من أين يأتى حازم صلاح أبو إسماعيل بكل هذه الثقة التى يتحرك بها؟ يفعل كل ما يريده دون أن يخشى حسابا أو عقابا أو حتى عتابا؟ من أين يحصل أبو إسماعيل على هذه الراحة والسكينة وهو يرتكب كل الجرائم الجنائية التى يعاقب عليها القانون صراحة لا تلميحا ولا التفافا؟.. مدركا أنه لن يناله سوء بل سيكون قادرا كما فعل أن يتلاعب بقيادات وزارة الداخلية فيذهبون فرادى وجماعات إلى قسم الدقى الذى هدد أبوإسماعيل بحصاره، وبعد أن يصلوا إليه يصدر بيانا ساخرا من أنه لم ولن يفعلها.
أسباب ثقة حازم فى نفسه كثيرة.. يمكن أن تتعرف عليها بسهولة، لأنه يمكن إجمالها فى حقيقة واحدة، فكل من ينتمى أو يعتقد أنه ينتمى إلى التيار الإسلامى الحاكم يعتقد أنه فوق القانون وفوق الحساب، خاصة إذا كانت الجريمة التى يرتكبها تصب فى النهاية لصالح النظام.
المسألة تتجاوز مع الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل – لقب الشيخ لم يعد يناسبه الآن لمخالفاته المتعددة وتجاوزاته – أن نتحدث معه فى السياسة، أو نسأله عن الدستور، أو نفتح له مساحات على أوراق الصحف وهواء الفضائيات ليتحدث عن كل وأى شىء دون ضابط أو رابط.. الأمر الآن مع أبو إسماعيل يقترب منه وهو فى دائرة الجريمة الجنائية، نعم الرجل الآن فى نظر الرأى العام وفى نظر القانون ليس أكثر من متهم.
الواقع يقول إن حازم أبو إسماعيل أصبح فوق المساءلة، ولما لا وأتباعه يتعاملون معه على أنه أمير المؤمنين الذى تجب له الطاعة.. يقدسونه وكأن الله عصمه من الخطأ، رغم أنه لم يفعل بهم إلا ما يفعله العصبجية الذين يقودون أتباعهم إلى المعارك حتى ولو لم يعرفوا عنها شيئا، فالمهم أن يسمعوا كلام أميرهم.
هل لكم أن تتعرفوا على جرائم أبو إسماعيل؟.. هل لكم أن تواجهوا الوجه المتهم من الرجل الذى أراد أن يكون رئيسا لمصر بالعافية، رغم أن شروط الترشيح من الأساس لا تنطبق عليه.. الأمر بسيط جدا.. هذا ما جرى على الأرض.. وهذا ما وجدناه فى القانون الذى لا يعترف به حازم ولا من يسيرون وراءه بالباطل.. فلا شىء مما يفعله حازم حق أبدا.
تزوير فى أوراق رسمية
ظل حازم أبو إسماعيل ولأيام عديدة ينفى بكل ما أوتى من قوة أن والدته لم تكن أمريكية، لكنه التزم الصمت تماما بعد أن أصدرت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية قرارها باستبعاده من السباق الرئاسى لأنه ثبت يقينا لديها أن والدة الشيخ أمريكية، وأن الأوراق التى تقدم بها إلى اللجنة لم تكن صحيحة.. الخطوة المنطقية بعد هذا الإعلان من اللجنة أن تتم مساءلة الشيخ حازم أبو إسماعيل رسميا على تزويره فى مستند رسمى، لكن يبدو أن اللجنة آثرت السلامة كنوع من طلب الاستقرار العام، لأنها كانت تعرف أن أولاد أبوإسماعيل الذين لا يملكون غير القوة البدنية يرهبون بها خصومها، لن يتركوا شيخهم فى العراء، وإذا كانت اللجنة طردته دون رحمة، وصمت رجاله، فإنهم لن يصمتوا أمام التحقيق معه وسجنه.
