وزارة التضامن تقر قيد 5 جمعيات في محافظتي الإسكندرية والقاهرة    وزير التموين ومحافظ القاهرة يتفقدان سوق اليوم الواحد بحي المرج    "الغرف التجارية": الشراكة المصرية القطرية نموذج للتكامل الاقتصادي    مصر تطرح 5 مبادرات جديدة لتعزيز التعاون العربي في تأمين الطاقة    حماس تعلن استشهاد القيادي رائد سعد وتؤكد: الحركة لا تزال متمسكة باتفاق غزة    مقتل 10 أشخاص بهجوم مسلح على شاطئ بوندي في أستراليا    حالة الطقس في الإمارات اليوم الأحد .. أمطار متفرقة ورياح تنشط على فترات    إحكام السيطرة على الأسواق.. تموين الفيوم يصادر دقيقا مدعما ويحرر عشرات المحاضر    "الفني للمسرح" يحصد أربع جوائز عن عرض "يمين في أول شمال" بمهرجان المنيا الدولي للمسرح    موعد انتهاء انتخابات مجلس النواب 2025 بشكل نهائى    اعرف الرابط الرسمى للاستعلام عن نتائج اختبارات كلية الشرطة    زلزال بقوة 5 درجات يضرب مدينة كراتشي الباكستانية دون وقوع أضرار    صحيفة إنجليزية تحذر رونالدو من انتقال محمد صلاح إلى الدوري السعودي    الفوز على الزمالك مهمًا| توروب يتحدث عن أهدافه مع الأهلي    منتخب نيجيريا يبدأ معسكره ب مصر وسط غياب معظم اللاعبين    أرتيتا ينتقد لاعبي أرسنال بعد الفوز الصعب على ولفرهامبتون    وزارة «التضامن» تعلن موعد بدء صرف «تكافل وكرامة» عن شهر ديسمبر 2025    الجنيه الذهب ب45840 جنيها بدون مصنعية عقب تغيرات عيار 21    ننشر أسماء مصابي حالة التسمم بعد تناول وجبة غذائية فاسدة في الخصوص    فرق الطوارئ بمرسي مطروح تتعامل مع تجمعات وتراكمات مياه الامطار بالطريق الدولي    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    التموين: احتياطي السلع الأساسية آمن ورصيد الزيت 5.6 شهر    الأقصر تستعد لإزاحة الستار عن تمثال الملك امنحتب الثالث التاريخي    القاهرة الإخبارية: مهرجان أيام قرطاج يحظى باهتمام واسع من الصحافة التونسية    مدير فرع القليوبية للتأمين الصحي تتفقد مستشفى النيل لمتابعة سير العمل    الرياضية: جناح النصر لا يحتاج جراحة    السيطرة على حريق نشب بسيارة نقل ثقيل أعلى الطريق الدائري ببهتيم القليوبية    جوتيريش يحذر: استهداف قوات حفظ السلام في جنوب كردفان قد يُصنَّف جريمة حرب    الشرطة الأمريكية تلاحق مسلحا قتل شخصين وأصاب 9 آخرين في جامعة براون    لماذا لم يعلن "يمامة" ترشحه على رئاسة حزب الوفد حتى الآن؟    تعرف على إيرادات فيلم "الست" ل منى زكي ليلة أمس    فجر السعيد: عبلة كامل رمز من رموز القوة الناعمة المصرية    مجدي شاكر: اكتشاف نحو 255 تمثالًا في منطقة صان الحجر    لماذا يرفض الأهلي إتمام صفقة انتقال حمزة عبدالكريم لبرشلونة ؟ اعرف الأسباب    «الصحة»: تقديم 19.2 مليون خدمة طبية بالمنشآت الطبية في محافظة القاهرة    فيروس أنفلونزا الخنازير يهدد المدارس| إجراءات هامة وعاجلة للوقاية منه    القاهرة تستضيف ورشة عمل حول إيقاف تشغيل المحطات النووية    لماذا تسخرون من السقا؟!    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    وزيرا خارجية مصر ومالي يبحثان تطورات الأوضاع في منطقة الساحل    الداخلية تنفى وجود تجمعات بعدد من المحافظات.. وتؤكد: فبركة إخوانية بصور قديمة    وزير الري يتابع موقف مشروعات الخطة الاستثمارية للعام المالى الحالى 2025 / 2026    الصحة: تقديم 19.2 مليون خدمة طبية بالمنشآت الطبية في محافظة القاهرة    إعلام إسرائيلى : إيطاليا أعربت عن استعدادها للمشاركة فى قوة الاستقرار بغزة    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الاحد 14-12-2025 في محافظة قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 14-12-2025 في محافظة قنا    مصرع حداد سقطت عليه رأس سيارة نقل بالدقهلية    45 دقيقة متوسط تأخيرات قطارات «طنطا - دمياط».. 14 ديسمبر    الشرطة الأمريكية تفتش جامعة براون بعد مقتل 2 وإصابة 8 في إطلاق نار    رئيس الإنجيلية يبدأ جولته الرعوية بمحافظة المنيا    نائب وزير الصحة: حياة كريمة كانت السبب الأكبر في إعلان مصر خالية من التراكوما المسبب للعمى    المستشار عبد الرحمن الشهاوي يخوض سباق انتخابات نادي قضاة مصر    الكتب المخفضة تستقطب زوار معرض جدة للكتاب 2025    باريس سان جيرمان يفوز على ميتز في الدوري الفرنسي    إسلام عيسى: على ماهر أفضل من حلمى طولان ولو كان مدربا للمنتخب لتغيرت النتائج    يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد سعده يكتب: الثورة المصرية قد تمرض.. لكن لاتموت
نشر في الفجر يوم 14 - 07 - 2013

