فوجئت بردود فعل مختلفة حول ما كتبته هنا الأسبوع الماضى تحت عنوان "انت عيان .. بس ما تاكلش كفتة"!، معلنا استيائى الشديد من السخرية التى نالت الاختراع الجديد الذى أعلنت عنه القوات المسلحة لعلاج فيروسى سى والايدز، دون اهتمام من جانب الساخرين بالتحقق أو انتظار النتائج، لمجرد أن صاحب الاختراع اللواء الدكتور ابراهيم عبد العاطى حاول تبسيط شرح فكرة اختراعه، القائمة على تفكيك مكونات الفيروس وتحويلها الى مادة مفيدة يتغذى عليها الجسم، قائلا اننا "نأخد منك الفيروس ونديهولك صباع كفتة تتغذى عليه". والمثير، أننى وجدت أصدقاء وزملاء أعرف تماما تأييدهم وثقتهم فى القوات المسلحة، يواجهوننى بسؤال مباشر قائلين "انت مصدق الحكاية دى فعلا؟ يا راجل دى مسخرة!"، ووسط الالتباس والغموض، والتداخل الرهيب بين المعلومة والشائعة، الذى أصبح هو سيد الموقف فى بلادنا عموماً، بما يجعل من أى حوار مجتمعى مجرد أرض خصبة للسب واللعن، دون الوصول الى نتائج محددة، كان لابد من العودة الى الكتابة فى الموضوع مرة أخرى، بعد محاولة البحث والتقصى. وقبل أى كلمات، لابد من الاشارة الى بعض النقاط المبدئية، أولا .. التشكك فى المسألة حق مشروع ولا يقلل من وطنية أى انسان، مالم يكن المتشكك الساخر رافضا بشكل مسبق للموضوع لاعتبارات سياسية، أى لمجرد أن الجيش هو من أعلنه، وهذا النوع من المتشككين لا نلتفت اليهم أصلا، وثانيا .. التشكك حق مشروع أيضا، لأنه لا خلاف على أن أسلوب الاعلان عن الموضوع كان مستواه أقل كثيرا من مستوى وأهمية الاختراع الجديد (اذا كان صحيحا)، وثالثا .. اننى أثق فى القوات المسلحة وأستبعد أن تقع فى هذه السقطة الرهيبة، كما أثق فى قائدها العام المشير عبد الفتاح السيسى، ولكن .. لا الجيش ولا السيسى منزهان، الجيش والسيسى يمكن أن يخطئا، لذا فان البحث والتقصى .. والمواجهة والمراجعة .. فى كل الأمور .. أسس مبدئية أصبحت هى واجب الوقت .. وكل وقت .. فى مصر الجديدة. بعد نشر مقالى الأسبوع الماضى، علمت أن زملاء صحفيين قريبين من القوات المسلحة، تحدثوا الى مصدر عسكرى فى موقع مهم عن المسألة برمتها، وبعد استئذانهم فى نقل كلام المصدر يبقى هنا أن أعرض ما قيل. قال المصدر العسكرى ان أسلوب عمل الاختراع الجديد يرتبط أساسا بعلم الفيزياء، لا الكيمياء كما هو معروف بالنسبة للأدوية والعلاجات الطبية بشكل عام، ولذا فان شركات الدواء العالمية بعيدة تماما عن الموضوع ولم يكن ممكنا استشارتها أو عرض الأمر عليها، لأنه لا يدخل فى اختصاصاتها الكيميائية، وأضاف أن هناك مجلات علمية سبق أن نشرت عن الأبحاث التى كان يتم اجراؤها، وأن هذه الأبحاث مستمرة بالفعل منذ سنوات طويلة، ولو كان هناك أى شك لدى القوات المسلحة لما أعلنت عن هذا الموضوع أو تورطت فيه. لماذا لم يخرج المتحدث العسكرى للقوات المسلحة للرد على ما يثار بشأن الاختراع؟ أجاب المصدر العسكرى قائلا اننا لم نتعود أن ندخل فى حروب كلامية، فليتحدث كل من يريد التحدث، لكننا سنرد على كل ذلك بالفعل لا القول، عندما نعرض أمام الجميع حالات لمرضى بفيروسى سى أو الايدز، تم شفاؤهم بشكل كامل، وعندئذ فليتم عرض كل منهم على أى طبيب، ليعلن هو بنفسه التقرير الطبى للحالة، وما كانت عليه وكيف أصبحت. ماذا عن هجوم المستشار العلمى للرئيس الدكتور عصام حجى على الاختراع؟ يكرر المصدر العسكرى قوله اننا لا ندخل فى حروب كلامية مع أحد، لأن هذا ليس أسلوب القوات المسلحة، لكنه يستدرك قائلا ان مسارعة المستشار العلمى للرئيس بتوجيه النقد الشديد للجيش والاختراع الجديد بهذه الحدة كان أمراً لافتاً للنظر، ولنتذكر أن نائب رئيس الجمهورية السابق الدكتور محمد البرادعى هو من قام بتعيين المستشار العلمى و4 آخرين، واذا كان البرادعى قد رحل فقد بقى هؤلاء، ولم يكن ممكنا اقصاؤهم، لأننا لا نريد معاداة أحد، وكنا نتمنى ونسعى الى أن ينصهر الجميع فى العمل لأجل الوطن. انتهى كلام المصدر العسكرى، وأعلم الآن ما قد يجيش فى صدرك، أتريد أن تقول ان الرجل لابد أن يدافع عن القوات المسلحة؟ لا بأس .. تابع قراءة السطور المقبلة اذن، فقد تجد ما يلفت نظرك .. ويهمك! الدكتور عثمان السودانى، طبيب يعمل بمستشفى الحميات بالعباسية، هو رجل من مؤيدى تنظيم الاخوان، ويضع صورة الرئيس السابق محمد مرسى، كصورة رئيسية على صفحته على موقع فيسبوك، ويصف نفسه بأنه "أحد مؤيدى الشرعية". هذا الرجل كتب 3 تدوينات عن الموضوع على صفحته خلال الأسبوع الماضى، ننقل هنا أبرز ما جاء فيها. التدوينة الأولى كانت يوم الأربعاء الماضى 26 فبراير، تحت عنوان .. "شهادة للتاريخ"! نشر الدكتور عثمان السودانى صورة اللواء الدكتور ابراهيم عبد العاطى صاحب الاختراع، وكتب معلقا عليها: "أشعر بالذنب حينما أرى كل هذ الكم من الهجوم على هذا الرجل، من القاصى و الدانى، ممن يعلم و ممن لا يعلم، أشعر بالذنب وأنا أعرف ولاأقول .. فاعرف أنت أيضا .... لقد عملت مع الرجل لمدة تقترب من الشهر فى فريقه البحثى و رأيت الآتى ... رأيت جهاز التشخيص "سى فاست" و "بى فاست" و "اى فاست" بأم عينى، وهى أجهزة بالفعل أكثر دقة و أسرع بمراحل من ال "بى سى ار" فهى تقوم بالكشف السريع والآنى لأقل كمَ من الفيروس سواء داخل انسان مصاب او على أى سطح ملوث....رأيت جهازا للعلاج قمة العبقرية فى التصميم و الفكرة .. جهاز لم يخطر على عقل بشر من قبل ... قمة فى الابداع ... الجهاز يقوم بتكسير الفيروس الى أحماض أمينية فى الدم تستهلكها الأنسجة، فيصبح الداء دواءً، يعنى وداوها بالتى كانت هى الداء .. كأن المريض أكل الفيروس .. وهو ده موضوع الكفتة اللى الجميع أساء فهمه". ويضيف الدكتور عثمان السودانى قائلا "رأيت مرضى فيروس سى و الايدز قبل العلاج فى قمة التدهور، وبعد العلاج فى قمة الصحة، مع اختفاء الفيروس تماما، يعنى "نيجاتيف بى سى ار"، وكمان اختفاء كل علامات المرض من جسم المريض، رأيت اختفاء أمراض أخرى كالبهاق، هذا رأيته بأم عينى، رأيت ارتفاعاً مذهلاً فى نسبة "الألبومين" والصفائح لمريض الكبد، فى تضارب واضح مع كل ما تعلمناه من حقائق طبية، وقبل كل هذا رأيت عالماً فذاً وانساناً طيباً وأباً حنوناً و