اتهم أحد أمراء الجماعات السلفية الجهادية في تونس حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس بأنها "ليست سوى ذراع الإدارة الأميركية في تونس" منحتها واشنطن صكا أبيض ل"تنفيذ سياساتها في البلاد والفتك بالسلفيين وقتلهم" ودعا النشطاء السلفيين إلى "إعداد أكفانهم" استعدادا للجهاد ضد الحكومة الكافرة. وقال إمام جامع النور نصر الدين العلوي في برنامج حواري بثته قناة "التونسية" في الساعة التاسعة من مساء أمس الخميس إن "تونس لا تديرها حركة النهضة ولا الأحزاب السياسية بل تديرها جهات أمن الدولة التي هي حديقة خلفية للحكومة التي تُدار من الإدارة الأمريكية من واشنطن" مشيرا إلى أن " النهضة وبعض الأحزاب تريد أن تقوم بحملة انتخابية استباقية على جثث وأنقاض التيار السلفي". واكتفى وزير الداخلية والقيادي في حركة النهضة علي لعريض الذي شارك في البرنامج بالتأكيد على أن الوزارة ماضية في تطبيق القانون وأنها لا تسمح لأي مجموعة أن تحل محل الدولة.
وبعد ساعات من تصريح العلوي، أحبطت قوات الأمن التونسية محاولة عدد من السلفيين اقتحام مقر قناة "تونسنا" الخاصة في شارع الحرية وسط العاصمة التونسية.
وذكر موقع قناة "التونسية" ان "فرقة مكافحة الارهاب تمكنت في سرعة قياسية من القبض على افراد العصابة التي حاولت اقتحام مقر القناة التلفزية 'تونسنا'، وقد اتضح ان المورطين هم من شباب المنطقة (..) وتم تطويق الحادث وعادت الامور الى سالف نشاطها".
ورجحت بعض المصادر أن المهاجمين كانوا يرغبون بمهاجمة مقر قناة "التونسية"، لكنهم ربما "أخطأوا العنوان" (نظرا لتشابه اسم القناتين).
وخلال اليومين الماضيين شهد حي خالد بن الوليد بمنطقة دوار هيشر الذي يقع في محافظة منوبة شمال غرب العاصمة تونس اشتباكات عنيفة بين السلفيين وقوات الأمن.
وبدأت الاشتباكات حين تجمع أكثر من مائة سلفي وهاجموا مركزين للشرطة محاولين الاستيلاء على السلاح لكن قوات الشرطة تلقت تعليمات من وزير الداخلية بالتصدي لهم بكل الوسائل بما في ذلك استعمال الرصاص الحي.
وأسفرت الاشتباكات عن مقتل سلفيين اثنين بالرصاص الحي هما أيمن العمدوني وخالد القروي كما أصيب رجلي أمن بجروح.
واستغل نصر الدين العلوي مشاركته في البرنامج التلفزيوني ليحرّض التونسيين على الجهاد ملتحفا بكفنه على طريقة أيمة الشيعة في خطوة لم يألفها التونسيين وبدت لهم دعوة إلى الاقتتال والفتنة الدينية في بلاد يعتنق أكثر من 90 بالمائة من سكانها المذهب السني المالكي المعتدل.
وقال العلوي "أعددت كفني من هذا اليوم بعد أن قُتل هذين الشهيدين".
ودعا العلوي الذي نصبه السلفيون إماما جديدا لجامع النور بمنطقة دوار هيشر "كل شباب تيار الصحوة الإسلامية إلى إعداد أكفانهم" استعدادا للجهاد لأن "حركة النهضة وعديد الأحزاب السياسية تريد أن تنجز انتخابات جديدة على أنقاض وجثة التيار السلفي".
وتهجم العلوي على وزير الداخلية قائلا له بأنه "لا يملك شيئا من وزارة الداخلية غير تهديد السلفيين لأن دمهم رخيص".
وتوجه العمدوني لوزير الداخلية قائلا "هل هذه الأخلاقيات التي تعلمتموها في حركة النهضة، هل هاته عقيدتكم؟
واعتبر وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية والناطق الرسمي باسم الحكومة سمير ديلو أثناء حضوره في البرنامج التلفزيوني خطاب العلوي بأنه "خطاب تحريضي وخطاب فتنة".
وتوجه ديلو للعلوي قائلا له "أنت لست أهلا لأن تكون إماما تؤُم المواطنين.
وتصاعدت خلال الفترة الأخيرة حدة التوتر بين السلفيين وحركة النهضة بعد أن أقدمت الحكومة على اعتقال حوالي 100 عنصر سلفي على خلفية مهاجمة السفارة الأميركية بتونس في 14 أيلول/سبتمبر مما أوقع أربعة قتلى بين صفوف المهاجمين.
ولم تنفذ حكومة النهضة حملة اعتقالات السلفيين الذين تورطوا في مهاجمة السفارة الأميركية إلا بعد أن طالبتها واشنطن علنا ب"تقديم المجرمين إلى العدالة".
ولاحظ مراقبون أن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي نأى بنفسه عن أي تصريح أو موقف من الاعتقالات.
وأرجع المراقبون صمت الغنوشي تجاه الأحداث الأخيرة الدامية إلى أنه وقع في "مأزق" فلا هو نجح في استمالة السلفيين ولا هو حظي بثقة واشنطن التي يبدو أنها راجعت موقفها منه بعد أن زودها سفيرها جاكوب والس بتقارير تؤكد أن السلفيين يحظون بتأييد خاص من قبل رئيس حركة النهضة.