من أكثر القضايا المثارة فى الوقت الراهن داخل الولاياتالمتحدة هى علاقة الإدارة الأمريكية بالإخوان المسلمين، سواء القضية المتمثلة فى قيام خمسة أعضاء بالكونجرس بإرسال خطابات إلى جهات حكومية أمريكية من بينها وزارات الخارجية والعدل بالإضافة إلى هيئات الأمن الوطنى الأمريكى، تعبر فيها عن مخاوف أمنية حقيقية ومطالبة بالتحقيق مع السيدة همة عابدين التى تعمل كمساعدة لوزيرة الخارجية بسبب انتماء عدد من أفراد أسرتها لجماعة الإخوان المسلمين، والتخوف من أن يكون ذلك جزءا من «مؤامرة» للإخوان المسلمين للتأثير على السياسة الخارجية الأمريكية لتلبية مصالح جماعة الإخوان؟! أو القضية الثانية التى أثارها مؤخرا «فرانك وولف عضو الكونجرس عن ولاية فرجينيا» وطالب فيها بالتحقيق مع الرئيس أوباما ووزيرة خارجيته هيلارى كلينتون فى الاتهامات الموجهة لهما بسبب دعم الإدارة الأمريكية لجماعة الإخوان المسلمين بحوالى 50 مليون دولار فى الانتخابات الرئاسية المصرية فى جولة الإعاد لصالح محمد مرسى. وكانت الزيارات واللقاءات المتتالية التى قام بها عدد من الشخصيات الأمريكية - النافذة فى الإدارة الأمريكية - لجماعة الإخوان المسلمين مؤخرا بالقاهرة قد أثارت دهشة بعض المراقبين للمشهد السياسى فى مصر، لكن فى حقيقة الأمر أن اتصالات الإخوان السرية بالأمريكان ليست حديثة العهد لمن يعرف تاريخ الجماعة !! فقد بدأت الاتصالات مع مؤسس الجماعة حسن البنا عندما التقى برجل المخابرات الأمريكية «فيليب ايرلاند» الذى كان يعمل بالسفارة تحت غطاء دبلوماسى «السكرتير الأول بالسفارة الأمريكية» وفى هذا اللقاء الذى فضل حسن البنا أن يتم بمنزل «ايرلاند» بالزمالك ضمانا للمزيد من السرية والحيطة؟؟ وفقا لرواية د. محمود عساف القيادى السابق بالجهاز السرى لجماعة الإخوان، وبجانب أن اللقاء كان بداية للتحالف والتنسيق بين الإخوان والأمريكان، تقرر فيه وضع قواعد التعاون ووسائل الاتصال السرى بينهما على أساس، (الإخوان برجالهم ومعلوماتهم الداخلية عن مصر، والأمريكان بأموالهم) !! وتشير الملفات المركزية لوزارة الخارجية الأمريكية إلى أن أحد نواب المرشد الأول حسن البنا فى الأربعينيات كان عميلا للسفارة الأمريكيةبالقاهرة، ولشدة حرصه كان يلتقى مندوب السفارة فى منزل أحد الصحفيين ليسلمه التقارير المطلوبة وبخط يده.
لكن الغريب فى الأمر أن سياسة الجماعة العلنية تبدو مناهضة للسياسة الأمريكية فى ذات الوقت الذى تسعى فيه الجماعة بجميع الوسائل والطرق لفتح قنوات اتصال سرية مع الإدارة الأمريكية، وهو منهج أقرته الجماعة كمبدأ استراتيجى فى تعامل الجماعة مع أمريكا!!، وتم اعتماده فى المؤتمر الذى عقده «التنظيم الدولى للإخوان» فى أواخر عام 2004 بالعاصمة التركية استانبول.
وعن سعى الجماعة المتواصل لدعم علاقاتها بالإدارة الأمريكية فى ظل الحصار المفروض على الاتصالات الخارجية للجماعة، والمتمثل فى الرقابة التى فرضها نظام مبارك على أعضائها وحظر سفرهم، استغلت الجماعة السماح لبعض اعضائها بالسفر «منهم أمين اتحاد الأطباء العرب» فى عقد لقاءات مهمة على هامش أعمال المؤتمرات التى شاركوا فيها مع شخصيات أمريكية مثل «ريتشارد ميرفى» مساعد وزير الخارجية السابق و«جورج تينت» رئيس المخابرات الأمريكية السابق».
وكان قد سبق لكل من الأمير العام لاتحاد الأطباء العرب ومرشد الجماعة السابق السيد مهدى عاكف عقد لقاء مع جون شاتك الشخصية البارزة بالكونجرس الأمريكى فى سبتمبر 2004 لعمل ترتيبات لزيارة وفد إخوانى للولايات المتحدة وعقد لقاءات مع مسئولين أمريكيين.
فى القاهرة كانت الاتصالات مستمرة ما بين رجال السفارة الأمريكية ورموز من جماعة الإخوان قبل ثورة يناير 2011 منها لقاءات سعد الكتاتنى مسئول الكتلة البرلمانية وقتها والذى اصبح فيما بعد رئيس مجلس الشعب الذى تم حله مؤخرا بالمستشار السياسى للسفارة الأمريكية، أدعى «الكتاتنى» أن هدفها محاولة حصوله على تأشيرة دخول الولاياتالمتحدةالأمريكية! وفيها أبلغه الدبلوماسى الأمريكى باختياره كرجل أمريكا داخل الجماعة، أما بعد الثورة وظهورهم العلنى أصبحت اتصالاتهم مع المسئولين الأمريكيين علنية وإن ظل مضمون اللقاءات يكتنفه الغموض وبعيدا عن الدولة المصرية، حتى بعد أن اصبح الدكتور مرسى رئيسا لمصر، وهو الأمر الذى دفع أحد أساتذة العلوم السياسية د.جهاد عودة أن يتساءل: لماذا رفض د. مرسى جلوس طرف ثالث اثناء لقائه مع ماكين؟ ومن المؤكد أن تفاصيل عن هذا اللقاء تسربت أو ستتسرب على الأقل داخل الولاياتالمتحدة! وكما يقولون «الشيطان فى التفاصيل»!! لكن من التفاصيل ما يستحق التوقف والانتباه هو ما جاء فى: مستند أمريكى تضمن تقريراً تحليلياً صادر عن البروفيسور ميخائيل جوسودوفسكى مستشار المخابرات الأمريكية للجماعات الإسلامية السياسية قدمه للإدارة الأمريكية أوائل عام 2010 كتب فى عنوانه:
من سيساعد «السى آى ايه» الأمريكية و«الموساد» الإسرائيلى و«الناتو» فى إعادة ترتيب الأوراق فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سيكون إفريقيا سيكون «الإخوان المسلمين فى مصر»!!