الحكم الإخواني السلفي مازال يتشبث بالشرعية المزعومة حاشدا جموعه في محاولات يائسة لاستعطاف الغرب الذي لا يتعامل مع دول التدخلات العسكرية من باب النفاق الزائف لدعم الديمقراطية، تدخل الجيش المدعوم بثورة الشعب وإطاحته بحكم الإسلام السياسي كان بهدف رئيسي تم تجاهله طبعا، يتمثل في حماية الطبقة الرأسمالية التابعة ونظامها ودولتها، ثم بعد ذلك تأتي أهداف أخرى يتم الترويج لواحد منها على أنه الهدف الأسمى ألا وهو حماية الشعب واستعادة ثورته المسروقة، بما يخلق حالة من المشاعر الإيجابية والأوهام التي تتغنى بوصول الثورة لسلطة الدولة، نفيق منها لنجد أنفسنا في نفس الدائرة الشريرة لمواجهة الثورة المضادة الفلولية العسكرية التي استعادت سلطتها بعد تصفية حساباتها مع الثورة المضادة الاسلامية بحكم التناقضات الطبيعية داخل نفس طبقة الرأسمالية التابعة، لكن هذه المرة بغطاء ليبرالي من قيادات الأحزاب المدنية وبعض شباب الثورة، والذين لن يتوانوا في مساعدة الجيش على احتواء وتصفية الثورة والتحول كمقاتل عنيف ضد كل تصعيد أو احتجاج أو نضال، واقحام الثورة في السرداب المظلم لمتاهة الاستفتاءات والانتخابات لقلة الوعي الثوري حينا عند هذه القيادات أو عن انتهازية أصيلة حينا آخر، وبالتالي فإن مشاركة الجماهير في مهازل الانتخابات في زمن الثورة تفتت طاقات الثورة هباءا كما أنها اعتراف موثق بشرعية مؤسسات لامناص من مواجهتها لنضال جماهير الثورة، نحن إذن بصدد نقطة تحول تسعى فيها الرأسمالية التابعة عن طريق ممثليها السياسيين والحزبيين للإمساك بزمام السلطتين التنفيذية والتشريعية وبمشاركة للإسلاميين من نفس الطبقة كنوع من الاحتواء تحت مسمى المصالحة الوطنية بعد صدمة الإطاحة بهم، في أقوى محاولات الثورة المضادة لاستعادة نظامها والرقص على جثة الثورة، والويل كل الويل لمن قاموا بنصف ثورة..!! ما كل هذا التجمع الغير مسبوق في صفوف الثورة المضادة العسكرية والليبرالية والإسلامية التي تلتحم رغم تصارعها المرير في كتلة فولاذية لاقتسام وتقسيم غنائم الثورة والمضي قدما في سبيل تصفيتها.؟

