في الثاني من شهر أكتوبر سنة 2013، عقد أصحاب السيادة المطارنة الموارنة إجتماعهم الشهري في الكرسي البطريركي في بكركي، برئاسة صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الراعي الكلّي الطوبى، ومشاركة صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار نصرالله بطرس صفير، والرؤساء العامين للرهبانيات المارونية، وتدارسوا شؤونًا كنسية ووطنية، وفي ختام الإجتماع أصدروا البيان التالي:
1 . أطلع صاحب الغبطة الآباء على زيارته الأخيرة الى روما، حيث شارك في الجمعية العمومية السنوية للمجلس الحبري لوسائل الإعلام، وكانت بموضوع: "كيفية حضور الكنيسة على شبكة التقنيات الرقمية الحديثة من أجل إعلان بشرى الإنجيل، ونشر تعليمها، والتواصل البنّاء مع جميع الناس". واشترك مع قداسة البابا فرنسيس بالاحتفال بالقداس الإلهي، بمشاركة الأساقفة الموارنة الجدد الخمسة عشر الذين تابعوا دورة التنشئة للمطارنة الجدد في الكرسي الرسولي، والمطارنة والرؤساء العامّين الذين حضروا إلى روما خصّيصاً. وقدّموا الى قداسته باسم الكنيسة المارونية، التهنئة والشكر على كل ما قام به لأجل السلام في منطقة الشرق الأوسط والعالم. وزار غبطته مع عدد منهم قداسة البابا بندكتوس السادس عشر، بمناسبة مرور سنة على زيارته للبنان، وإعلانه من بيروت الإرشاد الرسولي: "الكنيسة في الشرق الأوسط، شركة وشهادة". فشكروه على الزيارة لما تركت من أثر طيّب في نفوس اللبنانيين، وعلى الإرشاد الرسولي الذي يرسم خريطة الطريق للرسالة المسيحية، في قلب الأوضاع الدقيقة التي يعيشها الشَّرق الاوسط.
2 . جدّد الآباء شكرهم قداسة البابا فرنسيس على دعوته الى تكريس اليوم السابع من أيلول الماضي للصوم والصلاة والتوبة، لأجل السلام في سوريا والشرق الأوسط والعالم، ومشاركة الملايين من المؤمنين من مختلف البلدان والأديان في هذه الصلاة. وشكروا الله على الاستجابة لتلك الصلوات فكان تحوّل في سياسة الدول، وصدور قرار مجلس الأمن 2118 بإتلاف الأسلحة الكيميائية السورية من دون تدخّل عسكري. وهم يأملون أن تخطو الأسرة الدولية خطوات جديدة نحو الحلّ السلمي العادل والشامل للنزاع في سوريا وللحروب في المنطقة.
3. رحّب الآباء بالتوجّه الدولي نحو تحييد لبنان عن الأزمة السورية وتأثيراتها وتداعياتها، وبالدور الذي يقوم به فخامة رئيس الجمهورية على هذا الصعيد، فضلاً عن السعي إلى تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية وسياسة المحاور، حفاظاً على دوره كمكان للّقاء، وللحوار بين الثقافات والأديان، منعاً للتوتّر والتباعد بين الطوائف والمذاهب. وهم يدعون بإلحاح الأطراف اللبنانيين إلى تحييد أنفسهم عن الأزمة في سوريا، من دون أن يعني ذلك التخلّي عن التضامن الإنساني الأخوي مع الأشقّاء السوريّين، والحثّ على الحلّ السياسي بالحوار والتفاوض، بهدف المحافظة على وحدة سوريا، وتأمين حقوق مواطنيها وجميع مكوّنات شعبها، وعودة النازحين من أبنائها إلى بيوتهم وأراضيهم، والوصول إلى نهاية مأساتها.
4. رحّب الآباء أيضًا بالتجاوب العربي والدولي في مسألة مساعدة لبنان في التخفيف من العبء المتفاقم، الناتج من التنامي المتزايد لأعداد النازحين السوريين، بما يفوق طاقته وقدرته على الاستيعاب، ويسبّب له انعكاسات خطيرة أمنيّة وسياسية واقتصادية واجتماعية. فباتت تحتاج هذه المسألة إلى قرار وطني جامع، وخطّة واضحة، وأطر تعاطٍ جدّية.
5. ومن أبرز ما يساعد في هذا الشأن، وغيره من قضايا المواطنين المجمّدة في البلاد، تشكيل الحكومة الذي يحتاج إلى شرط أساسي، هو تغليب مصلحة لبنان على المصالح الفردية والفئوية والمذهبية. فلا قيام لحكومة بشروط وشروط مضادة، أو بتدخلات خارجية على حساب سيادة الدولة. إن حكومة لبنان لا تكون إلاّ لبنانية، وإذا كانت عكس ذلك فهي مشروع انقسام جديد في البلاد، أو أداة تجميد وسبب أزمة مفتوحة.
6. رحّب الآباء بانتشار الجيش والقوى الأمنيّة في منطقة ضاحية بيروت الجنوبية وسواها، وتسلّمها شؤون الأمن فيها، وبانحسار ظاهرة الأمن الذاتي. غير أنّ تعطيل المؤسّسات الدستورية وانكفاء دور المرجعيات الوطنية والمذهبية المعتدلة، من جهة، وتنامي حضور الجهات الأكثر تطرّفاً في الداخل والمعتمدة على مراجع خارجية أصولية، من جهة أخرى، قد يُدخل لبنان في طور تصادمي لا يرغب فيه، من مظاهره التجاوزات الخطيرة في حقّ الأفراد والممتلكات العقارية والمراكز الدينية، وغير ذلك من إخلال بالقانون.
7. في هذا الشهر المكرّس لإكرام العذراء مريم سيدة الوردية، يدعو الآباء أبناءهم الى الإقبال على هذا التكريم، من خلال تلاوة السبحة الوردية في الرعايا والمنازل والمؤسسات الكنسية، والى الإنضمام الى قداسة البابا فرنسيس في تكريسه العالم لقلب مريم الطاهر في الثالث عشر من هذا الشهر ، سائلين الله بشفاعة أمّه الطاهرة، أن يمنّ بالسلام على وطننا لبنان، وعلى كلّ هذا الشّرق المعذّب، وكلّ بلدان العالم.