوي يشيد بتألق اللاعبين التونسيين في الدوري المصري ويعتبر علي معلول رمزًا للنجاح    هدوء في اليوم الرابع لتلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب بالفيوم دون متقدمين جدد    بالتعاون مع شركة "دراجر" العالمية.. "وزير الصحة" يبحث تطوير وحدات العناية المركزة بالمستشفيات    هاتريك تاريخي.. هالاند الأسرع وصولا إلى 50 هدفا دوليا مع النرويج    إنزو فيرنانديز يغادر معسكر الأرجنتين بسبب الإصابة.. وتشيلسي يقيم حالته    تعرف على برنامج "السينما السعودية الجديدة" للأفلام القصيرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي    مي مصطفى تطلق ميني ألبوم جديد بعنوان "أنا النسخة الأصلية" خلال أيام    هاني إبراهيم: جائزة الدولة التقديرية تعزز الهوية الثقافية المصرية    أوقاف الفيوم تكرم الأطفال المشاركين في البرنامج التثقيفي بمسجد المنشية الغربي    محمد كمال: عودة أهالي غزة إلى الشمال رسالة قوية على تمسكهم بأرضهم...فيديو    ما هو شلل المعدة؟ .. الأسباب والأعراض والعلاج    وزير الرياضة يتابع الاستعدادات الخاصة بالجمعية العمومية للأهلي    تصاعد اعتداءات المستوطنين على قاطفي الزيتون بالضفة الغربية    الأجهزة الأمنية بالغربية تفحص فيديو لموكب حركات إستعراضية بزفة عروسين ب بسيون    هنادي مهنا أول الحاضرين في عرض فيلم «أوسكار - عودة الماموث»    مصرع تاجر مخدرات في تبادل النيران مع الشرطة بقنا    هالاند يقود النرويج لاكتساح إسرائيل بخماسية فى تصفيات كأس العالم    محافظ المنيا: رعاية النشء والشباب أولوية لبناء المستقبل وخلق بيئة محفزة للإبداع    مستشفى "أبشواي المركزي" يجري 10 عمليات ليزر شرجي بنجاح    مياه الغربية: تطوير مستمر لخدمة العملاء وصيانة العدادات لتقليل العجز وتحسين الأداء    صوروه في وضع مخل.. التحقيقات تكشف كواليس الاعتداء على عامل بقاعة أفراح في الطالبية    القسوة عنوانهم.. 5 أبراج لا تعرف الرحمة وتخطط للتنمر على الآخرين    9 مرشحين بينهم 5 مستقلين في الترشح لمجلس النواب بالبحر الأحمر ومرشح عن حلايب وشلاتين    رئيس جامعة الأزهر يوضح الفرق بين العهد والوعد في حديث سيد الاستغفار    محافظ الأقصر: مطالب المواطنين في القرى على رأس أولويات خطة العمل    رسميًا.. موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 وتغيير الساعة في مصر    عالم أزهري يوضح أحكام صلاة الكسوف والخسوف وأدب الخلاف الفقهي    عالم أزهري يوضح حكم تمني العيش البسيط من أجل محبة الله ورسوله    وفقًا لتصنيف التايمز 2026.. إدراج جامعة الأزهر ضمن أفضل 1000 جامعة عالميًا    وزير خارجية الصين يدعو إلى تعزيز التعاون الثنائي مع سويسرا    QNB يحقق صافى أرباح 22.2 مليار جنيه بمعدل نمو 10% بنهاية سبتمبر 2025    نزلات البرد.. أمراض أكثر انتشارًا في الخريف وطرق الوقاية    قيل بيعها في السوق السوداء.. ضبط مواد بترولية داخل محل بقالة في قنا    معهد فلسطين لأبحاث الأمن: اتفاق شرم الشيخ يعكس انتصار الدبلوماسية العربية    «الري»: التعاون مع الصين فى 10 مجالات لإدارة المياه (تفاصيل)    تفاصيل لقاء السيسي بالمدير العام لليونسكو (صور)    الجو هيقلب.. بيان عاجل من الأرصاد الجوية يحذر من طقس الأيام المقبلة    الداخلية تكشف حقيقة سرقة شقة بالدقي    المستشارة أمل عمار تشارك في فعاليات القمة العالمية للمرأة 2025 في الصين    القنوات الناقلة لمباراة الإمارات وعُمان مباشر اليوم في ملحق آسيا لتصفيات كأس العالم    منظمة العمل العربية تطالب سلطات الاحتلال بتعويض عمال وشعب فلسطين عن الأضرار التي سببتها اعتداءاتها الوحشية    غدًا.. محاكمة 60 معلمًا بمدرسة صلاح الدين الإعدادية في قليوب بتهم فساد    تقديم 64 مرشحًا بأسيوط بأوراق ترشحهم في انتخابات النواب    «المشاط» تبحث مع المفوضية الأوروبية جهود تنفيذ آلية تعديل حدود الكربون CBAM    زراعة المنوفية: ضبط 20 طن أسمدة داخل مخزنين بدون ترخيص فى تلا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    الرباعة سارة سمير بعد التتويج بثلاث فضيات ببطولة العالم: دايمًا فخورة إني بمثل مصر    الرعاية الصحية: تعزيز منظومة الأمان الدوائي ركيزة أساسية للارتقاء بالجودة    منها «القتل والخطف وحيازة مخدرات».. بدء جلسة محاكمة 15 متهما في قضايا جنائية بالمنيا    أسعار اللحوم اليوم السبت في شمال سيناء    «رغم زمالكاويتي».. الغندور يتغنى بمدرب الأهلي الجديد بعد الإطاحة بالنحاس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نماذج التعايش مع الآخر: سياسة الرسول في وقف الحرب وعصمة الدماء
نشر في الفجر يوم 20 - 03 - 2014