مفكراً اسلامياً من طراز فريد، رأيت الرجل الذى شغل مخيلتى منذ سنوات حينما رأيته على شاشة التلفزيون المصرى قبل عشر سنوات يتحدث عن اكتشافاته المذهلة والمستوحاة من التفسير العلمى الفريد لكتاب الله و كيف انى تأثرت به حتى انى خطبت الجمعة عنه وعن كشوفه وأنا جندى فى القوات المسلحة فى جنوبسيناء." ويقول الدكتور السودانى مخاطبا "مؤيدى الشرعية": "على الجميع أن يعلم أن سنَة أى كشف علمى سابق لعصره بمراحل هو الهجوم الشديد واتهام صاحبه بالشطط والجنون، ولكن لنكن موضوعيين فى نقدنا حتى اذا تبين لنا خطؤنا تمكَنا من العودة و الاعتذار". ويتوجه مخاطباً صاحب الاختراع اللواء الدكتور ابراهيم عبد العاطى قائلا "أما أنت أيها الرجل العظيم "الأب الرحيم عبدالعاطى" .. "ابراهيم" تعنى الأب الرحيم بالعبرانية .. فصبر جميل والله المستعان على ما يصفون .. غدا يعلمون قدرك وسيسع حبك وعلمك جميع المصريين، مؤيدين و معارضين، بل العالم أجمع". ويوم الجمعة الماضية، كانت هناك تدوينة أخرى للطبيب الاخوانى الشريف، شرح فيها النظرية العلمية لعمل الجهاز الجديد، الذى قال انه جاء بعد أبحاث على مدى 22 عاما، بدأها اللواء الدكتور ابراهيم عبد العاطى فى كل من الفيزياء الحيوية والفيزياء الضوئية والكيمياء الحيوية والهندسة الوراثية. وبعد أن أسهب الطبيب فى الشرح العلمى للفكرة بشكل تفصيلى، قال انها - أى الفكرة - موجودة منذ عام 1924 وتم تطبيقها فى كل المجالات، فيما عدا مجال الفيروسات لصعوبة الحصول على "بصمة كهرومغناطيسية" لجزء فى حجم الفيروس، حتى استطاعت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة متمثلة فى العميد أحمد أمين ابراهيم فصل "البصمة الكهرومغناطيسية" للفيروسات،لاحداث ثورة فى عالم التشخيص . ويوم أمس الأول (الاثنين) كتب الدكتور عثمان السودانى تدوينة أخيرة قال فيها: "الى العالم الفذ اللواء الدكتور ابراهيم عبدالعاطى أقول .. تمثل قول الله تعالى .. (فلا تبتئس بما كانوا يفعلون، واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبنى فى الذين ظلموا انهم مغرقون، ويصنع الفلك وكلما مرَ عليه ملأ من قومه سخروا منه قال ان تسخروا منا فانا نسخر منكم كما تسخرون، فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه و يحل عليه عذاب مقيم)". وأخيرا .. يمكن لكل من يرى أنه يفهم فى العلم، وتثير "الكفتة" سخريته، أن يرجع بنفسه الى التفاصيل العلمية الدقيقة التى تحدث عنها الدكتور السودانى على صفحته التى تحمل اسم Drosman Elsodany أما بالنسبة لى أنا .. خلص الكلام .. صرخة أخيرة بس هى اللى جوايا .. يسمعها حد أو ما يسمعهاش .. صرخة مريض بينادى "أرجوك أعطنى هذا الدواء" .. "صباع كفتة" ماشى .. "أحماض أمينية" ماشى .. ما يهمنيش اسمه .. ما يهمنيش عنوانه .. يهمنى الانسان .. انسان حياته همَ ومرض .. عمره عجز ويأس .. وبعد ما اتحجر دمع الحزن فى عيونه .. سنين وسنين .. عاد من تانى .. بس دموع فرح .. دموع أمل .. وانت لسه قاعد بتتفرج؟ والتانى بيهرج؟ خلص الكلام! [email protected]