رغم بركان الغضب الذي تفجر في صدور كل المصريين، وبالرغم من عاصفة الانفعال والسخط، التي اجتاحتنا جميعا، في اعقاب جريمة الغدر الاسرائيلية، التي وقعت عند النقطة »79« علي الحدود، الا ان ذلك لا يجب، ولا يصح ان يجرفنا في طياته بعيدا عن دائرة الحكمة والعقل، في التعامل الصحيح مع الاحداث، وادارة الازمات، ادارة واعية تضع المصالح العليا للبلاد نصب عينيها مهما اشتعل الغضب، او عظم الانفعال واشتد السخط. اقول ذلك مشيرا الي حكمة التعامل العاقل والحازم في نفس الوقت، الذي ادارت به مصر الدولة، علي المستوي الرسمي، ممثلة في المجلس الاعلي للقوات المسلحة، والحكومة، الازمة التي وقعت وحتي الان، رغم اشتعال غضب الجميع، وشدة انفعال الكل، وبالرغم من قدر الحزن والألم الذي اصابنا جميعا لفقد خمسة من خيرة شباب الوطن، نالوا شرف الشهادة وهم يؤدون واجبهم في حماية أرضه وحدوده. وأقول ذلك مؤكدا علي الموقف الايجابي الواضح والمحدد الذي اخذته مصر الرسمية، منذ اللحظة الاولي للحادث الغادر، واعلان غضبها ورفضها الشديد للاعتداء الاسرائيلي وادانتها القوية له، ومطالبتها بالاعتذار الرسمي والتحقيق العاجل، والالتزام الواضح بعدم التكرار،...، وهو ما دفع اسرائيل ولأول مرة في تاريخها المعلوم، للاذعان والموافقة، وتلبية جميع المطالب المصرية، وهو ما لم يحدث من قبل،...، وعلي من لا يعرف ذلك عليه بالنظر الي ما حدث مع تركيا في حادث اسطول الحرية. ومع احترامي الشديد للكل الا ان هناك بعض من جرفهم تيار الغضب، وموجات الانفعال، فراحوا يرفعون من سقف المطالب، وينادون بقطع العلاقات، وطرد السفير الاسرائيلي، واستدعاء السفير المصري، والغاء معاهدة السلام،..، ولا مانع عندهم ايضا من الزج بمصر في آتون ملتهب، دون ترتيب او اعداد. ولهؤلاء أقول يا سادة بعضا من الحكمة، وبعضا من العقل، وبعضا من التبصر بالمصالح العليا للوطن في هذه اللحظات الفارقة وبالغة الدقة والحساسية.