في رحلة عمل إلي محافظة بور سعيد الباسلة، المدينة التي أذهلت العالم من إصرار وشجاعة أهلها.. رأيت العروسة الحزينة ميادة "طفلة بورسعيد ضحية جريمة الشيطان"، لم أكن أتصور في يوم ما أن أري هذه النظرة الحزينة في عيون عروسة جميلة.. قتلها الشيطان!! طفلة صغيرة لم يتجاوز عمرها الرابعة ربيعاً.. طفلة بورسعيدية ذات عيون وشعر أسود ناعم.. لا يزيد طولها عن 70 سم.. ذات وجه ناعم، وبشرة كانت بيضاء في الماضي، اختفت نضارتها لتكسوها ملامح حزن غير إنساني.. يكسو وجهها وقلبها حزن وشرود يشعرك أن هناك ستارا أسدل بينها وبين عالمنا.. ستارا فصلها تماماً وللأبد عننا.. ستارا أسود بلون الليل الذي شهد جريمة قتل الضحية البريئة!! علي الرغم من أن ميادة لم تنظر إلينا.. بل ولم تلتفت الينا نهائياً خلال النصف ساعة التي قضيناها في غرفتها بالمستشفي.. وعلي الرغم من عدم التفاتها إلينا الا أن دموعها التي لم تتساقط أحرقت قلبي.. تركت هذه الدموع الغزيرة غير المتساقطة جرحا غائراً في وجداني وعقلي. قست ميادة علي قلبي بدون كلام، أو قصد.. قست ميادة قسوة بالغة لن أنساها إلي الأبد.. قسوتها شعرتها من عيون ميادة التي لم تنظر إلي نطقت في صمت وقالت أنكم جميعا كمسئولين السبب الرئيسي فيما وصل إليه حالي.. نعم قتلنا جميعا ميادة بسبب إهمالنا لحالة الأسرة المصرية لسنوات، وسنوات!! قتلت ميادة وهي ما زالت حيه ترزق.. قتلت وروحها البرئية تُذبح كل دقيقة.. تذُبح وتذبح كل من تسول له نفسه أن ينظر إليها، أو يقترب أو يدنو من سياج ستارها!! ستارها الذي قررت أن يكون هو الفاصل بين عالمنا وعالمها!! ستار أسود بلون الجريمة التي ارتكب في حقها!! عفوا ميادة!! في ماذا تفكرين؟ وهل مازلتي تستطيعين أن تفكري؟ هل تتذكرين لحظة ذبحك؟ هل مازلتي تتذكرين اللحظات المرة التي باعتك فيها الشيطانة الفاجرة للشيطان المجرم؟؟ قٌتلت ميادة يوم استهترت سيدة تدعي"أم".. آسفة "شيطانة تنتحل صفة أم".. استهترت هذه الشيطانة، وقتلت الملاك البريئة بتقديمها قربانا لعشيقها المجرم.. هذا المجرم الذي خدرها باقراص الترمادول ليتسني له افتراسها.. دمرها ودمر طفولتها.. قتل روحها البريئة.. جفت دموعها في لحظات الرعب والفزع التي عاشتها تحت تهديد وبشاعة جريمة الاغتصاب والقتل!! عفوا ميادة.. ارجوكي ابكي.. فعدم بكائك أصعب علينا!! ما مصير ميادة؟؟ الجميع يريد أن يساعدها.. يساعدها بالمال أو التكفل بها.. في رأيي.. ميادة لا تحتاج لأي مؤسسة رعاية اجتماعية أو أموال.. ميادة لا تحتاج إلا إلي حضن أم يضمها.. حضن "الأم" بكل ما يحمله حضن "الأم".. حضن "الأم" الذي يرتمي فيه الطفل، والمراهق، والشاب، والرجل والمرأة!! وما حضن الأم!! هو الدفء والحنان!! هو الأمل والهدوء!! هو الراحة بعد العناء!! هو الاستقرار والحب!! هو دواء المريض!! وببساطة هو حضن" الأم". عفوا مؤسساتنا يتعين ان نتكاتف من اجل ميادة.. ومن أجل ألا تتكرر حالة ميادة.. نريد أن نتكاتف ونعمل سويا من اجل مصر!! فالمؤسسات المعنية تعمل حاليا في جزر منعزلة.. جزر من شأنها تكريس العنف والفوضي وإفراز ميادة جديدة كل يوم!!