بتوجهه غدا إلى طهران، يريد الرئيس محمد مرسي، المنتمي إلى التيار الإسلامي، إذابة الجليد الذي يغلف العلاقات بين البلدين منذ نحو 30 عاما، واتباع دبلوماسية أكثر فعالية من دبلوماسية الرئيس السابق حسني مبارك، إلا أنه يتعامل أيضا بحذر مع هذه الزيارة الحساسة. ومن المقرر أن تسلم مصر في هذه المناسبة إلى إيران رئاسة حركة عدم الانحياز التي تنعقد قمتها ال 16 الخميس والجمعة في طهران.
وبعد زيارة إلى الصين، التي تشكل أول رحلة لمرسي خارج العالم العربي، سيتوقف الرئيس المصري ل "ساعات" في العاصمة الإيرانية، كما أعلن المتحدث باسمه ياسر علي، مؤكدا أن هذه الزيارة ستكون مخصصة فقط لقمة عدم الانحياز.
وقال المتحدث باسم الرئاسة، إنه "لا يوجد أي موضوع آخر" خلال هذه الزيارة مستبعدا بذلك ما تردد من أنباء عن إمكانية استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في هذه المناسبة.
كان وزير خارجية إيران علي أكبر صالحي، قال في مقابلة نشرتها "الأهرام" الثلاثاء الماضي، إن مصر "هي قلب العروبة النابض والتي نتمنى ونأمل أن تعود العلاقات معها إلى وضعها الطبيعي ومسارها الحقيقي"، مضيفا "نحن نسير في هذا الاتجاه والأمر يتوقف على بعض الإجراءات البروتوكولية".
واعتبر صالحي في هذه المقابلة التي أجريت معه في مكةالمكرمة على هامش قمة منظمة التعاون الإسلامي، أن"الثورة أعادت مصر إلى وضعها الطبيعي، وفتحت فصلا جديدا في مسار سياستها الخارجية وعلاقاتها الدولية"، مؤكدا "نرحب بالرئيس محمد مرسي في زيارته إلى إيران".
واعتبر السيد أمين شلبي مدير المجلس المصري للشؤون الخارجية، وهو مركز دراسات أنه "أيا كان الأمر فإن زيارة مرسي ستعطي دفعة لتطبيع العلاقات بين مصر وايران".
وأضاف "لكن زيارة لا تزيد مدتها كثيرا على 4 ساعات لا تكفي لتحقيق اختراق ولا شك في أن قطيعة لنحو 32 عاما تترك أثارا وخاصة على القضايا التي تمس الأمن الإقليمي.
ويرى المراقبون أن أي تقارب واضح مع إيران لابد من أن يصطدم بمعارضة من الغرب وخصوصا الولاياتالمتحدة الحريصة على إحكام عزلة نظام طهران لإرغامه على إعادة النظر في برنامجه النووي.
كما أن مثل هذا التقارب يمكن أن يثير حفيظة دول الخليج السنية، التي تشتبه في أن إيران الشيعية تسعى إلى زعزعة استقرارها، والتي تريد القاهرة الحصول منها على مساعدة لأزمة للتغلب على صعوباتها الاقتصادية.
هذا إضافة إلى أن مرسي نفسه ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين السنية البعيدة على الصعيد الديني عن المذهب الشيعي الذي تتبناه إيران.
كانت طهران، قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع القاهرة عام 1980 بعد الثورة الإسلامية، احتجاجا على توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979.
من جانبه، حرص الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك طوال حكمه الذي استمر نحو 30 عاما على إبقاء مصر في معسكر الدول المعادية للنفوذ الإيراني الذي كان يعتبره من عناصر زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط. ولم يقم مبارك بأي زيارة لطهران.
إلا أن مرسي أبدى عزمه على إدخال تغيير على السياسة الخارجية التي اتبعها سلفه، الذي كان حليفا قويا للولايات المتحدة.
وأشار ياسر علي قبل توجه الرئيس مرسي إلى الصين وإيران إلى أن الدبلوماسية المصرية الجديدة ستكون أكثر فاعلية ونشاطا للخروج من "حالة الركود" التي شهدتها في عهد مبارك، مشددا على أن مصر ليست في حالة عداء مع أي بلد كان.
وقد أعطى النزاع في سوريا فرصة لمرسي ليمد يده إلى طهران، الحليف القوي لنظام بشار الأسد، وإن كانت القاهرة ترغب من جهتها في تغيير الحكم في دمشق.
وطرح مرسي فكرة إنشاء لجنة إقليمية رباعية لإيجاد حل للأزمة السورية تضم مصر وإيران والسعودية وتركيا.
وقال المتحدث باسم الرئاسة للصحفيين "لو كتب النجاح لهذه اللجنة ونحن مصرون على نجاحها ستكون إيران جزءا من الحل وليس من المشكلة وبالتالي نحن دعونا إيران لتكون جزءا من هذه اللجنة الرباعية".
وقد أعلنت إيران بالفعل في 17 أغسطس ترحيبها بالاقتراح المصري.
واعتبر الباحث السياسي عمرو الشوبكي في مقال نشرته صحيفة "المصري اليوم" المستقلة أن "موضوع عودة العلاقات مع إيران يأتي فى الإطار الطبيعي وليس الثوري، لأن المطلوب أن تكون مصر على الأقل مثل السعودية والإمارات والجزائر وباقي الدول العربية والإسلامية، لها علاقات مع إيران، وأن هذه العلاقات لا تعني التحالف ولا الاتفاق ولا تبني النموذج الإيراني، إنما فقط إدارة الخلاف والاتفاق من خلال قنوات دبلوماسية وسياسية مباشرة".