الآن وبعد مرور بعض الوقت علي الجريمة البشعة، التي وقعت في إستاد بورسعيد، وادمت قلوب كل المصرين بامتداد أرض الوطن، حزناً وآلماً علي ما فقدناه من الأبناء الأعزاء علي كل منا،..، قد يكون من الضروري أن ندقق النظر، ونمعن الفكر، في بعض الأمور المتصلة بما كان، وما نجم عنه من توابع وتداعيات، في جو أكثر ملائمة للتدقيق، والتفكر، بعيداً عن نيران الغضب، وعواصف الحزن، وموجات الانفعال، التي اجتاحتنا جميعاً، من هول الكارثة، وشدة الزلزال. ويقودنا هذا التدقيق، وذلك التفكر، بالضرورة الي عدة حقائق لا بد أن تكون واضحة في أذهاننا جميعا، ونحن نجري عملية المراجعة والبحث في الكارثة التي وقعت،...، لعل أولها وأكثرها لفتاً للانتباه، هو كونها ليست عفوية، ولم تكن نتيجة انفعال مفاجئ، حيث أن القصد فيها واضح، والتدبير المسبق فيها بين، طبقاً لكافة الملابسات المحيطة بالجريمة، والدالة علي سبق الإعداد والترتيب لها. أقول ذلك مع التحرز الواجب من جانبي في الإلتزام بعدم استباق نتيجة التحقيقات الجارية، من جانب النيابة العامة، التي نكن لها كل الاحترام والتقدير، ونثق فيما تقوم به كل الثقة، كما نثق في قدرتها علي الإمساك بكل خيوط الجريمة، وكشف أسرارها. وثاني هذه الحقائق، ان هناك تقصيراً واضحاً وإهمالا مؤكداً من جهات عدة، لم تقم بواجبها الذي كان يجب أن تقوم به، في توقي الكارثة قبل وقوعها، بمنع إجراء المباراة في ظل الظروف المتوترة التي أحاطت بها،..، وكذلك التقصير والإهمال في توفير الحماية والتأمين اللازمين للجماهير، بعد السماح بإقامتها، وتجاهل كافة المؤشرات والدلائل علي عنف متوقع، وكارثة قد تتم. أما ثالث الحقائق، فهي انه لا يمكن النظر الي هذه الجريمة، علي أنها حادثة متفردة، قائمة بذاتها، ومنقطعة عن غيرها من الحوادث، والجرائم الواقعة في أماكن كثيرة من أرض مصر، بل هي حلقة في سلسلة العنف المخطط، والمدبر، والمقصود، بغرض نشر حالة الإنفلات، والخروج علي القانون، واستمرار ترويع المواطنين، وشيوع حالة الفوضي وعدم الاستقرار، بطول البلاد وعرضها. وذلك يقودنا بالضرورة الي حقيقة مؤكدة، لا يجب ان تغيب عنا علي الاطلاق، وهي خطورة الانزلاق الي تعميم الاتهام علي أهلنا في بورسعيد، وتصور أنهم وراء هذه الكارثة، وتلك الجريمة، فذلك خطأ يجب آلا نقع فيه بأي حال من الأحوال، وإلا نكون قد سقطنا في الشرك الذي نصبه لنا من خطط ودبر لهذه الجريمة البشعة، وحققنا له أغراضه الدنيئة. يا سادة، يجب ألا ننسي علي الاطلاق، ان بور سعيد هي مدينة الأبطال، وانها غالية علينا جميعاً، ولها في قلوبنا مكان ومكانة،...، وكانت، وأهلنا فيها رجالاً ونساءً، علي مر التاريخ والأزمان ولا يزالون ، في الصفوف الأولي بخندق الدفاع عن تراب هذا الوطن. ونواصل غداً إن شاء الله نقلا عن الأخبار