ولا غرابة في أن غياب الخبرة لدى شباب الثورة رغم مجدهم الحقيقي كان سببا مباشرا في تبني الانتخابات الرئاسية المبكرة كمطلب قدسي لمرحلة مابعد مرسي، في تكريس مستمر لإنتاج دولة رئاسية يتسابق المتسابقون من شخصيات سياسية وانتهازية كبيرة على رئاستها، تتجاهل ما تحتاجه مصر للإنتقال المباشر لجمهورية برلمانية تحقق قدرا من الديمقراطية الشعبية يكون للبرلمان فيها صلاحيات واسعة بعيدا عن قمة سلطة الدولة التي لاتعدو أكثر من آداة وسلاح فتاك في أيدي الطبقة الاستغلالية في مجتمعنا الطبقي الذي لا مفر من أن يبقى ديكتاتوريا بحكم طبقيته وخضوعه وتبعيته للامبريالية التي ستُوقف نمونا ولن تسمح لنا بالتقدم كلما حاولنا، بل ستعمل على إبقاء أوضاعنا على مانحن عليه (مجرد أسواق وملحقات تجارية وأفنية وزرائب خلفية).

إن انتقال شباب تمرد سريعا من الميادين الى الأروقة والإجتماعات والشاشات انعكس بشكل سلبي على هبوط حركة جماهير الثورة، وأصبحت الميادين الآن محتشدة بمئات الألوف من أنصار تيار الإسلام السياسي التي تتجه بحكم الفقر المادي والفكري نحو بؤس الحل الديني، هذا الوهم الذي لا يقود إلا لتمزيق المجتمع، ما قد يدفع بمستويات جديدة من العنف ويسمح للنظام الجديد بعقد تحالفات وصفقات مع جماعة الإخوان المسلمين وميليشيات الإرهاب والتطرف التي كان ينبغي حل أحزابها فورا بعد أن تسببت في مزيد من تقسيم المجتمع المصري وقادت البلاد لخطر الحرب الأهلية.

المرحلة القادمة من المتاهات الفقهية والدستورية والانتخابية الممتدة ربما حتى لعامين قادمين ستتوجه اليها الأنظار كالعادة وتهرول إليها الأحزاب السياسية بما فيها تلك التي داخل جبهة الإنقاذ كخير ممثلين ونواب ووسطاء عن طبقة الرأسمالية التابعة بعيدا عن النضال الثوري رغم أن قواعد تلك الأحزاب من جماهير الطبقات الشعبية لكنها بالطبع لاتدرك أن الحزب هو عدوها الأول الذي سيُجمِّد جهودها الثورية لأدنى حد يسهُل التعامل معه بعد أن تستطيع الطبقة الرأسمالية الحاكمة مباشرة أو بواسطة مندوبيها وممثليها استعادة الاستقرار وكفاءة أنظمتها المغلفة بالشرعية التي نكون قد منحناها إياها.

وهنا تطرح الأسئلة نفسها: مافائدة برلمان في دولة لاتعدو فيها المؤسسة التشريعية أكثر من ملحق ثانوي يتم التشريع فيه بأوامر من الحزب الحاكم؟؟ وما فائدة الرئيس في ظل نظام رئاسي سينقلب على الثورة فور تنصيبه إلها بسلطات مطلقة في غياب الفصل بين السلطات وتحت سيطرة العسكر؟؟

إن ما طرحته سابقا عقب ثورة يناير وما اطرحه من الآن ليس موقفا سلبيا مستمرا في مقاطعة المسار الإنتخابي الذي لم يحدد ميعاده بعد، بل هو موقف أتبناه في هذا الزمن تحديدا ألا وهو زمن الثورة، ومحاولة استباقية مني لتذكير كل الفلاسفة والفصحاء الذين يدفعون الجماهير نحو صناديق تزييف إرادتهم للتصويت ضد مصالحهم الحقيقية تحت دعاوي المشاركة الايجابية، ولو كلف هؤلاء الفلاسفة عناء البحث والقراءة لتأكدوا أن المشاركة في الإنتخابات في زمن الثورة هو بعينه طريق الآلام المزين بالورود لإنهاك وتصفية الثورة وارهاق قواها .

كما أن الجماهير بحكم عفويتها مازالت لم ترتقي بعد إلى الوعي الثوري المتكامل لاختيار ممثلين حقيقيين لمصالحها، وبخاصة مع وقوفها الآن كمتفرج وانحصار السباق والصراع داخل معسكر الثورة المضادة ممثلا في دولة مبارك التي تسيطر بشكل فعلي على أقسام مهمة من الاقتصاد والإعلام والقضاء وفي قلبها الجيش والشرطة إضافة لقادة الأحزاب الليبرالية التي تمثل قمتها جبهة الإنقاذ، وكل تيارات الاسلام السياسي ورغم أن كل هؤلاء يتغنون بكونهم يمثلون الثورة لحما ودما، إلا أن واقع الثورة يتبرأ منهم جميعا ومن عبثهم بثورة المصريين وشعارها العبقري الغائب الذي يلخص معاناة الجماهير ومطالبهم الحقيقية (عيش-حرية-عدالة اجتماعية).

