■ هل موّلت إيران اتحادك العالمى للطرق الصوفية بعيدا عن المجلس الأعلى للطرق الصوفية فى مصر؟ ■ لماذا زرت وزارة الخارجية الإيرانية وبيت الخومينى والتقيت بمرجعياتها الشيعية.. وما الذى دار بينك وبينهم؟
■ هل وزعت حجر الصلاة فى مسجد بطهران الذى يأتى به الشيعة من كربلاء ليسجدوا عليه فى انتظار عودة الإمام الغائب؟
من يحاسب الصحراء إذا ما توحمت على خيط رفيع من الماء؟.. من يحاسب الفقراء إذا ما تمنوا الجلوس على عرش الحياة؟.. من يحاسب الأولياء والأصفياء والأتقياء والأنقياء إذا ما أصروا على مواصلة ذكر الله؟
نحن نواجه الألعاب البهلوانية والأقنعة الورقية والطبول الوثنية بذكر الله.. وإذا ما فعلنا ذلك فنحن فى هذه الحالة نكون صوفيين.. نسافر فى شرايين الإيمان.. ننزع من قلوبنا الأحزان.. ونعطرها بنوع نادر من الزعفران.
لقد اختلط الأمر علينا.. فتصورنا الصوفية نوعا من البهدلة.. والتقاعد الذهنى.. والانسحاب من الحياة.. تصورناها جذبا بعيدا عن الجدية.. وخصاما مع الحرية.. فإذا ما وجدنا مؤمنا صوفيا نقيا نشطا موهوبا يفكر ويبدع ويبتكر أنكرنا عليه صوفيته.. فهو خارج برواز الصورة الذهنية الشائعة.. إن تلك الصورة الخاطئة ترسم الصوفى شخصا رث الثياب.. مهملا للحياة.. لا يستحم.. لا يعمل.. لا يستوعب ما يجرى حوله.. إنها حالة عقلية.. لا حالة صوفية.
من هنا نتساءل: ما هى الصوفية؟
إن هناك من يقول إن كلمة "صوفى" ترجع إلى كلمة "سوفيا" اليونانية.. وتعنى الحكمة.. واقتنع البعض بهذا التعريف.. وهو حر.. لكن.. لماذا نلجأ إلى اليونانية ونحن أمة عربية؟
وهناك من يقول إن الصوفية من الصوف دلالة على الخشونة.. لكن.. لو صح ذلك التعريف لكانت الأغنام أكثر مخلوقات الله صوفية.. فهى لا تستورد الصوف ولا تشتريه وإنما تنتجه.. ينبع منها.. هى مصدره.
وهناك من يقول إن الصوفية من أهل الصفة (بضم الصاد وتشديد الفاء) وكانوا حفظة القرآن ولا يعملون ويحصلون على رزقهم من الصدقات.. لكننا.. فى زمن غير زمانهم.. ويصعب نسب الصوفية إليهم.
أظن.. وظنى أقرب إلى المنطق أن كلمة صوفى ليست اسما وإنما فعل ماض مبنى للمجهول.. كأن نقول "عوفى الرجل".. أو "نودى الرجل".. ويمكن أن نقول "صوفى الرجل".. فأصل الكلمة من الصفاء والمصافاة.. صفا.. صاف.. صوفى.. ولكن.. كيف يصاف الإنسان؟.
يقول سبحانه وتعالى: "يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين".. هذه التصفية أولى مراحل الوصول إلى الصفاء الذى ينم عن المصافاة.. والمصافاة مكاشفة.. أخرج ما فى باطنك.. كن مشكوفا.. بُحْ بسرك.. لقد اصطفى الله مريم.. ثم طهرها.. ثم اصطفاها مرة أخرى.. أى كاشفها.. فالمصافاة هى المكاشفة.. والصوفية أيضا.