جاء الإسلام دينا للسلام بين شعوب الأرض‏,‏ قال تعالى‏: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات‏:13] والتعارف لا يأتي إلا عن طريق السلام‏,‏ كذلك أرسل الله عز وجل رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين‏: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء‏:107],‏ ولهذا كانت سياسة الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة هي نبذ الحرب واتقاءها نظرا لما تخلفه من تدمير وتخريب, فقال: «أيها الناس لا تمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية, فإذا ليقتموهم فاصبروا» (البخاري 3/1082), كما أوصى جيش المسلمين في الحروب بقوله: «انطلقوا باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله, لا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا صغيرا ولا امرأة.. وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين» (أبو داود 3/37).

فالمنهج تجاه الحروب هو تجنبها قدر الاستطاعة, لأنها استثناء, فإن كانت فعلى المسلمين الصبر والثبات وعدم التجاوز: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة:190].

والسلام هو المبدأ الرئيس, وهو الغاية والهدف, أما الحرب فهي إحدى وسائل تحقيق هذا الهدف, قال تعالى: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} [النساء:90]. وجاءت آية أخرى تحث على السلم وتؤكده في مبدأ قرآني رباني يتميز بالقطع والشمول والعموم في كل زمان ومكان: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال:61].

ومن لطائف حرص الإسلام على السلام أن القتال لم يشرع في القرآن أمرا, بل جاء إذنا فقال سبحانه: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج:39], ذلك أن الحرب هي شر لدفع شر أكبر منه, فالنفس البشرية تعودت على أن بعض الشرور لا تدفع بالخير, بل لا تقهر إلا بشر آخر, قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [البقرة:216].

ومن أهداف الإسلام في الحرب عصمة الدماء لأدنى شبهة, فلا يحل دم من نطق بالشهادتين, لأننا أمرنا بالأخذ بالظاهر وعدم التفتيش عن قلوب الناس, ولو أظهر أحد المقاتلين الشهادة عصم دمه وأمن, فقد قال المقداد بن الأسود: يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها, ثم لاذ مني بشجرة فقال: أسلمت لله, أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقتله». قال: فقلت يا رسول الله إنه قد قطع يدي, ثم قال ذلك بعد أن قطعها, أفأقتله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقتله, فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله, وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال» (مسلم 1/54).

وفي هذا المعنى قال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء:94], ومعنى ألقى السلم أظهره بينكم, والسلام سواء عند من قرأها بالألف أو بدونها, هو مشترك بين معنى السلم ضد الحرب ومعنى تحية الإسلام، فهي قول: السلام عليكم, ومقتضى الإطلاق أن من قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله أو قال إني مسلم يحكم له بحكم الإسلام. قال الإمام الشافعي: إنما منع رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل المنافقين ما كانوا يظهرونه من الإسلام مع العلم بنفاقهم, لأن ما يظهرونه يجب ما قبله, ويؤيد هذا قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المجمع على صحته في الصحيحين وغيرهما: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها, وحسابهم على الله», ومعنى هذا: أن من قالها جرت عليه أحكام الإسلام ظاهرا, فإن كان يعتقدها وجد ثواب ذلك في الدار الآخرة, وإن لم يعتقدها لم ينفعه في الآخرة جريان الحكم عليه في الدنيا, وكونه كان خليط أهل الأيمان (ابن كثير 1/90).

ولذلك فحديث الأمر بالقتال تحديد لغاية يتوقف عندها القتال مهما كانت أسبابه, فهو حديث رحمة وتسامح, وليس كما اشتبه على البعض أنه يحدد غاية يستمر من أجلها القتال.

قال الشيخ رشيد رضا: والتحقيق أن المراد من الحديث هو ترك الكفر والدخول في الإسلام, وللدخول في الإسلام صيغة وعنوان يكتفى به في أول الأمر, ولا سيما مواقف القتال, وهو النطق بالشهادتين, وقد يكتفى من المشرك بكلمة: لا إله إلا الله, لأنهم كانوا ينكرونها, وهي أول ما دعوا إليه, بل أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على خالد بن الوليد قتل من قتل من بني جذيمة بعد قولهم صبأنا, وقال: «اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد», وذلك أنهم كانوا يعبرون بهذه الكلمة عن الإسلام فيقولون: صبأ فلان: إذا أسلم, والحديث في مواضع من صحيح البخاري وغيره, وإنه -أي الحديث- وارد في بيان الغاية التي ينتهي إليها قتال من يقاتلنا من الكفار, فلا يدخل في معناه بيان ما يصير به المؤمن كافرا (تفسير المنار 10/153).

وهذا ما نجده في هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في عصمة الدماء جميعها، وتأكيد أن الحرب هي للذود عن حياض الإسلام, سواء كانت دفاعا عن دياره من هجمات الأعداء, أم درءا للمخاطر التي يغلب الظن البين للقائمين على شئون البلاد أن العدو في حكم من أعلن القتال والعدوان, وإلا فالأصل نبذ الحروب والدعوة إلى السلم واحترام كرامة الإنسان فضلا عن الحفاظ على نفسه ومراعاة أنه صنعة الله وخلقه وأن فيه سرا من روح الله: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [الحجر:29].


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.