استنكرت صحيفة (الجارديان) البريطانية فكرة أن الصراع الدائر في منطقة الشرق الأوسط دائما ما يطغى على الأحداث الدامية والمشتعلة في وسط أفريقيا بل ويحظى بكافة الاهتمام الدولي أيضا. ولفتت الصحيفة البريطانية - في مقال تحليلي أوردته على موقعها الإلكتروني اليوم /الأحد/ - إلى أنه في الوقت الذي بدأت فيه عملية التصعيد في قطاع غزة المحاصر بين حركة حماس وإسرائيل، وقف العالم على قدم وساق لتغطية تداعيات الموقف وسعى الدبلوماسيون لإخراج الجانبين من هذا الصراع الدامي والذي أسفر عن مقتل 160 شخص عقب ثمانية أيام من القتال المحتدم. وتابعت الصحيفة قولها :إلا أنه وعلى بعد 2300 ميل نحو الجنوب، اتخذت الأحداث منعطفا حادا نحو الأسوأ في حرب إقليمية أخرى لا تنتهي؛ والتي تنطوى أيضا على أعداد من الناجين من إبادة جماعية وحشية يركزون على تأمين مستقبلهم بأى ثمن كان، مما يتمخض عنه صراعا أكثر دموية وتدميرا. وأوضحت أن هذا الصراع هو الذي تعيش فيه دولة الكونغو الديموقراطية التي تعد مسرحا للمذابح، والاغتصاب الجماعي، وإجبار الأطفال على خوض القتال، ونزوح الأسر خوفا على حياتهم، مشيرة إلى أن مثل هذه الأحداث الدنيئة نادرا ما تتصدر العناوين الرئيسية. وحذرت الصحيفة من وجود خطر يلوح في الأفق من اندلاع جولة أخرى في الصراع الأكثر دموية منذ الحرب العالمية الثانية. ورأت الصحيفة أن القوى الغربية تتحمل بعض المسؤولية في هذا الفصل الآخر من الأحداث المأسوية في الكونغو، وهذا ليس فقط بسبب الانقسامات العرقية التى اشتعلت إبان السنوات المظلمة للحكم البلجيكي الفاسد والتي تسبب مثل هذا المخاوف ، وليس لأن الغرب يلتهم المعادن التي تمول أمراء الحرب ؛ ولكن لأن هناك دولا مثل رواندا المقربة من الجهات المانحة الغربية والتي تسعى لتهدئة شعورهم بالذنب تجاه تقاعسهم عن إلعمل خلال إبادتها الجماعية. وأشارت الصحيفة إلى أن بريطانيا والولايات المتحدة خاصة قامتا بتكريم هذا النظام ورئيسه الاستبدادي بول كاجامي بما يرتكبه من قمع داخلى يؤدى إلى عواقب كارثية بالنسبة لملايين الكونغوليين. وأبرزت صحيفة (الجارديان) البريطانية تجاهل الغرب لجرائم الحرب المتكررة التي ارتكبها نظام الرئيس بول كاجامي في رواندا، حيث أدى الغزو الأول - حسب الصحيفة - إلى طرد الهوتو الذين فروا من الإبادة الجماعية عبر حدود الكونغو وسمح لهم بإعادة تجميع صفوفهم من قبل منظمات الإغاثة؛ الأمر الذي أدى إلى وفاة 300 ألف من اللاجئين الأبرياء؛ وقد وصف أحد الخبراء هذا بإبادة جماعية من الاستنزاف. وأشارت إلى أن الغزو الثاني قد أثار "المذبحة الأسوأ"؛ وذكر محققو الأممالمتحدة وحقوق الإنسان كيف أن القوات الرواندية وحلفاءها قاموا بذبح النساء والأطفال وكبار السن. ونوهت إلى أن بريطانيا تعد بمثابة أكبر الجهات المانحة الثنائية لرواندا؛ بالرغم من أن بريطانيا بذلك تمول مباشرة وكالات القمع، والذي أدى إلى انضمام رواندا إلى الكومنولث ..مشيرة إلى أن الروابط بين البلدين عميقة بشكل مروع، وذلك بالنظر إلى تقديم رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير النصائح لكاجامي في شؤون حكمه، في الوقت الذي يسعى فيه الأول لإرساء السلام في منطقة الشرق الأوسط. وتابعت "ومع ذلك، وبعد اعتراف بريطانيا بأن الأدلة على دعم رواندا لحركة التمرد الكونغولية (ام-23) "ذات مصداقية"، يتعين عليها الآن التعويض عن دعم هذا النظام الوحشي عن طريق قطع كافة المساعدات، وفرض عقوبات قاسية والسعي لإتخاذ إجراءات اتهام كاجامي وكبار موظفيه بارتكاب جرائم الحرب، إضافة إلى أنه يتعين على الأممالمتحدة أيضا مراجعة مهمتها في حفظ السلام في الكونغو". وخلصت صحيفة "الجارديان" البريطانية في ختام مقالها إلى أن رواندا ليست الداعم الوحيد لمثل هذا الصراع بالرغم من أنها الأكثر دعما، إلا أن هناك أيضا أوغندا، متساءلة هل حان الوقت لوقف هذا الصراع في الكونغو أم لا؟