عصام زكريا كاريكاتير شديد البلاغة لرسام عالمى تعليقا على حكاية الطفلة الباكستانية «مالالا» التى قامت عصابة «طالبان» بإطلاق الرصاص عليها لأنها تذهب إلى المدرسة وتدافع عن حق البنات فى التعليم.
الكاريكاتير يصور فتاة محجبة صغيرة ترفع كتابا فى مواجهة جيش من مسلحى طالبان. الفتاة فى وضع الهجوم والمسلحون هم الذين يرتعدون من الخوف ويتراجعون أمام الفتاة والكتاب. الكتاب على غلافه كلمة واحدة هى «التعليم»، وهو مشهر مثل سيف سحرى فى يد الفتاة يسحق دفاعات المسلحين، أو مثل مصباح يتقدم ضوؤه قاهرا الظلام.
التعليم هو العدو الأول للجهل بالدين والتخلف والعنف باسم الدين، ولا عجب أن الوزارة الوحيدة التى استمات المتأسلمون فى مصر للاستيلاء عليها هى وزارة التعليم...ليس لأن لديهم شيئا يعلمونه للصغار، ولكن لأنهم يريدون زرع كراهية التعليم والعلم فى نفوسهم حتى يسهل لهم السيطرة على عقولهم وأجسادهم.
لا شىء يخشاه هؤلاء أكثر من عقل يفكر وجسد يتحرر، فهم أسرى عقولهم الصدئة وأجسادهم المعذبة، وكتاب فى يد امرأة يمكن أن يفزع المتطرفين الدينيين أكثر من جيش أمريكا الذى يضربهم بالصواريخ والطائرات أو قوات الأمن التى تقتلهم وتعتقلهم وتعذبهم حتى الموت.
هؤلاء لا يخافون التعذيب أو الموت لأن العنف والألم و«الاستشهاد» هى وسائلهم الوحيدة للشعور بأنهم أبطال، وسبيلهم الوحيد إلى ملء ذواتهم الخاوية، ولكنهم يرتعبون من التعليم والنساء لأن التعليم يهدد ظلام عقولهم، والنساء يهددن رجولتهم المصطنعة، أما النساء المتعلمات فتركيبة مضاعفة الأثر لا يستطيعون مواجهتها فكريا أو بدنيا!
هل تصدق أن فى هذا العالم رجالاً يخططون ويتدربون ويتسلحون ويتسللون كاللصوص فى الظلام، من أجل خطف أتوبيس مدرسة وقتل تلميذة لا يزيد عمرها على أربعة عشر عاما لأنها تذهب إلى المدرسة؟! وهل تصدق أن فى هذا العالم بشرا أقل شأنا من الحيوانات يخططون وينفذون عملية تسميم نافورة مياه بجوار مدرسة بنات عقابا لهن ولأهلهن الكفار الذين يريدون تعليم بناتهم؟!
هل تصدق أنه فى باكستان التى يسيطر عليها «الإسلاميون» قامت امرأة بقتل زوجة ابنها لأن الزوجة رفضت أن تعمل عاهرة لإعالة أسرة زوجها الفقيرة؟!
أهم شىء ألا تصدق أن مصر تختلف كثيرا عن أفغانستانوباكستان والسودان...فالعقول المتخلفة واحدة، والفروق بينهم مسألة وقت لا أكثر ولا أقل. السلفيون ومعظم الإخوان يتحايلون فقط فى انتظار الوقت الملائم ليتحولوا إلى «طالبان» وأسوأ.
هل تعلم أن فى مصر كائنات تشبه الرجال يمنعون بناتهم من التعليم، وأن فيها كائنات تشبه النساء تزرع فى بناتها أنهن أدنى من أدنى رجل، وأنهن مجرد أجساد للمتعة وخدمة الرجال؟!
هل تعلم أن فيها كائنات يزعمون أنهم رجال يخطفون فتاة مسيحية لا يزيد عمرها على «مالالا» ويجبرونها على تغيير دينها، ويعتقدون أنهم بذلك يرضون الله ورسوله.. كأن الله يحتاج إلى إسلام طفلة بالقوة أو كأنه لم يكن يستطيع أن يخلقها مسلمة من الأساس؟!
وهل تعلم أن فيها مئات وآلاف العائلات يزعمون تطبيق شرع الله وهم يبيعون بناتهن القصر للخلايجة بعشرة آلاف جنيه أو أقل؟
لا تدعى أنك لا تعلم، ولا تلجأ إلى الحيل الدفاعية من نوعية أن هذه الأخبار «فوتوشوب» وأنها ملفقة ضد أبرياء، أو أن هؤلاء المتطرفين أقلية ضالة لا تستحق منك جهد التبرؤ منها، أو أن جماعتك وعشيرتك وشعبك المصرى كله لا يختلف تماما عن هؤلاء. إن سكوتك عن الحق، وتهربك من مسئولياتك كإنسان، وعدم تصديك لمن قاموا بخطف دينك والتحدث باسمه، هى أكبر جرائم فى حق الإسلام والإنسانية والرجولة الحقيقية.. رجولة المواقف والأخلاق.
أرجوك لا تزعم أنك أفضل منهم، لأنك لا تختلف عنهم كثيرا!