خفض وزير المالية المصري هاني دميان اليوم الأربعاء توقعات بلاده المثقلة بالأعباء المالية للنمو الاقتصادي خلال السنة المالية 2013-2014 ليتراوح بين 2 و2.5 بالمئة. ونقلا عن موقع أصوات مصرية، تقل أحدث أرقام للنمو المستهدف عن المستوى المعلن من قبل في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي وهو ما بين 3 و3.5 بالمئة للسنة المالية 2013-2014 مما يسلط الضوء على المتاعب التي يواجهها الاقتصاد.
وقال دميان ردا على أسئلة لرويترز في مؤتمر صحفي عقد بالقاهرة اليوم "نسب النمو السابقة أعلن عنها تقريبا منذ فبراير 2013 وفي عهد حكومة الببلاوي أيضا ولكن وفقا للظروف الحالية ستكون بين 2 إلى 2.5 بالمئة."
وتضرر الاقتصاد المصري جراء اضطرابات على مدى ثلاثة اعوام منذ انتفاضة عام 2011 التي اطاحت بالرئيس المصري حسني مبارك.
وتواجه حكومة رئيس الوزراء الحالي إبراهيم محلب نقصا في السيولة وهبوطا في عائدات السياحة وتراجعا في احتياطيات العملة الصعبة عما كانت عليه في يناير 2011 عند 36 مليار دولار لتصل الآن إلى نحو 17.3 مليار دولار.
ورفع دميان خلال رده على أسئلة رويترز في المؤتمر عجز الموازنة المتوقع خلال السنة المالية الحالية إلى ما بين 11 و12 بالمئة في أفضل حال قائلا إن العجز يميل أكثر إلى 12 بالمئة.
وقال "الحكومة السابقة أخذت في الاعتبار عند خفض العجز معدلات نمو أعلى من المحققة فعليا."
وأضاف خلال السنة المالية 2014-2015 نتوقع أن ينخفض العجز بين 10 و10.5 بالمئة.
وتوقع تقرير سابق لوزارة المالية في العام الماضي أن يبلغ العجز 9.1 بالمئة في 2013- 2014 انخفاضا من 13.8 بالمئة في 2012-2013.
وعين دميان وزيرا للمالية في الشهر الماضي ضمن تغيير مفاجيء للحكومة وذلك قبل وقت قصير من انتخابات الرئاسة المتوقعة في غضون شهرين أو ثلاثة أشهر التي يرجح أن يفوز بها القائد العام للقوات المسلحة المشير عبد الفتاح السيسي.
وأطاح السيسي بالرئيس الإسلامي محمد مرسي في يوليو تموز الماضي إثر احتجاجات على حكمه ما أكسبه شعبية كبيرة بين المصريين.
وتعهدت الحكومة التي تشكلت حديثا ببذل قصارى جهدها لتحقيق ثلاثة مطالب قديمة هي تعزيز الأمن وتحسين الأحوال الاقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية لملايين الفقراء وغير المتعلمين. ضريبة استثنائية على الأغنياء
وقال وزير المالية إن بلاده ستعمل على توزيع العبء الضريبي على أكبر عدد ممكن من الناس عدا الفقراء والأولى بالرعاية خلال الفترة المقبلة بالاضافة إلى التدرج الضريبي التصاعدي بزيادة الضريبة كلما زاد الدخل
وأضاف دميان إن وزارته تدرس الآن آليات فرض ضريبة خمسة بالمئة على أصحاب الدخول العالية لمدة عامين على أن تعرض هذه الآليات قريبا على مجلس الوزراء.
وتفرض مصر حاليا ضريبة تبلغ 25 بالمئة على من يزيد دخلهم السنوي عن 250 الف جنيه.
وقال مصطفى عبد القادر رئيس مصلحة الضرائب لرويترز على هامش المؤتمر الصحفي اليوم إن هذه ليست أول مرة تفرض ضريبة استثنائية على أصحاب الدخول المرتفعة في مصر وانما سبق فرضها بعد حرب عام 1967.
وأوضح عبد القادر إنه سيتم تطبيق الضريبة الاستثنائية على الأفراد وليس الشركات. دعم الطاقة
وقال دميان الذي عين وكيلا لوزارة المالية في عام 2007 وعمل تحت رئاسة وزير المالية حينئذ يوسف بطرس غالي إن دعم الطاقة في بلاده لا يمكن أن يستمر على النحو الحالي.
