للورد لغة تعبيرية خاصة ، عندما يغيب الكلام ويصعب التعبير ، وتجف الأقلام ، ويتلعثم اللسان فتبقى وحدها نضرة زاهية ، لتحمل معاني الكلمات، فما بالك إن جمعت هذه الورود ونسقت بشكل فني ولمسة إبداعية، تضفي عليها رونقا من نوع آخر . فن تنسيق الورود تقاطع ما بين لمسات سحرية ، ورؤية إبداعية تولد بالفطرة لتقدم لنا باقة من الزهر بأروع أشكالها . وكما للرسام ريشته وألوانه ، للمنسق أدواته أيضا محاكياً دلالات الزهر الرمزية ، مشكلاً لوحته الفنية الخاصة.
«تشرين» التقت بنسمة التي حدثتنا عن هذا الفن بقولها : إن تنسيق الزهر كعمل إبداعي وفني هو تعبير عن النفس الإنسانية ترسله في تصوير إنتاجي لتعبر به عن أحاسيس ولترمز به إلى آمال أو رغبات أو تمنيات أو على الأقل عن أحلام قد يصعب تحقيقها،غير أن في إبرازها راحة للنفس ومتنفساً حسياً ومبعثاً على الرضا وتحقيقاً لقناعة روحية. وقد ارتبط فن تنسيق الأزهار بحياة اليابانيين منذ مئات السنين ,ويعتبر هذا الفن عندهم احد عوامل الثقافة الوطنية , وعلى مر السنين تبلوروا فيه ومارسوه في نشاطهم اليومي وأصبح جزءاً متمماً لحياتهم, وكان لفهمهم هذا أثر واضح في تنسيق الزهر في العالم الحديث
فقد نرى في آنية يابانية بسيطة وبضع زهور أو أعشاب ما يخفي في حقيقة الأمر أسطورة واسعة المدى لحياة تجاذبتها تصاريف الأزمان بحلوها ومرها . وتتابع نسمة :هناك عدة عناصر للتنسيق منها الموضوع، والإضاءة التي تعد من العوامل التي تعين المنسق على بلوغ غايته في التصميم فهي تحدد اختيار الألوان الملائمة, فالألوان الزاهية الفاتحة تليق بالأماكن البعيدة عن الضوء القوي , والأزهار القاتمة الغامقة يظهر جمالها في الضوء الشديد الناصع ويلاحظ أن التنسيقات النهارية يضيع جمالها إذا وضعت على مائدة العشاء, فالبنفسجي الأحمر يتحول إلى لون غامق والأصفر الباهت يفقد لونه وجماله, أما الأبيض فيحتفظ برونقه وجماله وهذه ميزة خاصة به .
ويلعب اختيار شكل الأزهار ولونها دوراً بالشكل النهائي للتنسيق الزهري فهناك الكثير من أنواع وأشكال الزهر منها عمودية أو مستطيلة : مثل ( زهر الخطم وزهرة الكؤوس والعشب الأزرق و «الإريموراس» وزهرة عنب الثعلب و الجلاديولاس والزهرة المكحلة وزهرة اللياتريس والترمس وعنب الذئب الأحمر والميتولا ، والغابنثوس « زهرة الحب « والقرنفل والأقحوان المزدوج « زهرة الذهب» و النيرين والبيوتيا ، ومنها أيضا الزهر المتدلية مثل البندق وزهرة نزيف الحب الكاذبة).
ونهاية الكلام ..الطبيعة مجموعة من المتضادات بلورها الإنسان بفن أبدعه عن طريق محاكاته لها , لألوانها, لصمتها, لهدير الماء فيها , لرقتها, ولقسوتها حين تغضب وتثور.