المادة 212 من قانون العقوبات تنص على أنه كل شخص ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويرا يعاقب بالسجن المشدد أو بالسجن مدة أكثرها عشر سنوات، والواقع يقول إن الشيخ حازم أبو إسماعيل وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويرا فعليا فى مستند رسمى، حيث قدم ما يفيد أن السيدة والدته لا تحمل جنسية أخرى غير الجنسية المصرية.. وعليه فالرجل من المفروض أن يعاقب بالسجن عشر مرات.. لو كانت لدينا دولة تحترم القانون، لتقدمت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية ببلاغ إلى النائب العام تتهم فيه أبو إسماعيل بالتزوير، ولو كان حدث هذا لكان الرجل الذى يلعب دور الفتوة فى المشهد المصرى الآن تربى تماما، ولما خرج علينا يتباهى بقوته، لقد خالف القانون مرة، ولم يعترض طريقه أحد، فاستمرأ الأمر واستمر فى غيه وكأنه الحاكم بأمره.
حصار مدينة الإنتاج وترويع أصحابها
فى مراهقة سياسية ذهب أبو إسماعيل ورجاله إلى مدينة الإنتاج الإعلامى لحصارها اعتراضا على سياسات الإعلام، أظهر الرجل ومن معه أسوأ ما لديهم سياسيا وإنسانيا، همجية مطلقة استعراض قوة لإرهاب الآخرين، لا يعتقد أبو إسماعيل أنه فعل شيئا مخالفا للقانون، ويؤمن رجاله على كل ما يقوله، دون أن يعرفوا أن القانون يقف لهم بالمرصاد.
المادة 369 من قانون العقوبات تقول إنه كل من دخل عقارا فى حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة أو بقصد ارتكابه جريمة فيه، أو كان دخله بوجه قانونى وبقى فيه بقصد ارتكاب شىء مما ذكر يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة أو بغرامة لا تتجاوز ثلاثمائة جنيه، وإذا وقعت هذه الجريمة من شخص أو أكثر أو كان أحدهم على الأقل حاملا سلاحا أو من عشرة أشخاص على الأقل ولم يكن معهم سلاحا تكون العقوبة بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو غرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه.
ليقل لى أحد ما الذى جاء فى هذه المادة دون أن يفعله أبو إسماعيل وأولاده، لقد ذهبوا إلى مدينة الإنتاج الإعلامى وقطعوا الطريق على العاملين فيها، وأرهبوهم واعتدوا عليهم، وهنا يمكن أن نفسح الطريق أمام السقطة الثالثة لأولاد حازم أبو إسماعيل.
ترويع الآمنين وتخويفهم
لم يكن حصار مدينة الإنتاج الإعلامى لتطهير الإعلام كما ادعى أبو إسماعيل، ولكنه كان رسالة تخويف للجميع، فإما أن تقولوا ما نريد أو لا مكان لكم بيننا، كان التخويف والترويع واضحًا جدا.
أعتقد أن حازم على الأقل بوصفه محام – لم نر له كرامة فى المحاماة على الإطلاق – يعرف نص المادة 375 مكرر من قانون العقوبات التى تقول إنه مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشد يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من قام بنفسه أو بواسطة غيره باستعراض القوة أمام شخص أو التلويح له بالعنف أو بتهديده باستخدام القوة أو العنف معه أو مع زوجه أو أحد أصوله أو فروعه، متى كان من شأن ذلك الفعل التهديد إلقاء الرعب فى نفس المجنى عليه أو تكدير أمنه أو سكينته، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين إذا وقع الفعل أو التهديد من شخصين فأكثر أو دفع باصطحاب حيوان يثير الذعر أو يحمل سلاحًا أو آلة حادة أو عصا أو أى جسم صلب أو أداة كهربائية.
من الصعب أن ينكر حازم صلاح أبو إسماعيل والذين اصطحبهم معه إلى مدينة الإنتاج الإعلامى أنهم فعلوا كل ذلك، فقد رآه الناس رأى العين على شاشات التليفزيون وهو يأخذ موقف المهدد بالقوة للعاملين فى المدينة، ثم أنه ورجاله ومن تضامن معه هتفوا ضد أسماء بعينها مهددين ومروعين، وعليه فإن جزاء الرجل السجن هو وكل من شاركه أفعاله الإجرامية.
البناء بدون ترخيص
تقول المادة 108 من القانون رقم 119 لسنة 2008 أنه يعاقب بالحبس أو الغرامة التى لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه فى جميع الأحوال بحكم تصحيح الأعمال المخالفة.