ويلتهم الدعم -الذي بدأت مصر تطبيقه في عهد الرئيس جمال عبدالناصر قبل خمسة عقود- العملة الأجنبية التي يمكن استخدامها في سداد مستحقات شركات الطاقة الأجنبية وتحسين شروط السداد لتشجيع الاستثمار.
وقال دميان "دعم الطاقة المدرج على الموازنة حاليا 130 مليارجنيه وغير المدرج فعليا لدى هيئة البترول المصرية يزيد هذا الرقم إلى 300 مليار جنيه."
وأضاف "مصر أنفقت على دعم الطاقة وغيره من الدعم الموجه للمواطنين نحو 1000 مليار جنيه خلال آخر عشر سنوات. هل حدث تطور لحال المواطنين؟ لا أعتقد."
وتمتد جذور أزمة الطاقة في مصر إلى ملف دعم الوقود الذي يكلف الحكومة 15 مليار دولار سنويا أي خمس الموازنة العامة. وبفضل الدعم يدفع المصريون أسعارا أقل بكثير من أسعار السوق ولا يوجد ما يدفعهم لخفض الاستهلاك.
ويجمع وزراء الحكومة المصرية على ضرورة إصلاح نظام الدعم. لكن الوقود والغذاء يمثلان أمرا حساسا للغاية في أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان. وأثار قرار خفض دعم أسعار الخبز عام 1977 أعمال شغب في عهد الرئيس أنور السادات.
وساعدت الاحتجاجات الشعبية على الإطاحة برئيسين منذ عام 2011.
وقال دميان إن حكومته ستعمل على حل مشكلة دعم الطاقة من خلال "تحريك الأسعار بطريقة ممنهجة وتحجيم الكميات من خلال استخدام البطاقات الذكية التي ستقيس الكميات التي تستهلك حاليا ومن خلال استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة."
الأجور وقال وزير المالية دميان إن بلاده تدفع أجورا سنوية للعاملين بالدولة تقدر بنحو 180 مليار جنيه (25.9 مليار دولار) خلال السنة المالية الحالية مقابل ما يتراوح بين 80 إلى 85 مليار جنيه في السنة المالية 2009-2010.
وأضاف دميان إن الضغط الشعبي على الحكومات المتتالية بعد (انتفاضة) 2011 والاضرابات وراء الارتفاع الكبير في الأجور.
وتابع "لا أقول ان نخفض الأجور لكن لابد من ترشيدها خلال هذه الفترة. على الأقل نتوقف عن الزيادة حتى ينخفض التضخم."
وأردف أن حجم العمالة في مصر 26 مليون موظف "وإذا أتقن هذا العدد عمله بنصف طاقته فقط سنحقق معدلات نمو سنوية تتراوح بين ستة وسبعة بالمئة."
ويطالب العمال في مصر بأجور عادلة تتماشى مع غلاء الأسعار وتأمين صحي واجتماعي وتوفير الحماية من مخاطر العمل وتطبيق معايير السلامة المهنية في أماكن العمل. تحسين الاقتصاد
وقال دميان إن بلاده تحتاج إلى مناهج وعقلية جديدة في إدارة الأعباء المالية المتزايدة من خلال التحول من إدارة الاقتصاد القائم على نظام التجزئة إلى إدارة اقتصاد قومي.
وأضاف إن الوضع الحالي للبلاد يحتم العمل بسياسات "توازنية" تدعم آليات السوق الحر وتحافظ على المؤشرات الاقتصادية.
ويرى دميان أن بلاده "لن تعيش على المعونات."
وقدمت السعودية والكويت والامارات نحو 12 مليار دولار لمصر في صورة قروض ومنح وشحنات وقود بعد عزل مرسي.
وقال وزير المالية "نريد أن نخرج الاقتصاد المصري من أزمته. سنبني الاقتصاد المصري بإجراءات صعبة وجادة وبإجراءات يتحملها كل الناس."
وأضاف دميان الذي يواجه مهمة شاقة لتعزيز الاقتصاد المصري المنهك "ليست مهمة وزير المالية أن يرضي الناس."