الهجرة: نتابع تطورات أوضاع الطلاب المصريين في قرغيزستان بعد الاشتباكات بالحرم الجامعي    سعر الذهب ينخفض اليوم الاثنين في مصر مع بداية التعاملات    تداول 146 ألف طن بضائع بميناء الإسكندرية خلال 24 ساعة    إزالة بناء مخالف على مساحة 120 مترا بمدينة الأقصر    غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مخيم جباليا    علي معلول يخضع لجراحة وتر أكيلس اليوم    السيطرة على حريق في منفذ بيع لحوم بالمنصورة    قبل نظر جلسة الاستئناف على حبسه، اعترافات المتسبب في مصرع أشرف عبد الغفور    تعرف علي الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    طريقة عمل العدس بجبة بمكونات بسيطة    اليوم.. مجلس النواب يستأنف عقد جلسته العامة    بدأت بسبب مؤتمر صحفي واستمرت إلى ملف الأسرى.. أبرز الخلافات بين جانتس ونتنياهو؟    السوداني يؤكد تضامن العراق مع إيران بوفاة رئيسها    اليوم.. محاكمة طبيب نساء بتهمة إجراء عمليات إجهاض داخل عيادته    اليوم.. الذكرى الثالثة على رحيل صانع البهجة سمير غانم    دعاء النبي للتخفيف من الحرارة المرتفعة    الاثنين 20 مايو 2024.. البنك المركزي يطرح سندات خزانة ب4 مليارات جنيه    الرعاية الصحية تعلن حصول مستشفى الرمد ببورسعيد على الاعتراف الدولي من شبكة المستشفيات العالمية الخضراء    باكستان تعلن يوما للحداد على الرئيس الإيرانى ووزير خارجيته عقب تحطم المروحية    مجلس الوزراء الإيرانى: سيتم إدارة شئون البلاد بالشكل الأمثل دون أدنى خلل عقب مصرع إبراهيم رئيسي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-5-2024    محاكمة 13 متهمًا بتهمة القتل واستعراض القوة ببولاق الدكرور، بعد قليل    التأخيرات المتوقعة اليوم فى حركة قطارات السكة الحديد    "جهار": الإرادة السياسية الدافع الأكبر لنجاح تطبيق المرحلة الأولى من التأمين الصحي الشامل    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري قبل اجتماع البنك المركزي    الشعباني يلوم الحظ والتحكيم على خسارة الكونفيدرالية    رحل مع رئيسي.. من هو عبداللهيان عميد الدبلوماسية الإيرانية؟    جوميز: هذا هو سر الفوز بالكونفدرالية.. ومباراة الأهلي والترجي لا تشغلني    نجمات العالم في حفل غداء Kering Women in Motion بمهرجان كان (فيديو)    عمر كمال الشناوي: مقارنتي بجدي «ظالمة»    أول صورة لحطام مروحية الرئيس الإيراني    فلسطين.. شهداء وحرجى في سلسلة غارات إسرائيلية على قطاع غزة    ما حكم سرقة الأفكار والإبداع؟.. «الإفتاء» تجيب    معوض: نتيجة الذهاب سبب تتويج الزمالك بالكونفدرالية    خلال أيام.. موعد إعلان نتيجة الصف السادس الابتدائي الترم الثاني (الرابط والخطوات)    محمد عادل إمام يروج لفيلم «اللعب مع العيال»    اتحاد الصناعات: وثيقة سياسة الملكية ستحول الدولة من مشغل ومنافس إلى منظم ومراقب للاقتصاد    تفاصيل حادث طائرة رئيس إيران ومرافقيه.. مصيرهم مجهول    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    سمير صبري ل قصواء الخلالي: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية منذ 2014    الأميرة رشا يسري ل«بين السطور»: دور مصر بشأن السلام في المنطقة يثمنه العالم    وسائل إعلام رسمية: مروحية تقل الرئيس الإيراني تهبط إضطراريا عقب تعرضها لحادث غربي البلاد    أول رد رسمي من الزمالك على التهنئة المقدمة من الأهلي    استعدادات عيد الأضحى في قطر 2024: تواريخ الإجازة وتقاليد الاحتفال    الإعلامية ريهام عياد تعلن طلاقها    مصدر أمني يكشف حقيقة حدوث سرقات بالمطارات المصرية    جريمة بشعة تهز المنيا.. العثور على جثة فتاة محروقة في مقابر الشيخ عطا ببني مزار    اليوم.. علي معلول يخضع لعملية جراحية في وتر أكيليس    قبل إغلاقها.. منح دراسية في الخارج للطلاب المصريين في اليابان وألمانيا 2024    استشهاد رائد الحوسبة العربية الحاج "صادق الشرقاوي "بمعتقله نتيجة القتل الطبي    لبيب: نملك جهاز فني على مستوى عال.. ونعمل مخلصين لإسعاد جماهير الزمالك    الشماريخ تعرض 6 لاعبين بالزمالك للمساءلة القانونية عقب نهائي الكونفدرالية    كلية التربية النوعية بطنطا تختتم فعاليات مشروعات التخرج للطلاب    نقيب الأطباء: قانون إدارة المنشآت الصحية يتيح الاستغناء عن 75% من العاملين    حتى يكون لها ظهير صناعي.. "تعليم النواب" توصي بعدم إنشاء أي جامعات تكنولوجية جديدة    عالم بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة    أيمن محسب: قانون إدارة المنشآت الصحية لن يمس حقوق منتفعى التأمين الصحى الشامل    تقديم الخدمات الطبية ل1528مواطناً بقافلة مجانية بقلين فى كفر الشيخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمالة الأطفال.. إلى متى؟
نشر في صدى البلد يوم 09 - 02 - 2014

ما هى الأسباب التي تدفع الأسر إلى تشغيل أطفالها في أعمال تضع أعباءً ثقيلة عليهم؟ من شأن هذه الأعمال تهديد سلامة وصحة ورفاهية هؤلاء الأطفال.