المادة صريحة فى تحديد عقوبة من يبنى على أراضى الدولة بدون ترخيص، وهنا الحديث عمن يبنى عن أرضه دون أن يحصل على ترخيص، وبهذا المقياس فجريمة حازم أبو إسماعيل مضاعفة، فهو لم يأمر أتباعه ببناء حمامات أمام مدينة الإنتاج الإعلامى بدون ترخيص فقط، ولكنه فعلها على أراض لا يمتلكها، هى أراضى الدولة.
أعرف أن حازم أبو إسماعيل لم يكن ينتوى البقاء طويلا فى اعتصامه، فهو يعرف جيدا أنه قبل أن يطالب الإعلام الخاص بالتطهير فعليه أن يفعل ذلك مع إعلام التيار الإسلامى أولا، ولذلك فإن حركة بناء الحمامات لم تكن إلا تهديدا بأن الاعتصام سيطول، وسيحتاج المشاركون فيه إلى حمامات.. دع عنك المظهر المنحط الذى بدا به من فعلوا ذلك، فحازم يتحمل عبء ذلك وحده، ما يهمنا هنا أن الأمر فى نهايته يمثل انتهاكا كاملا للقانون.
سرقة التيار الكهربائى
لم ينكر جمال صابر منسق حملة لازم حازم والذى كان موجودا طوال الوقت فى اعتصام مدينة الإنتاج الإعلامى أنه استخدم كهرباء الدولة فى إنار الاعتصام، حاول أن يبرر ما فعله بأن المعتصمين أمام الاتحادية فعلوا ذلك أيضا، وكأنه يبرر السرقة لنفسه بأن الآخرين فعلوه، وما داموا فعلوها فهى حلال إذن.. القانون لا يعرف منطق رجل أبوإسماعيل فالمادة 311 من قانون العقوبات تقول إنه كل من اختلس منقولا مملوكا للغير فهو سارق يعاقب بالحبس، وأعتقد أنه ليس بعد اعتراف جمال صابر دليل، فقد سرق أولاد أبوإسماعيل التيار الكهربى المملوك للدولة، ولا أقل من أن يعاقبوا بتهمة السرقة.
إتلاف ممتلكات الغير
يصر حازم أبو إسماعيل والذين معه على أنه لم يحرض أحدا على اقتحام حزب الوفد أو إتلافه، وأنه برىء من ذلك براءة الذئب من دم ابن يعقوب، لكن ولأنه الذئب حتى لو تبرأ من دم ابن يعقوب فإنه يظل ذئبا، فإننا لا نثق فيما يقوله حازم أو رجاله، فلولا الزخم الذى جرى أمام مدينة الإنتاج الإعلامى من التحريض والترويع والتخويف لمعارضى الرئيس لما تجرأ من هاجموا الوفد حزبا وجريدة على ذلك.
تقول المادة 361 من قانون العقوبات إنه كل من ضرب أو أتلف عمدا أموالا ثابتة أو منقولة لا يمتلكها أو جعلها غير صالحة للاستعمال أو عطلها بأى طريقة يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تتجاوز ثلاثمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وغرامة لا تقل عن مائة جنيه إذا نشأت عن الفعل تعطيل أو توقف أعمال مصلحة ذات منفعة عامة أو إذا ترتب عليه جعل حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم فى خطر.
حتى لو قلنا إن حازم لم يفعلها، لم يحرض على حزب الوفد، فإن يده ليست طاهرة مما جرى، وما جرى لا يخرج بأى حال من الأحوال عما نص عليه القانون، لكن المشكلة الحقيقية ليست فى القانون، ولكن فيمن يطبق القانون.. فيمن يخضع الجميع له دون أن يخشى سلطة أو بلطجة أو عضلات من يدعون أنهم رجال الله الذين ينفذون شرعه على الأرض.
الآن حازم صلاح أبو إسماعيل ليس الرجل الذى يطمع فى حكم مصر، هو بالكاد يرضى بما يمكن أن تلقى له به جماعة الإخوان المسلمين، حتى لو كان فتاتا.. فهو سيرضى.. وليس بعيدا إن صفقات سرية جرت بين الرجل وبين الجماعة، صفقات يحرق فيها أبو إسماعيل أولاده من أجل دولة المرشد، فليس مهما أن يموت كل من حوله، فى سبيل أن يبقى هو.