في كل بقاع الأرض التي تجمعها الشبكة العنكبوتية، يتهافت الجميع على مواقع التواصل الإجتماعي وبرامج الدردشة والمحادثات المرئية والمسموعة، لاختصار المسافات والتواصل مع معارفهم البعيدين منهم والقريبين، توفيراً للمال من جهة، وللتسلية والتواصل وتبادل المعلومات والنشاطات الموثّقة من جهة أخرى. لكن عدداً قليلاً منا يدرك أن الستار الذي يحجب سريته وفور ولوج ذلك العالم، ينقشع أمام عيون كثيرين، لا سيما مع برامج المحادثات وأشهرها "سكايب" وفايبر" و"تانغو"، وهذا ما دفع عدداً من الدول لحجب تلك البرامج من شبكتها العنكبوتية وحظرها في نطاقها الإلكتروني لأسباب عدة، فما سر تلك البرامج؟
قبل معرفة الأسباب، لا بد من جولة تعريفية سريعة على تلك البرامج، ووفق مهندس أنظمة وتكنولوجيا المعلومات مازن شمعون، فإن "سكايب" و"فايبر" و"تانغو" هي برامج اتصال مجانية، ضمن نطاق الانترنت، تعمل على أجهزة الكومبيوتر والهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، وتخوّل المستخدم إجراء مكالمات دولية كما لو كان يجريها من الهاتف الخليوي، بجودة صوت متميزة من دون القلق من التكلفة إذ انه يعمل عبر الانترنت، وخارج نطاق الانترنت بتكلفة منخفضة. كما يمكن استخدام البرامج لمشاركة الملفات والدردشة مع جميع الأشخاص الموجودين ضمن قائمة الاتصال لدى المستخدم، بالإضافة الى وجود الاتصال عبر الفيديو في برنامجي "سكايب" و"تانغو" من دون "فايبر".
وتشتهر البرنامج بالاعتماد على تقنية Voice over IP أو VoIP، وهي وسيلة لربط المحادثات الصوتية عبر الإنترنت أو عبر أي شبكة تستخدم بروتوكول الشبكة Internet Protocol، وبالتالي يمكن كل الأشخاص المتصلين معاً بشبكة واحدة تستخدم بروتوكول الإنترنت، أن يتحادثوا هاتفياً باستخدام هذه التقنية.
كما تقدّم هذه البرامج أيضاً مجموعة من الخدمات المتقدمة، مثل إرسال رسائل SMS، تحويل المكالمات عبرها الى هاتف المنزل أو الخليوي، استخدام الرصيد الشخصي لإجراء مكالمات الى أي هاتف ثابت او خليوي عبر العالم، وفي بعض الدول يمكن المستخدم الحصول على رقم "سكايب" خاص به ليتمكن الآخرون من الاتصال به
. وتطورت خدمات "سكايب" مع دمجه ب "فايسبوك" لإجراء مكالمات بالصوت والصورة مع الأصدقاء عبر موقع التواصل الاجتماعي. وكل من البرامج السابقة يمكن تنصيبها عبر الكومبيوتر، مما يعني المزيد من الانتشار والإقبال عليها بما لا يقتصر فقط على المحادثات عبر الهاتف الخليوي أو الأجهزة اللوحية".
ورغم النجاح الكبير الذي تلاقيه تلك البرامج، إلا أن العيون تفتّحت عليها في شكل كبير، لا سيما بعدما دوّت قضية تجسّس السلطات الأميركية على اتصالات بعض الدول في أرجاء الحكومات التي بدأت تدرس خطواتها في التعامل مع وسائل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وخصوصاً الهواتف الخليوية. ومع انتشار تلك البرامج المجانية أصبحت الأمور أكثر سهولة لناحية الوصول الى بيانات المستخدمين، لا سيما أن تلك البرامج تنبّه مستخدميها بأنها تتيح مشاركة البيانات ومعلومات المستخدمين بين بعضهم البعض.
وقام عدد من الدول العربية والأجنبية بحظر تلك البرامج، وغيرها من برامج المحادثات الإلكترونية، لأسباب مختلفة، وفي حين يتجه البعض الى وقف برامج المحادثة الفورية والمحادثات المجانية بسبب التهديد الواضح الذي تشكّله لإيرادات شركات الخليوي في العالم، يرتفع الصوت لغلقها نظراً الى خرق الخصوصية وصولاً الى تهديد أمن الأفراد والدول. فعدد من الحكومات ينوي غلق برامج التحدث عبر بروتوكولات الانترنت التي أصبح يعتمد عليها عدد كبير من مستخدمي الانترنت، بسبب الخسائر التي تتكبدها شركات الاتصال نتيجة الاتصالات المجانية عبر الشبكة العنكبوتية.
وفي المقابل، يبذل بعض الدول جهوداً كبيرة لتأمين شبكات الاتصالات والمعلومات ضد الاختراق، رغم محاولات الاختراق الكثيرة التي تحصل. ووفق شمعون، "كل برامج الاتصال المجانية التي تعمل من خلال Voice Over IP خارج نطاق شبكات الاتصالات المحلية، تنتهك سرية البيانات المتداولة عبر الهواتف، وتكمن خطورة تلك البرامج في عدم إمكان رصد عملها، كونها تقدّم خدماتها عبرة خوادم أو "سيرفرات" تعمل خارج الدول".