يصعب على شخص أن يكون صوفيا دون أن يختاره الله.. ليست رغبة بشرية.. وإنما إرادة سماوية.. ولذلك ليس كل من ينتمى للصوفية أو يرأس إحدى طرقها.. صوفيا.. فرئاسة الطرق الصوفية فى مصر بالميراث.. وكأننا أمام عقار.. أو سيارة.. أو أرض زراعية.. تكون الملكية فيها بإعلام الوراثة.. وهو ما يبرر ضعف عدد من هذه الطرق وتراجعها.. بينما قويت طرق أخرى منها وجذبت أتباعا بالملايين.
من الذين ورثوا رئاسة طريقة صوفية علاء ماضى أبو العزم.. ولد فى 3 ديسمبر عام 1943.. تخرج فى علوم أسيوط.. قسم جيولوجيا عام 1967.. تولى مشيخة الطريقة العزمية خلفا لشقيقه المحامى عز الدين عام 1994.. وعندما أنتخب عبدالهادى القصبى شيخا لمشايخ الطرق الصوفية اعترض علاء أبو العزائم وشكك فى الانتخابات وانفصل فيما بعد عن عضوية المجلس الأعلى للطرق الصوفية.
لكن.. ما يثير الدهشة أنه سعيا وراء منصب متميز أعلن تكوين ما سماه بالاتحاد العالمى للطرق الصوفية.. دون سند قانونى فى مصر.. ونظم مؤتمرا لتنظيمه غير الشرعى فى فرنسا.. عقد ما بين الأول والرابع من نوفمبر عام 2013.. وسعى لتنظيم مؤتمر آخر فى روسيا.. وتكلف مؤتمر فرنسا نحو 350 ألف جنيه مثيرا شبهات حول التمويل بما لا يفصح عن مصدره.. مما جعل البعض يضع إيران فى جملة غير مفيدة.. فهل كانت إيران وراء المؤتمر؟
وما يجعل تورط إيران ممكنا أن أبو العزائم فى 2 إبريل من العام الماضى صرح لصحيفة «الشروق» ما يثبت حماسه للشيعة.. فقال: "إن الشيعة موجودة منذ عهد الملك فاروق".. وأضاف: "إن زوجة جمال عبدالناصر كانت شيعية".
بل أكثر من ذلك تردد على إيران والتقطت ونشرت له صور مع المرجعية الشيعية آية الله الطباطبائى.. وزار فى طهران وزارة خارجيتها وحرص على تسجيل الزيارة بالكاميرا.. بما فى ذلك مقابلة وزير الخارجية هناك.. ولم يتردد فى الحج إلى بيت الخومينى حيث ظهر فى لقطة وخلفه علم إيران.. لكن.. أخطر اللقطات على الإطلاق كانت له أمام صندوق من البلاستيك الأخضر فيه قطع الحجارة الصغيرة المأخوذة من تربة كربلاء.. أمام أحد المساجد قبل الصلاة فيها.. والمعروف أن الشيعة يضعون هذا الحجر الصغير أمامهم عند الصلاة نيابة عن الإمام الذى يعتبرونه غائبا.
وبالقطع أصبح بين الرجل والجالية الإيرانية فى القاهرة صلات وثيقة من المودة والثقة خاصة القائم بالأعمال.
وخلال زيارة الوفود الشعبية المصرية إلى إيران شهد تنسيقا مع عناصر دينية هناك لتزويج بعض أعضاء الوفود ممن رافقوه زواج متعة لمدة عام.. حسب ما تبيحه الثقافة الدينية هناك.
والمؤكد أن المصريين الصوفيين وغير الصوفيين يحبون آل البيت ويتباركون بهم لكنهم أيضا يقدسون الصحابة على خلاف ما يدعو إليه الشيعة.. نحن فى مصر نقدس آل البيت وغيرنا لا يفعل.. ونقدس الصحابة وغيرنا ينكرهم.. نحن ممثلو الوسطية المحببة لله ورسوله.. لذلك فنحن لسنا فقط أم الدنيا وإنما أيضا عمود الدين.