قال الأنبا مكاريوس , أسقف عام كنائس المنيا و أبو قرقاص للأقباط الارثوذكس :" الدراسة على الأبواب, ومن المؤكد أنه سيتقابل الطرفان – المسلم والمسيحي - وجهًا لوجه، بدءًا من مرحلة الحضانة وحتى الجامعات؛ فكيف ستكون المواجهة أو اللقاء؟ هل ستكون نظرة عتاب أم استياء أم غضب من المسيحيين تجاه المسلمين؟ وكيف سينظر المسلمون في المقابل إلى المسيحيين: هل بنظرة شماتة أم تحديٍ أم اعتذار أم أسف؟", مضيفاً :"إن هذا يتوقّف على النتيجة التي وصل إليها كل شخص فيما بينه وبين نفسه تجاه الأحداث، نتيجة متابعته الميديا والحوارات مع الآخرين والأحاديث الدائرة داخل الأسر، لا سيما وقد اجتمع أفراد العائلة معًا لفترات طويلة نتيجة الأحداث وتداعياتها وحظر التجوال، وما سمعه في الكنائس, وهو ما حدث في المقابل على الجانب الإسلامي". وتابع الأنبا مكاريوس , بمقال له بخصوص بدء العام الدراسي , عبر الموقع الرسمي لإبارشية المنيا وأبو قرقاص :" وقد يغلب الحديث الطائفي على الحديث المصري، أي الحديث عمّا صدر عن المسلمين تجاه المصريين وليس عمّا تعرّضت له البلاد الفترة الأخيرة ما بين التفجيرات وحرق المؤسسات ومهاجمة المراكز والكنائس وقتل رجال الجيش والشرطة، ومستقبل البلاد، ووضع مصر، ونظرة العالم إليها، والسياحة والمساعدات الخارجية والتدخل الأجنبي" , مؤكداً :" في الأسبوعين الأخيرين ظهرت أصوات مسلمة كثيرة، سواء على مستوى الميديا أو العلاقات الخاصة بين أصدقاء المجتمع أو العمل أو الجيرة وفي وسائل المواصلات، تردّدت كثيرة عبارات من قبيل: "نحن آسفون" وعبارة "لا تظلمونا فلسنا كلنا كذلك" أو "نعتذر عما بدر عن بعض السفهاء منا" و"قلوبنا معكم"، وسألت موظفة زميلها منذ أيام: "ترى بماذا تصفوننا في جلساتكم الخاصة!" ورجل مسن دخل إلى مركز طبي مسيحي في المنيا ليتابع ضغط دمه، وقال بتأدُّب كثير: "نفسي أساهم قدر استطاعتي في إعادة بناء ما تهدم".
وأضاف أسقف المنيا :"وأكثر من جمعية ومؤسسة اعضاؤها من المسلمين، تسعى في إعانة المتضررين بصدق سواء مساعدات مالية أو عينية، وشركات معروف عنها انتماءاتها الإسلامية، أرسلت تطلب بإلحاح إتاحة الفرصة لها بالمساهمة لتنأى بنفسها عن تلك التهمة، ورجال أعمال مسلمون كثيرون يعرضون على الكنيسة المساهمة بطرق متنوعة. إضافة إلى دور الدولة المشرِّف الذي أعلنته مرارًا ويعكس تأسُّفها وتعاطفها وإصرارها على ملاحقة الجناة وإعادة كل شيء إلى أصله".
وإستطرد الأنبا مكاريوس :" وعند لقاء التلاميذ ستقول عيون البعض: أنتم أحرقتم كنائسنا وممتلكاتنا، وسيردّ الآخرون: لسنا نحن ولكن الخارجين على القانون؛ أو ربما يُقال: أنتم تكرهوننا، ويرد المسلمون: كلّا نحن متعايشون متحابّون. ومع تقدم سنّ المتحاورين أو المختلفين سترقى نبرة الحديث في الاتجاهين، ما بين: "نحن إخوة" أو لتعبّر عن فكر: "أنتم تخربون البلاد وتدمرونها"، وأن حكم الاخوان فشل بشدة ..الخ".
واكمل الأنبا مكاريوس :" وسيقول بعض المهتمّين بالسياسة: "أنتم أيّدتم الجيش ضد الإخوان، ومن قبلها نزلتم إلى الشارع في المظاهرات ولم تكن عادتكم من قبل"، وسيرد المسيحيون بأننا نزلنا كمصريين ولم نرفع ألّا علم مصر ولم نطالب سوى بمكتسبات ثورة 25 يناير، وأننا نزلنا جنبًا إلى جنب مع إخوتنا المسلمين، ولسنا مع فصيل ضد الآخر، ولكننا مصريين نحب مصر ونحب صالح البلاد ونرحب بأي شخص وبأي حكومة تخلص لمصر وتهتم بشئون البلاد في الداخل والخارج" , مضيفاً :" الآن وأبناؤنا بيننا ولم تبدأ الدراسة بعد، عشرات الأسئلة يطرحها أولادنا، وقضايا جدلية تفرض نفسها، وهم يحتاجون إلى إجابات شافية، ويرفضون كل أنواع الخنوع والضعف، وقد يتهموننا بالسلبية والانهزامية، وعلينا أن نشرح بكثير من الموضوعية والمسئولية الأحداث التي جرت على الأقباط ودوافعها وتبعاتها".
وأشار أسقف المنيا إلى انه يجب علينا أن نسلِّم أولادنا أننا لا نحمل حقدًا لأي أحد، وأننا واخوتنا المسلمين سنتعاون معا لأجل مصر ولأجل التعايش السلمي، وأنه لابد وأن نجد طريقة لأننا لن نترك مصر، فنحن نحبها ولنا انتماء تجاهها فقد وُلِدنا وعشنا فيها، كما أن الرب يسوع زارها وباركها وعاش فيها سنوات , ويجب أن يدرك أولادنا أن المسلمين ليسوا جميعهم أرهابيين أو أشرارًا، ولكن بعضًا منهم هم كذلك وهم فعلوا هذا بنا، ونوصيهم ألّا يتشاجروا مع إخوتهم وألّا يحملوا كرهًا تجاههم، وأن الله سمح بذلك لخيرنا فهو يحبنا وسيحوّل كل ذلك إلى بركة.
وإختتم الأنبا مكاريوس , أسقف عام كنائس المنيا و أبو قرقاص للأقباط الارثوذكس, مقاله قائلاً :"وبشكل عام فإن الحوار المشترك بين المسيحيين والمسلمين حول الوضع الراهن والاحتقان الموجود وعقب الاعتداء على الكنائس والممتلكات، سيكون أفضل بكثير من الاحتقان الداخلي ورسوخ الكثير من الأفكار والمشاعر السلبية، التعبير عمّا يكنّه القلب يعطي فرصة للآخر إمّا أن يدافع عن نفسه وينفي التهمة أو يضعه أمام الحقيقة والمسئولية".