صرح وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون فوستر دالس سنة 1969 بأن الأوضاع مقلوبة في الشرق الأوسط وفي اليوم التالي نشرت صحيفة ( جمهور المصري) كاركاتير يحتوي على خريطة الشرق الأوسط ورسمت دالس مقلوبا قدماه إلي أعلي ورأسه إلي أسفل تحت عنوان وزير الخارجية الأمريكي يصرح بأن الأوضاع مقلوبة في الشرق الأوسط وما أشبه اليوم بالبارحة حيث صرح عمرو أديب بإنه لسنا في حاجة إلي جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رغم وجوب ذلك في قوله تعالي " ولتكن منكم أمه يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" ويبدو أن عمرو أديب لم يقرأ هذه الآية والفرضية الثانية أنه قرأها وجحد بها عملا بقوله تعالي " وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا " فإذا كانت الفرضية هي الأولي فتلك مصيبة وإذا كانت الثانية فالمصيبة أعظم وفي الفرضيتين فإن الوضع أصبح مقلوبا لديه لأن الدعوة بالأمر بالمعروف وجوبية ولها ضوابط وهي قول الله تعالي " وادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" ولها نواهي وهي قوله تعالي " لا أكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" وحتى ولو لم تجد الدعوة صدي لأن عليه السعي فقط المطلوب في قوله تعالي" أنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء" لذلك كانت الدعوة باللين في قوله تعالي " وأدعوا إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" وسبب ذلك في قوله تعالي " ولو كنت فظا غليظ القلب لأنفضوا من حولك" ولا على الرسول بعد ذلك أجبار غير المهتدين بقوله تعالي " أفا أنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين". وكان مسلك الرسول واضحا في عدم العزلة والتعايش مع غير المسلمين منذ بدء رسالته حيث أرسل المهاجرين إلي الحبشة كما أتخذ لنفسه دليلا عند الهجرة عبد الله بن أريقظ وكان يهوديا ليهديه ويدله على الطريق المؤدي إلي المدينة وختم حياته بعمل يدل على التواصل مع غير المسلمين ووجوب التواصل معهم لتكون رسالة لمن بعده للتعايش مع أهل الكتاب ولو كانوا أشد الناس كرها للذين أمنوا وهم اليهود حيث توفي الرسول وهو مدين ليهودي بأن أقترض منه وأعطاه درعه ضمانا للسداد وهذه الواقعة دالة بذاته على عدم حظر التعامل مع غير المسلمين لأنه كان بإمكانه أن يقترض من المسلمين المهاجرين أو النصاري ولكن آثر بفعلته هذه التنبيه على عدم العزلة كما أمرنا الله بإن نقيم العدل بين الناس وبين هذه الأوامر الآلهية وأعمال الرسول يكون الدعوة إلي الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا التكليف الوارد في الآية هو فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الكل وعملا بهذه الآية فإنه يجب أن تكون هناك طائفة متفقهة في الدين في علومه وقواعد تفسيره تدعو للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإذا لم توجد هذه الطائفة بين الأمة أصبحنا أمة فاسقة خارجة عن طاعة الله والأمر بالمعروف ليس كما صوره عمرو أديب أن تُضرب المرأة عن خروجها سافرة وأن يضرب إذا الرجل ترك الصلاه لأن هذا المفهوم لا يخص إلا عمرو أديب فقط صاحب الوضع المقلوب الذي يبحث عن الأفعال الشاذة لبعض المسلمين ليجعل منها هي القاعدة العامة عندهم. فالآيات السابقة تمنع الأكراه وتدعو إلي الحكمة والموعظة الحسنة وتمنع غلظة القلب وتدعوا إلي التعايش والتواصل مع الآخرين بصرف النظر عن عقيدتهم وإذا خالف بعض المسلمين أسلوب الدعوة فإنه يجب أن نردهم إلي الفهم الصحيح وليس بأنكار وجوه التكليف بالأمر بالمعروف كليا لأن خطأ التنفيذ لا يعني خطأ التكليف وأن المسلك الخاطئ ببعض المسلمين لا يعني بالضرورة خطأ معظم المسلمين. وبذلك لا يصح أن يتخذ عمرو أديب لنفسه خطأ البعض في الدعوة لأنكار الأمر بالمعروف والسخرية منه التى نشأت لهذا الغرض وقد زاد عمرو أديب على ذلك بأن جعل من حلقة يوم الثلاثاء الماضي بمثابة سهم من السهام الموجهة إلى جمعية الأمر بالمعروف الوليدة ويجدر التنويه أن فكرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم تكن وليدة يوم وليله بل سبقها فكرة رجل الأعمال منير غبور وهو مسيحي الديانة مصري الهوية حيث هاله الخروج السافر لبعض المسلمين في سلوكياتهم وتناقضهم مع الإسلام وكتب كتاب باسم المسيحية في الإسلام ليوضح فيه المعاني السامية للإسلام والتعاون الدائم بين الطائفين منذ بدء الرسالة المحمدية ودعي غبور في كتابه إلي التسامح عملا بقوله " ومن عفي وأصلح فأجره على الله" وإلي المحبة وهي غاية رسالة المسيح وأنهما التسامح والمحبة صفتان لمسمي واحد وهو التعاون على البر والتقوي لبناء البلد وليس التعاون على الأثم والعدوان لهدم البلد وقال في أكثر من لقاء تليفزيوني أن الأديان كلها تدعو إلي المحبة ومن لم يدعو إلي ذلك ليس بإنسان فالأنسان عنده يبني ويعلي البناء والشيطان عنده يهدم ويفني البنيان وقد طبعت ثلاث نسخ من الكتاب ونفذت فور صدورها.وكثرت في كتابه أمثلة التعاون بين الطائفتين وهذه أيضا ليس بداية الدعوه للمحبة والتسامح بل سبقها علماء الإسلام من شيوخ الأزهر والمفتين الذين نالوا درجة الدكتوراه على ايدي مسيحين. أن الدعوه للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي غاية الرسالات السماوية لنشر المحبة والسلام.