قبل أن يُسدل الستار علي تصفيات كأس العالم بألمانيا عام 2006 و بعد أن تأكد إخفاق منتخب مصر في بلوغ النهائيات عن المجموعة الثالثة التي جمعته مع منتخبات كوت ديفوار و الكاميرون و السودان و بنين و ليبيا عقب الخسارة أمام الأخيرة بهدف لهدفين في الجولة الخامسة بطرابلس في الثامن من أكتوبر عام 2004 , أقال الإتحاد المصري لكرة القدم الإيطالي ماركو تاردللي و أسند المهمة إلي المدرب الوطني حسن شحاتة الذي حقق نجاحات غير مسبوقة مع فريق المقاولون العرب موسم 2003/ 2004 و من قبلها قاد منتخب الشباب للفوز بكأس الأمم الإفريقية في بوركينافاسو عام 2003 وقدم معه الفريق مستوي رائع خلال مشاركته بكأس العالم للشباب في دولة الإمارات في نفس العام. حسن شحاتة الذي تألق كلاعب بالقلعة البيضاء و أبدع علي ملاعب القارتين السمراء و الصفراء , لم يخسر الفريق معه إلا لقاء و حيد أمام كوت ديفوار في أبيدجان بهدفين دون رد في الجولة الثامنة للتصفيات , وحقق ثلاثة انتصارات الأول علي المنتخب الليبي في الجولة السادسة برباعية مقابل هدف ثم السودان في الجولة السابعة بسداسية مقابل هدف ثم بنين في الجولة التاسعة برباعية مقابل هدف أيضاً و أخيراً عاد بتعادل بهدف لمثله من أرض أسود الكاميرون في الجولة الأخيرة و منعهم من بلوغ النهائيات. خلال نهائيات النسخة رقم 24 (للكان) علي أرض الكنانة قاد المدرب الوطني الواعد وقتها منتخب مصر للتتويج بلقبه الخامس في كأس الأمم بعد انتصارين علي ليبيا و كوت ديفوار و تعادل مع المغرب في الدور الأول ثم تخطي الكونغو الديمقراطية بسهولة في ربع النهائي قبل أن يطيح "بأسود التيرانجا" في نصف النهائي بفضل هدف مهاجمه البديل عمرو زكي و أخيرا جاء الفوز علي "الأفيال البرتقالية" مجدداً في النهائي بفارق الركلات الترجيحية ليؤكد أحقية الرجل في منصبه علي رأس الجهاز الفني لأعرق و أهم منتخبات القارة. (هذا مدرب محظوظ لا فضل له في تحقيق اللقب السابق و إنما الفضل لعاملي الأرض و الجمهور الذي ساند المنتخب بأعداد قياسية طوال مشواره في ملعب القاهرة و سنري ماذا هو فاعل في نهائيات غانا القادمة ) هكذا ردد البعض علي شحاتة و توقع فشله الذريع مع المنتخب في نهائيات غانا 2008 بعد أن تجاوز المجموعة الثانية في التصفيات بأداء غير مقنع أمام منتخبات موريتانيا و بورندي و بتسوانا. شحاتة فاجئ هؤلاء جميعاً بعروض غاية في القوة و الإمتاع و قدم معه المنتخب مستوي نال إعجاب العالم أجمع و تساقط أمامه عمالقة القارة دون استثناء لا فرق بين الكاميرون في الافتتاح و الختام ولا السودان و أنجولا و كوت ديفوار في الدور الأول و ربع و نصف النهائي و حقق المنتخب معه لقبه الثاني علي التوالي بعد أن فاز في خمس مواجهات و تعادل في لقاء وحيد ضد زامبيا في الدور الأول و سجل نجوم الفريق 15 هدفاً و تلقت شباكهم خمسة أهداف. ولأن لكل جواد كبوة فقد جاءت كبوة "منتخب الساجدين" مع مدربه الكبير الذي قاده في 96 لقاء حقق خلالها 59 فوزاً و 19 تعادلاً و تلقي 18 خسارة و سجل نجومه 190 هدفاً و تلقت شباكهم 81 هدفاً فقط , جاءت هذه الكبوة في تصفيات كأس العالم السابقة بجنوب إفريقيا , فبعد أن تجاوز المرحلة الثانية من التصفيات عن المجموعة الثانية عشرة علي حساب مالاوي و الكونغو الديمقراطية و جيبوتي, أوقعته القرعة في المجموعة الثالثة بالدور الحاسم , صحبة منتخبات الجزائر وزامبيا و رواندا , لتساهم بدايته الضعيفة أمام زامبيا بتعادله في القاهرة في الجولة الأولي ثم خسارته في الجولة الثانية أمام شقيقه الجزائري , تساهم في إخفاقه في تحقيق الحلم رغم أنه تدارك هذه البداية الضعيفة وحقق أربعة انتصارات متتالية قبل أن يخسر بطاقة التأهل في لقاء فاصل مع أشبال رابح سعدان في أم درمان. ( شحاتة تكشف يا رجالة, هو فيه مدرب كويس يفوت فرصة سهلة زي كده في مجموعة بهذا المستوي) هكذا عادت النغمة النشاذ مجدداً قبل أن يأتي الرد قوياً و حاسماً داخل ملاعب أنجولا التي استضافت النسخة رقم 27 لكأس الأمم و فيها حقق "منتخب الساجدين" مع شحاتة ستة انتصارات متتالية علي نيجيريا و موزمبيق و بنين في الدور الأول ثم علي الكاميرون و الجزائر و غانا في ربع و نصف و نهائي البطولة و سجل لاعبوه 15 هدفاً و لم تهتز شباك العملاق عصام الحضري إلا مرتين فقط ليسطر بعدها هذا المدرب القدير اسمه بأحرف من ذهب في سجل المدربين لا في مصر و إفريقيا و العالم العربي فحسب بل في العالم أجمع. شحاتة الذي فاز نعه المنتخب بالميدالية الذهبية في دورة الألعاب العربية بالقاهرة عام 2007 علي حساب المنتخب السعودي ثم قدم أداء به العالم في كأس القارات بجنوب إفريقيا بعدها بعامين , قد يهاجمه البعض و يشكك البعض الأخر في قدراته الفنية ,ولكن لا يمكن لعاقل أو منصف أن ينكر أنه من أفضل مدربي منتخب مصر علي مدار التاريخ إن لم يكن أفضلهم علي الإطلاق, و لن يقلل الإخفاق الأخير بكل تأكيد من رصيد الرجل الكبير لدي الجماهير المصرية, الذي صنعه علي مدار ما يقرب من سبع سنوات بانجازاته و أرقامه القياسية , و سيظل "أبوكريم " في قلوب الملايين سواء كان قراره أخذ إستراحة محارب بعد عناء السنوات الأخيرة أو انتقل إلي مكان أخر ليواصل من خلاله رحلته مع كرة القدم التي تألق خلالها كلاعب قبل أن يواصل هذا التألق من خلال مهنة البحث عن المتاعب في حق التدريب.