إن مصير الثورة المصرية السياسية في ظل التبعية الاقتصادية وسيطرة الرأسمالية العالمية لن يختلف كثيرا عن مصائر ثورات مضت في أماكن متفرقة من بقاع الكرة الأرضية، وهي مصائر كئيبة للغاية من حيث انكسار الآمال والتطلعات التي تطلقها فى حينها، وإن أقصى مايمكن تحقيقه هو الوصول لديمقراطية حقيقية شعبية تكون نواة للانطلاق وفتح آفاقا رحبة من التحديث الشامل والتطور والانتقال بمجتمعنا إلى نمط انتاج رأسمالي فعلي بعيدا عن الشعارات الديماجوجية الجوفاء.

إذن فالحلم الحقيقي الناجز وضوء الأمل الوحيد معقودا على الديمقراطية الشعبية، شرط أن تقتنع القوى الثورية وشبابها أنها غير جاهزة لسلطة الدولة على الأقل حاليا، وأن عليها البناء من أسفل ومواصلة نضالها نحو ديمقراطية حقيقية. لكن ماهي الديمقراطية هذا المجهول الغامض؟
الديمقراطية أن يمتلك الشعب أدوات نضاله وتحريره وانتزاع حقوقه وممارستها، هي الطريق الذي يرغبه ويفرضه على الطبقة الحاكمة ودولتها، هي الصحافة الحرة الحزبية والنقابية التي تمثل الطبقات الشعبية العاملة والفقيرة، هي الاستقلال الكامل للأحزاب والنقابات المهنية والنوعية عن سلطة الدولة وقدرتها على الدفاع الحقيقي عن حقوق وحريات الطبقات الشعبية وحمايتها من نفوذ وسيطرة السلطة، هي استقلال القضاء وحمايته للمواطنين من شبح المحاكمات العسكرية والاستثنائية، هي كل ماتستطيع الجماهير انتزاعه من مكاسب اجتماعية واقتصادية كالتطبيق العادل للأجور بحديه الأقصى والأدنى وربط الأخير بغلاء الأسعار، وتحقيق بيئة عمل مناسبة وآمنة، وتطوير حياة الفلاحين والحد من المخاطر المحيطة بمجتمعهم الريفي وأراضيه، وتقديم رعاية صحية متكاملة ومظلة تأمين صحي شاملة، وتطوير التعليم ومناهجه بمختلف مراحله وحماية مجانيته، والمساواة الكاملة بشكل ينص عليه الدستور بعيدا عن أي تمييز بسبب الدين أو العقيدة أو النوع ذكرا أو امرأة، وإعادة صياغة الدستور بشكل واضح وحاسم يفصل بين السلطات ويتضمن كل الحقوق والحريات والواجبات بعيدا عن أي مجاملات دينية أو حزبية ومتوافقا مع المعايير العالمية لمواثيق حقوق الانسان، الديمقراطية الشعبية قادرة على فرض سيادة القانون عن طريق نضالاتها المتواصلة، باختصار: الديمقراطية الشعبية تعني أن يحكم الشعب نفسه بنفسه ولصالح نفسه.

ومما لاشك فيه أننا أمام جبل هائل من المجهودات والتضحيات والتحديات لخلق ديمقراطية شعبية تحتاج لطاقات الثورة التي يجب ألا نبددها في صناعة مؤسسات تشريعية ورئاسية هزلية عديمة النفع ولاقيمة لها ولاطائل منها، كما أن مواصلتنا للنضال الشعبي تدعم قدرتنا على إجبار السلطة الحالية واللاحقة على تلبية مطالب الثورة التي ستكون الضمانة الفعلية لانتظام الحياة الطبيعية واعادة البناء والإنتاج بشكل منسجم مع تطورات الثورة التي لا تريد بالطبع الفوضى، بل تسعى لإنصاف الشعب وامتلاكه للقدرة على انتزاع حقوقه وحرياته وأدوات نضاله ليس فقط للتطلع لحياة كريمة انما كذلك إلى التصنيع والتحديث الشامل لانقاذنا من المصير البائس الذي نسبح في اتجاهه بسرعة مرعبة قد نغرق معها في بحر الانهيار الشامل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.