نشرت صحيفة الاندبندنت مقالا للكاتب باتريك كوكبرن بدأه بابيات روديارد كيبلينغ التي تندد بفساد المسؤولين في الدولة في عام 1886كما هو الحال اليوم . ولفت الي أمثلة من مصر القديمة، على الرغم من ان تجربته كانت تحت الحكم البريطاني في الهند حيث من المفترض كانت تدار الامور بشكل أفضل. ولكن ينبغي ألا يري المصريين اليوم اكثر للشكوى منه طبقا لصورته عن مصر، القديمة والحديثة، عن نمو الفساد والطفيلية بانتقال الثروة إلى جيوب القلة. تعرف السخرية من المصريين عن جشع حكامهم حدود قليلة. لقد كان انتشار وباء الحمى القلاعية من خلال المناطق الريفية. و اتي المزارعين الذين عم عليهم الخراب بالماشية النافقة خارج المباني الرسمية للاحتجاج على فشل الحكومة للمساعدة. في القاهرة، توقف الناس إلى حد كبير عن أكل لحوم ، و اصبحت متاجر الجزارين فارغة. و يقول الكاتب " لقد ذهبت إلى احد احياء عابدين في وسط القاهرة الاسبوع الماضي حيث اشترك إسلام ماناس و أبو جلال في قطع شرائح اللحم رقيقة من لحوم البقر، ولكن لم يكن هناك عملاء. وضعوا كل اللوم على السلطات، و تحدث السيد ماناس قائلا "ان الحكومة ضخت الكثير من الدعاية حول هذا الوباء حتى يتمكن المسؤولين من جمع المال من بيع السمك والدجاج". يفترض جزارين أخرين أن رد فعل الدولة الوحيد لهذه الأزمة ستكون في السعي إلى الاستفادة من ذلك." و يضيف الكاتب " بافتراض سيادة المصلحة الذاتية و ان الحكومة تتصرف لصالحها تصرفات خاطئة, فقد تحدثت أيضا إلى سائقي الحافلات الذين قاموا بإضراب في جميع أنحاء القاهرة. في محطة حافلات المنيب، قال خلف عبد القادر، الذي عمل في الحافلات لمدة 16 عاما، انه يشتبه في أن أحد الأسباب التي تجعل شركة حافلات الدولة لا تريد أي إصلاح هو أن المسؤولين فيها كانوا يخشون من الاضطرار الى حساب عن الكيفية التي تم إنفاق الشركة إيرادات في العقود الماضية. وقال ان المهاجمين لا يريدون فقط أفضل الفوائد، ولكن "نحن نريد بعض الاحترام من قبل أرباب العمل لدينا". لعب الفساد الرسمي دورا رئيسيا في إثارة أعمال الشغب التي اجتاحت العالم العربي في العام الماضي. في مصر، يبدو طبيعة العجز والخلل الوظيفي في الدولة أسوأ من أي مكان آخر. على سبيل المثال، تنفق ثلث الميزانية المصرية على الدعم، ولكن ماجدة قنديل، المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية، تقول أنها " أكبر مصدر للظلم الاجتماعي". و هناك حاجة كبيرة للامدادات مثل غاز البوتان المعبأة في زجاجات، وهو ضرورة للطهي في المناطق من دون الغاز الرئيسي، ولكن المال يختفي في جيوب الوسطاء, لا يزال ذلك الغاز باهظ الثمن. وعلى الرغم من ان الخبز رخيص، غالبا ما يكون غير صالح للأكل، لأن الحكومة لا تتفقد المخابز. و يعني الوقود الرخيص ازدحام الشوارع بالمركبات و تواجد بعض الاختناقات ليشهد أسوأ حركة المرور لان المسؤولون لا يستطيعون البقاء على قيد الحياة من دون رشوة. السبب في الفساد المصري , كما يتقد الكاتب, هو مدى التفاوت المفتوح والمهين، مقارنة مع البلدان الأخرى في المنطقة. حوالي 45 في المائة من المصريين يعيشون يوميا بما يقل عن 2 دولار ، في حين أن طبقة صغيرة عليا يعيشون في القصور و يعملون في الابراج الزجاجية المكيفة. كما سيكون من الصعب ان تجد أي مكان أكثر فسادا من العراق، ولكن على الأقل لديها 100 مليار دولار في عائدات النفط. و ياخذ الجنود العراقيين ومعلمي المدارس الابتدائية راتبا معقولا، ولكن الكثير من قادتهم سارقين. الفساد في مصر ينتشر بسرعة في مناطق جديدة ومربحة: يتم تهريب السجائر من الخارج وتباع بابخس الأسعار. وقد حظرت تصدير الأرز، ولكن نصف المحصول السنوي - يتم تهريبه الى خارج البلاد – 600 الف طن. يقول مستوردين في الخليج انه لا يزال ابمكانهم شراء الأرز المصري ، ولكن عليهم التعامل مع رجال العصابات للحصول عليه. و يختتم الكاتب مقاله انه أيا كان من سيحكم مصر في المستقبل يجب عليه التعامل مع ميراث ابتزاز الدولة للتعليم والصحة التي في حالة انهيار. من غير المرجح أن تصبح طبقة الموظفين المصرية ، أو حتى المختصة، صادقة بين عشية وضحاها. قد لا تكون الأوقات الطيبة قاب قوسين أو أدنى، ولكن الدولة البوليسية القديمة التي تعامل مصر كما لو كانت في بلد غزاها قد ذهبت إلى الأبد.