أصبحت الثقافة هي أخر المعاقل التي يمكن أن تحمى مصر من اللغط والسفه الفكري والتعصب الأحمق الذي انتشر فى الفترة الأخيرة ، والذي سيؤدى إلى تدميرنا طالما تركنا هؤلاء الجهلاء الذين سيطروا على نواصي الفضائيات يعبثون بنا دون أن نوقفهم ونضع حدا لمهاتراتهم .. وبالتأكيد لن نستطيع فعل هذا دون وجود فعليات ثقافية جيدة تهدف لنشر الوعي الثقافي وتبدد الظلمات التي أحاطت بالعقول . وهذا الدور لا يجيده غير المراكز الثقافية الجادة التي تعمل على نشر كافة المجالات الثقافية والفنية سواء كانت هذه المراكز الثقافية حكومية او أهلية لتبديد الظلام الذي يحيكه الجهلاء حولنا لننشر بدلا منه الثقافة والفنون التى تساهم فى الرقى والتقدم ، خاصة ان هناك عدد كبير من المراكز الثقافية الحكومية التى لا تقوم باى دور وتحول بعضها الى ما يسمى ب "خربات ثقافية" ، وهى فى حاجة لعقلية متفتحة تعيد ترتيبها من جديد لكى يتم الاستفادة منها فى الفترة المقبلة .
هناك أيضا سؤال مهم يجب ان نبحث له عن إجابة وهو : هل لدينا تعليم اكاديمى على مستوى عالي يتخرج فيه مثقفون وفنانون قادرون على إقامة هذه الفعاليات الثقافية ويستطيعون من خلالها أن يقودوا حرب تنويرية تثقيفية في مواجهة الجهل والتخلف الذي نشره هؤلاء الجهلاء المتعصبون ؟ إجابة هذا السؤال وجدتها فى أكاديمية الفنون التي بدأت حركة التطوير منذ ثلاث سنوات على أكثر من مستوى أراد من خلالها د. سامح مهران رئيس الأكاديمية أن يصل بالتعليم الاكاديمى للمستوى العالمي وكذلك محاكاة الأكاديمية لمثيلتها فى العالم .
لكن ما يتمنى هنا هو تطوير المنهجية العلمية والذي بدا بتطبيقه لنظام الساعات المعتمدة والتي من خلالها سيتم فتح الدراسة فى جميع معاهد الأكاديمية مع بعضها البعض ، وأيضا هناك اتجاه لتوقيع اتفاقية مع الجامعات المصرية ليختار الدارس ما يشاء من مواد أخرى غير فنية ليضمها إلى دراسته لنجد فى النهاية خريج اكاديمى على دراية ووعى تمكنه من خوض الحرب ضد الجهلاء الذين سيطروا على نواصي الفضائيات وغيرها من الأماكن الإعلامية والثقافية والدينية المهمة التي بداو فى السيطرة عليها لبث مخططهم الشيطاني .
ففى الفترة المقبلة سنشهد حربا ثقافية ودينية شرسة بسبب التطبيق الخاطئ للثقافة والشريعة حيث يعمل الجهلاء والمتخلفون ثقافيا على نشر التخلف والظلام بدلا من العلم والإيمان حتى لا يتم اكتشاف مخطط جهلهم وخرابهم الذي يسعون لبثه فى جميع البلاد وفقا للأجندات الخارجية التي تمولهم وتستخدمهم للعبث بالوطن ، وهو ما يجعلنا نشدد على أهمية التنمية الثقافية ووجود أجيال من الفنانين والمثقفين فى كل المجالات قادرين على نشر الثقافة السليمة لصد هذا العدوان الغاشم والعمل على بث الوعي ، وكشف التلاعب و المخططات التي يقوم بها المخربون ، والتي لا تهدف إلا لتدميرنا .