رأت صحيفة "موسكو تايمز" الروسية أن إمعان النظر في ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، يتضح أنها ستأتي بنتائج عكسية، وأنها ليست انتصارا باهرا. وقالت الصحيفة الروسية في تعليق نشرته على نسختها الإلكترونية اليوم الاثنين أن هناك أربع نقاط تثبت صحة رؤيتها، وهي أن أوكرانيا ستصبح عضوا في حلف شمال الأطلسي "ناتو" ففي حقبة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دابليو بوش درست واشنطن قرار انضمام أوكرانيا إلى ناتو ولكن لم يتم الأمر كما خطط له لأن بوش رأى كم تعني أوكرانيالروسيا وأنها خط أحمر ولذا استبعد الفكرة حيث أن بوتين لن يتسامح مطلقا مع فكرة تحول القاعدة البحرية الروسية في البحر الأسود إلى قاعدة للناتو. وكانت قضية ضم الناتو لأوكرانيا أكثر وضوحا للرئيس الحالي الأمريكي باراك أوباما لأنه رأى أن القضية لا تستحق الصراع مع روسيا ولذا لم تكن القضية في جدول أعماله. ومضت الصحيفة تقول إنه لو لم تضم روسيا القرم لظلت قضية ضم الناتو لأوكرانيا طي النسيان لكن الغرب لديه سبب مقنع الآن لحماية حليفته ضد التوسع الروسي المحتمل عن طريق توسيع إطار الأمن الجماعي ليشمل أوكرانيا وسيتبعها في طبيعة الحال جورجيا ومولدوفا. وتابعت الصحيفة أن من أكثر القضايا الذي يخشاها بوتين هو انضمام أوكرانيا لحلف الناتو ففي النهاية روسيا ستلقى اللوم على نفسها لإحياء القضية مرة أخرى فقد حول العدوان الروسي على القرم الناتو من منظمة راكدة تفتقر إلى هدف إلى كتلة دفاع لا غنى عنه له هدف واضح. وتشير الصحيفة إلى أن النقطة الثانية هي تصنيف روسيا على أنها دولة مارقة، فعلى الرغم من إجماع الدول الغربية على أن استفتاء القرم لم يكن شرعيا، قد تزعم روسيا أنها على حق وأن هذه الدول ترغب في إضعاف الدولة الروسية، موضحة أن هذه الدعاية من الممكن أن تؤتي ثمارها لكن في النهاية سيشعر المواطنون الروس بعدم الارتياح عندما يرون بلادهم توضع في نفس تصنيف كوريا الشمالية والسودان وزيمبابوي وسوريا كدولة مارقة. وتفيد الصحيفة أن النقطة الثالثة، هي أن روسيا تضيع أي فرصة لها في استعادة امبراطوريتها المفقودة فضم القرم، لؤلؤة الإمبراطورية الروسية السابقة، قد يكون إضافة إلى أفعالها الانتقامية ولكنه بعيد كل البعد عن تكوين امبراطورية جديدة لأن روسيا إذا أرادت ذلك فكان يتعين عليها الاستيلاء على أوكرانيا بأكملها. وقالت الصحيفة إنه بالإضافة إلى ذلك فإن بوتين قتل أي فرصة لتشكيل الاتحاد الأوراسي الذي كان يرمي إلى إعادة خلق نموذج مقتطع من الاتحاد السوفيتي السابق وكان هذا الاتحاد سيقوم على عدد من دول الاتحاد سابقا و بدون أوكرانيا فإن هذا الأمر أصبح غير ذي جدوى. ومضت الصحيفة تقول إن النقطة الرابعة والأخيرة هي أن العقوبات الغربية والعزلة الدولية سوف تدفع روسيا إلى حافة أزمة اقتصادية لأن موسكو كانت على وشك الدخول في حالة من الكساد حتى قبل ضم القرم والآن وكنتيجة للعقوبات الغربية والعزلة الدولية فمن المحتمل أن تواجه موسكو مشاكل اقتصادية أكثر خطورة. وقال اليكسي كودرين وزير المالية السابق إن العقوبات ستكلف روسيا حوالي 200 مليار دولار هذا العام بسبب هروب رأس المال وقد تم بالفعل خفض التصنيف الائتماني لروسيا ، وزادت تكاليف الاقتراض بشكل كبير إلى جانب أن الحكومة بصدد مواجهة عجز شديد في الميزانية واحتمال انخفاض أسعار النفط وخاصة عندما ترجع إيران إلى سوق تصدير النفط الشهر المقبل. وقالت الصحيفة إن تكلفة دعم شبه جزيرة القرم تقدر ب 5 مليار دولار سنويا وهو الأمر الذي سيضع مزيدا من الضغوط على الميزانية الاتحادية وفي الوقت الذي يمكن فيه للولايات المتحدة إصدار كميات غير محدودة من سندات الخزينة لتمويل العجز في ميزانيتها فعلى النقيض روسيا لا تمتلك كل هذا الترف وستضطر الحكومة لخفض النفقات وهو ما سيضر الطبقتين المتوسطة والفقيرة على نحو خاص. ومضت الصحيفة تقول إن أسعار السلع الاستهلاكية سترتفع إذا انخفضت قيمة الروبل أكثر من ذلك وهو الأمر الذي قد يحدث في خضم العقوبات ، وهروب رأس المال وثقة المستثمرين الأخذة في التراجع وسيتردى الوضع الاقتصادي الروسي من سئ إلى أسوأ إذا ما انضمت أوكرانياوجورجيا إلى حلف الناتو حيث أن ذلك يعني أن العدو أصبح على مشارف روسيا وهو ما سيدفع الكرملين إلى زيادة الإنفاق على الدفاع وروسيا بالفعل ثالث أكبر دولة في العالم من حيث الإنفاق على الجيش. وفي الختام أوضحت الصحيفة أنه على روسيا أن تختار بين حمل السلاح والحياة المستقرة لأن الإنفاق الدفاعي العالي يعني عجزا اكبر في الميزانية وتقليل الانفاق على الرعاية الصحية والتعليم والمعاشات و مشاريع البنية التحتية والرواتب لموظفي الحكومة معيدة إلى الاذهان أن الحشد العسكري المفرط ، لا سيما في الثمانينيات من القرن الماضي ، كان سببا من أسباب إفلاس الاتحاد السوفيتي و انهياره في عام 1991.