قال الدكتور "صابر حارص" أستاذ الإعلام ورئيس وحدة بحوث الرأي العام بجامعة سوهاج في ندوة حزب البناء والتنمية بطهطا أمس " الانتخابات البرلمانية القادمة ومستقبل الثورة المصرية" إذا كانت مصر تذكر لشبابها قيامهم بثورة 25 يناير فإن العالم الإسلامي يذكر للجماعة الإسلامية دورها الكبير في تحرير أفغانستان وداغستان والشيشان من الاستعمار الشيوعي ثم انفرادها كجماعة إسلامية بقيمة المراجعة ومحاسبة نفسها في الدنيا قبل أن يحاسبها الله في الآخرة، وقدّمت الجماعة نفسها كنموذجٍ لحكماء استفادوا من تجاربهم في تغيير المنكر وجهاد الحاكم الفاسد المستبد وانخراطهم في العمل السياسي برؤية وطنية تدرك أن لمصر خصوصية في قلب العالمين العربي والإسلامي.
ودعا " حارص" الشباب المصري لتدبر سيرة قادة الجماعة الإسلامية والاستفادة منها في مراجعة النفس وقوة العزيمة والاهتمام بالعلم وحصولهم على أعلى الدرجات العلمية وهم داخل السجون والمعتقلات حتى اصبحوا دكاترة في القانون الدستوري أمثال صفوت عبد الغني وطارق الذمر وغيرهم.
وأضاف "حارص" إذا كان الإخوان المسلمون يمثلون القوة العظمى في الإسلام السياسي والسلفيون يمثلون القوة الصاعدة فإن الجماعة الإسلامية بوضعها الحالي تمثل "البطل المنتظر" المصطلح الذي أطلقه اساتذة العلوم السياسية على الصين خاصة بعد اعتمادها رؤية ومنهجاً وخطاباً تسامحياً يصل إلى درجة العفو السياسي وليس الجنائي عن رموز النظام السابق أسوة بما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم في فتح مكة مع أهلها وكبرائها وما فعله نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا، رغم ما تعرضت له الجماعة من مطاردة وملاحقة وتعذيب وسجن وقتل عشوائي خارج القانون.
وأشار "حارص" إلى أن الذين أعدمتهم الدولة من الجماعة لا يتجاوزون خمسمائة بواسطة محاكم أمن الدولة العليا ، بينما يتجاوز من تم قتلهم خارج الإطار القانوني 1500 عضو من بينهم الشهيد "علاء محيي الدينط الذي قُتل دون أدنى علاقة له بالعنف السائد وقتها ولا تزال الجماعة تريد توضيح ذلك للراي العام إجلاء للحقيقة وخاصة لأسرته.
وأضاف " حارصط أن الجماعة تتبنى في عملها السياسي خطاباً انفتاحياً على كل القوى الثورية والشباب والأقباط والمرأة وتقرر دعم كل هؤلاء في الانتخابات القادمة بشرط توافر عنصري الكفاءة والنزاهة، وتعتبر الجماعة معيار الكفاءة مُقدم على معيار التقوى والصلاح، وهي تبحث عن الكفاءة دون أدنى إعتبار لجنس أو طائفة أو معتقد وترى أن العمل البرلماني مباح للنساء ولا يقع في الولاية العامة أو الكبرى.
وقال "حارص" أن الجماعة قدمت نموذجاً لأنكار الذات حينما زهدت في الحقائب الوزارية واللجان البرلمانية والفريق الرئاسي وتنازلت عن مقعديها في اللجنة الدستورية حلاً لخلافاً بين القوى السياسية وتبنت الجماعة رؤى تصالحية وتوافقية مع كل القوى السياسية في المجتمع وحرصت طوال ممارستها السياسية منذ قيام الثورة على التزام خطاً وطنياً بعيداً عن مصلحة حزبها أو جماعتها لأنها ترى أن الحزب والجماعة هم مجرد أدوات لتحقيق مصلحة الوطن.
و قال الدكتور"عصام دربالة" رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية أن الانتخابات هي المحاولة الأخيرة لعودة النظام السابق وأن الثورة المصرية يجب أن تنتصر أمام أي محاولة لإعادة إنتاج الفلول لأنه من الصعب أن تقيم بناءً وهناك من يحاول هدم هذا البناء قبل أن يبدأ.
ودعا دربالة إلى فتح صفحة جديدة مع كل أبناء مصر غير محملة بصراعات الماضي أو تحيزات ورؤى مُسبقة في مناخ تحاول فيه الثورة تصحيح فساد الماضي والتأسيس لدولة القانون والانتقال من ضيق الأنا إلى سعة " نحن" ورفض التمحور حول الذات وتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير فرص عمل للشباب.
وأكد دربالة أن " أخونة الدولة" قضية وهمية لأن المصريين والإسلاميين أنفسهم لا يسمحون بذلك ولأن ذلك أيضاً يستعصي على الإخوان أنفسهم، ودعا دربالة إلى إستبعاد التوجهات السياسية والطائفية في اختيار مواقع المسئولية والاعتماد فقط على معايير الكفاءة والأمانة والنزاهة، وسرعة تحقيق الأمن والاستقرار وإتاحة الفرصة لاستكمال الدستور بما يضمن لمصر وطن حر ومستقل وإنصاف الفقراء وترسيخ الحرية لكل المصريين ومصالحة وطنية تجمع إرادة المصريين حول البناء.
وقال الدكتور "صفوت عبدالغني" أمين عام حزب البناء والتنمية أن مصر في أمس الحاجة إلى مفهوم جديد لمعني العمل الحزبي لا يقوم على الصراع والخلاف والمنافسة والمعارضة بل يسعي للتكامل والتعاون والبناء، وأن الجماعة الإسلامية جماعة رائدة في وجه الظلم والاستبداد والطغيان وما كان لها إلاّ أن ترفع راية الحق ولا تنازع على دنيا لأنها تطلب الآخرة حتى وهي تعمل في السياسة، ولم يكن من غاياتها أن تؤسس حزباً ولكنها لجأت إليه كآلية تنظيمية وشرعية للعمل في النور .
ورفضنا أن نحذف حرفاً واحداً من برنامج حزبنا وأنصفتنا المحكمة الإدارية العليا في ذلك لأن الجماعة تسعى إلى الحق في الدين والدنيا ولا تنازع على سلطة أو جاه وتريد راية مصر مرفوعة أياً كان رافعها ولا تتنازع على سلطة أو جاه وتسعى للتحالف مع الجميع من أجل بناء الوطن لأن إمارة في مصر تعدل خلافة وإذا استقامت مصر استقامت الدول من حولها.
وأضاف عبد الغني الذي يرأس المكتب السياسي للجماعة أن الوقت الآن ليس وقت الخلاف لأن الخلاف يجب أن يأتي بعد بناء الدولة ويكون على دولة قوية وليس على دولة تعاني من رسوخ الفساد والانفلات، فما هذه شيمة الرجال أو الوطنيين الأحرار أن يتصارعوا على ركام وتراب، وهو الأمر الذي طبقه حزب البناء والتنمية على نفسه فدعا إلى تشكيل لجان البرلمان بالتراضي دون أن يأخذ لجنة واحدة وزهد في الحقائب الوزارية وغيرها وحينما رغب في التواجد بالمجلس القومي لحقوق الانسان للدفاع عن المظلومين لميُتاح له ذلك.