وكالات تواجه الحكومة الليبية المؤقتة (الهشّة) أصعب لحظاتها أمام تصاعد أعمال العنف الدموي في اليومين الأخيرين، في حين أعلن مجلس طرابلس المحلي إضرابًا عامًا لثلاثة أيام "حدادًا على أرواح الضحايا". سقط في المواجهات المسلحة التي شهدتها العاصمة الليبية يوم الجمعة أكثر من 40 قتيلا، وحوالي 240 جريحاً، وسارعت الولاياتالمتحدة السبت لإعراب عن "قلقها العميق" إزاء الاحداث ودعت لضبط النفس. والمواجهات المسلحة التي هي الأخطر منذ سقوط نظام العقيد القذافي قبل عامين وتشكل أكبر التحديات للحكومة الضعيفة في مهماتها لاحتواء الميليشيات المسلحة التي تسيطر على أجزاء كبيرة من البلاد. وكان علي زيدان رئيس الوزراء الليبي طالب بضرورة انسحاب كل عناصر الميليشيات المسلحة، دون استثناء، من العاصمة طرابلس. ونشأت المليشيات خلال الثورة ضد نظام العقيد القذافي في العام 2011. وتواجه السلطات الليبية صعوبة كبيرة في السيطرة عليها بسبب النقص في الامكانات لدى الشرطة والجيش. إضراب عام وقال المجلس المحلي لطرابلس في بيان إنه "اعلن عن إضراب عام في مختلف مناطق طرابلس الكبرى في كل القطاعات العامة والخاصة، ما عدا المرافق الصحية والمخابز والصيدليات ومحطات البنزين، حدادا على أرواح أبناء ليبيا وتضامنا مع أهاليهم، وذلك لمدة 3 أيام اعتبارا من اليوم الاحد". وكانت مواجهات مسلحة جديدة اندلعت السبت في الضاحية الشرقيةلطرابلس، حيث تمكن مسلحون من منع عناصر من مليشيا مصراتة من دخول المدينة للانتقام لرفاق لهم قتلوا خلال مواجهات وقعت الجمعة وخلفت اكثر من اربعين قتيلا. واندلعت المواجهات بعد ظهر الجمعة حين اطلق افراد من مليشيا مصراتة في حي غرغور بطرابلس النار على متظاهرين سلميين قدموا للمطالبة برحيل هذه الميليشيا عن العاصمة. وفي رد فعل على ذلك طرد مسلحون لفترة وجيزة الميليشيا من مقارها واحرقوا جزئيا تلك المقار وسط اشتباكات دامية. لكن وصول تعزيزات من الرجال والسلاح ليلا من مصراتة إلى العاصمة أدى إلى استعادة المليشيا مقارها. ويطالب قطاع واسع من الليبيين بحل الميليشيات المسلحة مع انتهاء مهلة العام الذي منحته الحكومة للمسلحين لترك السلاح أو الانضمام إلى الجيش الليبي. ويحصل كثير من المسلحين بالفعل على رواتب من الحكومة الليبية لكن بعضهم لازال يحمل الولاء الكامل لقادته السابقين. قلق أميركي ومن جانبها، اعربت الولاياتالمتحدة السبت عن "قلقها العميق" ازاء المواجهات التي وقعت في طرابلس ودعت "جميع الاطراف الى ضبط النفس". وقال وزير الخارجية جون كيري في بيان "ندين استخدام العنف بكل اشكاله وندعو كل الاطراف الى ضبط النفس واعادة الهدوء". وأدانت بعثة الاممالمتحدة للدعم في ليبيا اعمال العنف الدامية التي شهدتها العاصمة طرابلس اليوم وامس داعية الى "وقفها فورا". وفي لندن، نشرت صحيفة (الاوبزرفر) تقريراً بعنوان "هجوم يثير مخاوف تجدد العنف في ليبيا". ويقول التقرير إنه فيما يعد واحدا من أشرس الهجمات منذ الاطاحة بالعقيد معمر القذافي فتحت مليشيا مصراتة النار على متظاهرين تجمعوا أمام مقرهم في طرابلس مطالبين بمغادرتهم المدينة. تسجيل فيديو وتضيف الصحيفة ان تسجيلا بالفيديو بثه التلفزيون يظهر مسلحين منتشرين أمام قاعدتهم ويطلقون النار من بنادق آلية بينما قال طه باشا أغا المتحدث باسم ميليشيا مصراتة إن بعض المتظاهرين كانوا مسلحين، مشددا على أن افراد ميلشياته لن يبرحوا مقرهم. وحسب (الأوبزرفر) فإن أحداث العنف الأخيرة تؤكد عدم مقدرة الحكومة الليبية على السيطرة على الميليشيات واسعة النفوذ، التي تشكلت إبان الثورة الليبية ولكنها منذ ذلك الحين أصبحت خارجة عن السيطرة، نظرا لضعف الحكومة وانقسام البرلمان. وقال حسن الأمين، وهو منشق ليبي سابق عاد إلى بريطانيا العام الماضي إثر تلقي تهديدات بالقتل من احدى الميليشيات للصحيفة، "لا أعرف كيف يمكن أن تتحسن الأوضاع. سبب العنف هو الميليشيات، جميع الميليشيات". وتحتم الصحيفة النندنية تقريرها بالقول: إنه في مناطق أخرى من ليبيا، تستمر ميليشيات عشائرية ووحدات مضربة من الجيش حصارها الذي بدأ منذ خمسة أشهر لموانئ النفط الليبي، ما تسبب في حرمان البلاد من مصدرها الرئيس في الدخل.