أكد الكاتب الصحفي أسامة سرايا رئيس تحرير الأهرام السابق أن الرئيس مبارك كان يمكنه اللجوء لأي دولة أوروبية ، لكنه أصر على البقاء في مصر، وطلب من ابنه جمال العودة من لندن أيام الثورة، واصفا ما يقال عن امتلاكه 40 مليار دولار بأنه مجرد فبركة، وكشف في حواره مع صدى البلد الكثير من الأمور الغامضة في علاقته بالرئيس السابق..وإلى نص الحوار.. -كيف كانت علاقتك بالرئيس السابق؟ علاقتي بالرئيس السابق كانت مهنية بحتة، أجريت معه خمسة أحاديث صحفية. - لكن يقال إنك كنت تكتب مذكرات مبارك؟ غير صحيح - في رأيك.. من سيكتب مذكراته؟ لا أعتقد أن مبارك سيسند مهمة كتابة مذكراته لأي صحفي ، " اللي هيكتبها واحد من أسرته ، وخاصة إني سألت الرئيس السابق في احدي المرات عن مذكراته، فأجابني بأنه سجل بالفعل جزءا منها وجمال مبارك كان يسجل له". -هل تتصل بمبارك الآن؟ لم أكلمه من بعد التنحي، والرئيس هو من كان يتصل بنا، وفي الأهرام لدينا تليفون خاص يصلنا بالرئاسة، لكن التليفون انقطع بعد التنحي، وأنا لا أقحم نفسي نتيجة للظرف التاريخي فالرئيس في المحاكمة والاتصال عملية غير سهلة، ولكن لدي أصدقاء اعرف منهم الأخبار. -وما السبب في عدم رد أسرة مبارك علي الاتهامات الموجهة لها؟ لا أعلم، وكل ما أعرفه هو أن مبارك وافق علي المحاكمة، وكانت أمامه كل الفرص ليكون خارج مصر، أمريكا وعدد من الدول الأوربية منحوه فيزا لجوء سياسي لكنه رفض، والسعودية والإمارات عرضوا عليه الإقامة، بالإضافة إلى أن ابنه جمال كان خارج مصر في لندن في بداية الثورة، ومبارك طلب منه العودة لمصر، فمبارك لم يكن عليه حظر إقليمي أو عربي، وعلينا ألا نظلم الرجل لأنه أصبح في ذمة التاريخ، وكونه فضل يقعد في مصر تحسب له ولا تحسب عليه. -هل جرت اتصالات بينك وبين الرئاسة خلال 18 يوما قبل التنحي، بتعليمات معينة؟ لم يكن فيه تواصل، كنا نحاول نتصل بالمسئولين، لكنهم لم يطلبوا منا شيئا. -ولماذا انسحبت قوات الشرطة يوم 28 يناير؟ لا اعتقد أن الدولة المصرية التي يصل عمرها تاريخيا إلى 5 الاف سنة.. ممكن يحصل فيها خيانة لدي مؤسساتها من هذا النوع، لكن الشرطة وقع عليها ظلم كبير بسبب الإجهاد، فالثورة كانت اكبر منها، وللأسف الشرطة دفعت ثمن الثورة وأخطاء الفترة الأخيرة من حكم مبارك. -الرئيس تنحي أم اجبر علي التنحي؟ الرئيس مبارك عندما وجد ان الشعب لا يريده، قرر ان يترك السلطة من اليوم الأول 28 يناير. -ولماذا انتظر حتى 11 فبراير؟ أصحاب المصالح هم من كانوا وراء تأخر تنحي الرئيس. -هل لعبت الضغوط الخارجية دورا في التنحي؟ من خلال معرفتي بشخصية مبارك، الرئيس لم يقبل الضغوط الخارجية خلال فترة حكمه، ولكن الضغط الوحيد عليه كان من داخل مصر. -ولماذا قيل إن مبارك كان حليفا لأمريكا وإسرائيل ويحقق مصالحهما؟ غير صحيح، فسياسته الخارجية كانت تراعي المصالح المصرية الصرفة، 30 سنة بدون حروب والأمن الداخلي كان مستتبا، فمبارك لم يوافق علي مطالب الغرب بالحرب علي العراق، لم يدخل في حروب خارجية سوي حرب الخليج لتحرير الكويت لتحقيق المصالح المصرية. -هل كانت حرم الرئيس السابق تحكم مصر فعليا؟ كان لها آراء، لكنها لم تكن تحكم مصر، والحقيقة انه في السنوات الأخيرة لحكم مبارك كان الرئيس يتخفف من الحكم، والمحيطون به يلعبون بالحكم، فرئيس الوزراء وجمال مبارك ، ويوسف غالي مسكوا الاقتصاد، المخابرات ماسكة بعض الملفات، العادلي كان ماسك ملف الأمن، أما الجيش فكان له وضعه الخاص. -هل يملك مبارك 40 مليار جنيه كما نشرت الوكالات الأجنبية؟ لا اعتقد انه يملك هذه الأرقام، وإلا كانت أجهزة المخابرات العالمية والمصرية توصلت إليها، فكل ما يقال عن مبارك من ناحية فلوسه دعاية وغير حقيقي، خاصة أني قرأت لسياسي أمريكي يقول إن مبارك يملك 300 مليون دولار ثم صرح بعدها أن الرقم يخص القذافي وليس مبارك. -ما اللغز في اتفاقية الغاز؟ كل ما أقوله إن قطر عملت اتفاقية غاز مع إسرائيل، وأرجو من المصريين يروحوا يشوفوا عقد الغاز القطري سعره كام. -التوريث.. حقيقة أم أكذوبة؟ أنا سألت الرئيس ثلاث مرات من قبل عن التوريث، ونفي لي نفيا مطلقا أي تفكير في ذلك ، بأسانيد سياسية أن مصر دولة مؤسسات دولة فيها جيش قوي، ونخب سياسية وشعب، مش بلد عائلة ولا يصح نظامها أن يكون للتوريث، لكني ألوم مبارك انه أعطي الفرص لهم لأنه لم يعين نائب رئيس لوقت طويل. وماذا أيضا؟ كان هناك تيار يحيط بالقصر الرئاسي وجمال مبارك، وكانوا يزينون ذلك لجمال، خاصة أن لهم مصالح أن يستمر النظام في شخص جمال بعد أبيه، ناس في الحزب والحكومة يعملون لتحقيق الهدف. - أحد سكرتارية الرئيس صرح بانه كان يطبع تقريرين عن البلد واحدا للرئيس والآخر لجمال؟ معظم الناس اللي بيتكلموا الآن مع الصحافة، وادعوا أنهم سكرتارية الرئيس، لم أرهم طوال الفترة التي عملت بها، فقد قرأت أسماء ناس كثيرة جدا تدعي أنهم سكرتارية أو طباخون أو سائقون لكني لا اعرفهم، ربما كانوا موجودين في مرحلة سابقة وتركوا مناصبهم، وللأسف كلامهم غير دقيق، عايزين يطلعوا في الإعلام فيخترعوا الأشياء المثيرة والجماهيرية ولكن التاريخ سيكشف الحقيقي من المزيف. -ما أكثر القصص التي قرأتها بالإعلام وتفتقر للصحة؟ للأسف، هناك ناس ألفت كتبا ومنهم كتاب كبار، لكنها قصص مختلقة لا تمت للحقيقة بصلة ليعملوا لكتبهم قيمة تاريخية، مثل قصة قتل مبارك للمهدي في السودان، إذ كان مبارك وقتها كان ضابطا طيارا ورئيس العمليات بالقوات الجوية فكيف سينفذ عملية مخباراتية وقتها، ولكن ما نراه اليوم مهانة يمكن أن يراه التاريخ شيئا آخر، تقييم الرؤساء لا يتم إلا بعد موتهم. -وهل صحيح أن مبارك كان له يد في اغتيال السادات؟ خيال مريض، لان معني ذلك أن المؤسسة العسكرية تآمرت علي السادات وهذا غير صحيح، لأن المؤسسة العسكرية بعد 73 قررت أن تكون احترافية للدفاع عن مصر فقط، لا تقوم بانقلابات عسكرية ولا تتدخل في الشأن الداخلي. -هل تنوي توثيق الفترة الراهنة في كتاب؟ بالفعل أنا حاليا اعد كتابا عن الثورات في التاريخ المصري، من عصر ما قبل الأسرات حتى العصر الحديث، عن كيفية الاستفادة من الثورات.