عندما خرج المستشاران أشرف العشماوى وسامح أبوزيد، قاضيا التحقيقات المنتدبان من وزارة العدل للتحقيق فى قضية التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى، فى مؤتمر صحفى، لفك الكثير من التعقيدات التى شابت القضية منذ الإعلان عنها، جاء المؤتمر ليزيد الأمور تعقيدا. ففى المؤتمر، تحدث المستشاران العشماوى وأبوزيد عن ضبط خرائط فى مؤسسة «سهم الثقة للتنمية الاجتماعية»، قالا إنها «تؤكد وجود مخطط لتقسيم مصر إلى أربعة أقسام وعدة دول، فى القنال والصعيد والقاهرة الكبرى والدلتا والنوبة، وهو محال إليها من الخارج، لتفتيت مصر». ورغم أن الاتهام الذى وجهه المستشاران للمنظمة يرقى إلى مستوى الخيانة العظمى، باعتباره «مخطط تقسيم مصر» المشار إليه فى المؤتمر، يهدد «وحدة الوطن وسلامة أراضيه»، إلا أن ملف القضية خلا تماما من أى إشارة من قريب أو بعيد سواء للمتهمين الأجانب أو المصريين، أو المنظمات المصرية أو الأجنبية التى أسست فروعا لها فى مصر، بخصوص الضلوع فى مخطط التقسيم أو الخرائط المضبوطة. وانحصرت الاتهامات التى تم توجيهها إلى 43 شخصا، وردت أسماؤهم فى التحقيقات، ما بين تأسيس وإدارة منظمات ذات صفة دولية دون ترخيص، وإدارة الشئون الفنية والإدارية والمالية لها، وتنفيذ برامج للتدريب السياسى غير مرخص بها، وإجراء بحوث ودراسات، وإعداد وتنظيم استطلاعات للرأى، وورش عمل، ودورات تدريبية لعدد من الأحزاب والقوى السياسية، ودعمها إعلاميا لحشد الناخبين لصالحها، وإعداد تقارير حول نتائج النشاط فى مصر، وإرسالها إلى الخارج، دون الحصول على موافقة السلطات المصرية. وزادت أزمة التحقيقات فى ملف التمويل الأجنبى تعقيدا، مع تقديم مؤسسة «سهم الثقة للتنمية الاجتماعية»، شكوى إلى الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، لمطالبة قضاة التحقيق بالاعتذار لها عن الاتهامات الموجهة لها فى المؤتمر الصحفى، خاصة ما جاء بشأن إنشاء موقع إلكترونى لها على الإنترنت، وإعطاء تكليفات لأعضائها بتصوير ورصد أماكن الكنائس، وأماكن تمركز القوات المسلحة فى الإسماعيلية والسويس. وأكدت «سهم الثقة» أنها لم يرد ذكرها فى التحقيقات، كما أنها لم تكن ضمن الجمعيات أو المؤسسات التى شملها ملف القضة التى تمت إحالتها لمحكمة جنايات القاهرة دونها، فيما ذكرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان فى بيان لها، أن قضاة التحقيق وقعوا فى العديد من الأخطاء القانونية، خلال المؤتمر الصحفى، ووصفت ما جرى فى المؤتمر بأنه محاولة للتشهير بإحدى المؤسسات المصرية، خاصة أن الاتهامات الموجهة لها كانت مرسلة، وتفتقر إلى الأدلة القانونية. وأشارت الشبكة إلى أنها حصلت على نسخة من أوراق مؤسسة «سهم الثقة للتنمية الاجتماعية»، توضح حقائق مختلفة عن المزاعم التى طرحها قضاة التحقيق دون سند قانونى، منها أن اسمها «سهم الثقة للتنمية الاجتماعية»، وليس «سهم الثقة 7 أبريل»، كما جاء فى المؤتمر الصحفى، بالإضافة إلى أنها مشهرة منذ عام 2007 برقم 464 فى محافظة الإسماعيلية، ومنذ هذا التاريخ لم تتلق سوى مبلغ 64 ألف جنيه، لاستخدامها فى دورات تدريبية للشباب على الحاسب الآلى، بعد موافقة الشئون الاجتماعية. ومن بين الأزمات التى شابت التحقيقات فى قضية التمويل الأجنبى للمنظمات، ما كشفته المذكرة رقم 48 لسنة 2012 عرائض النائب العام، المقدمة من المواطنة البريطانية ديانا دياكونا، للمطالبة برفع اسمها من قوائم الممنوعين من السفر على ذمة القضية، مؤكدة أن الاسم تم إدراجه بالخطأ فى القضية، حيث اكتشفت عند توجهها إلى مطار القاهرة الدولى فى 10 فبراير، للعودة إلى بلادها، لتفاجأ بقرار المنع، رغم أن المتهمة المدرج اسمها تدعى «ديانا دياكونا»، وهى رومانية الجنسية وليست بريطانية. ومن جهته يقول حافظ أبوسعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن «قاضى التحقيق يحق له بعد انتهاء التحقيقات بإرسال ملف القضية إلى النائب العام، لتحريك الدعوى الجنائية، ولكن لا يجوز له الحديث عن مضمون التحقيقات، أو الأدلة الواردة فيها، ومدى قوتها أو ضعفها، لأن الأمر فى النهاية يخضع للمحكمة المعنية، التى تحقق الأدلة، وبعضها يتم إلغاؤه أو إيجاد أدلة مضادة». ويوضح سعدة أن ما حدث من جانب جهات التحقيق، يمثل خرقا للقانون باعتباره يؤثر على الرأى العام، وهو ما تعاقب عليه المادة رقم 75 من قانون الإجراءات الجنائية، التى تلزم جهات التحقيق، من قضاة وأعضاء نيابة، وخبراء ومساعدين ومحامين وسكرتارية التحقيق، بالحفاظ على سرية التحقيق، ويعتبر إفشاء هذه الأسرار جريمة عقوبتها الغرامة أو الحبس لمدة لا تزيد عن 6 أشهر. السنة الخامسة - العدد 343 - الاثنين - 27/02/2012