وهل مازلنا في حاجة إلى المزيد من التشريعات والالتزامات الدولية لوقف عمالة الأطفال؟ وهل هناك بيانات كافية حول عمالة الأطفال في مصر؟
وهل يساهم عمل الأطفال في تنميتهم؟ وهل يعيق العمل تعليم وتدريب الطفل؟ وهل عمل الطفل يكون داعما لحياته ومستقبله؟؟ ولماذا يقبل العديد من أصحاب الأعمال على تشغيل الطفل دون غيره؟ هل لأنها أعمال يعمل بها الطفل بسبب ضعفه، وعدم قدرته على الدفاع عن حقوقه.. ولما لا؟ وأصحاب هذه الأعمال يستفيدون من ضعف هذا الطفل، لأنه ببساطة أجره أقل من العامل البالغ!!
وقد تكون هناك بعض الحرف، مثل صناعة السجاد اليدوي، تتطلب هذه الأنامل البريئة لتزيد من دقة صنعها بغض النظر عما يعرض أصحاب هذه الأنامل الضعيفة للخطر والضعف فيما بعد!!
ونجيب عن السؤال الأول، وهو أسباب عمل الأطفال: تتباين أسباب عمل الأطفال، ما بين أسباب ثقافية نابعة من تدني المستوى الثقافي للأسرة، حيث لا تدرك بعض الأسر فائدة التعليم، كما أن هناك عوامل تتعلق بالمدرسة نفسها، والنظام التعليمي الطارد الذي يتسبب في تسرب الأطفال من التعليم، مثل ترك المدرسة بسبب سوء معاملة المعلمين، وظاهرة العنف المنتشرة في بعض المدارس، أو عدم الاستعداد للدرسة، بسبب عدم المقدرة على التحصيل الدراسي ، نتيجة أسباب صحية مثل سوء التغذية، والأنيميا، أو ضعف الإبصار، أو تأخر في التحصيل نتيجة انخفاض معامل الذكاء، وقد يكون توقيت الدراسة مثلا غير متناسب مع أوقات عمل الأطفال (كما في الزراعة مثلا ببعض المحافظات)، وقد يكون موقع المدرسة بعيدا بالنسبة للأطفال، والفتيات بشكل خاص، نتيجة خوف الأسرة من تعرضهن لمشكلات أثناء الذهاب إلى المدارس النائية، ويضاعف من هذه المشكلة فقدان تسهيلات نقل الأطفال في المناطق النائية بالريف والصعيد.
ولا يمكن أن نغفل أن الفقر هو سبب رئيسي داعم لعمل الأطفال الذين يرغبون في مساعدة أسرهم، وذلك لعجز الأهل عن الإنفاق على أولادهم، فيضطر العديد من الأطفال للعمل لضمان بقائهم على قيد الحياة، والدائرة المفرغة من فقر الأسرة، أو زيادة عدد أفرادها، أو النزاعات الأسرية، أوالطلاق، أو وفاة أحد الوالدين.. وغير ذلك من أسباب اجتماعية وثقافية واقتصادية، تحكم هذه الدائرة المفرغة، وتؤدي في النهاية إلى أن يكون الضحية هو الكائن الأضعف بالأسرة وهو الطفل البريء.
وكيف يمكن تدعيم تعليم الأطفال؟! في ظل تكلفة العملية التعليمية نفسها على الطالب، حتى لو كان التعليم مجانيا؟ تتحمل الأسرة الفقيرة مصاريف الكتب، واللوازم الدراسية من الكتب الخارجية، والزى المدرسى، وتكاليف النقل، بل ودفع مبلغ من المال للمدرسين لضمان نجاح الطالب، وهى ظاهرة الدروس الخصوصية التي تفاقمت مؤخرا.
وفي بعض الأحيان تتكلف الدراسة الابتدائية ثلث عائد الأسرة، والعديد من الأسر لديها أكثر من طفل في سن الدراسة، بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الأرقام لا تأخذ في الاعتبار الحالة الاقتصادية للأسرة، خاصة عندما يذهب الطفل إلى المدرسة بدلاً من العمل.
وهذا ما يفسر أسباب عمل الأطفال، وهو دفع رسوم الالتحاق بالمدرسة حتى لو كانت مبالغ رمزية، فهى تساهم في تمويل المدارس، وأحيانا، كجزء من سياسة التصحيح الاقتصادى فإن المدارس وإداراتها تقرر تحميل جزء من المصاريف للأهالي.. الكثير من تلك الأسر تعيش في مجتمعات حيث لا توجد مدارس، وبالتالى، فإنه لا يوجد مفر من تشغيل الطفل.
وكما هى القاعدة فيتعين أن يكون الاستثمار مربحا، ولو اقتنعت الأسر بأن تعليم الطفل هو استثمار، وهذا نادرا ما يحدث، لأن التعليم الذي يقدم لهؤلاء الأطفال في كثير من الأحيان يكون دون المستوى، ولا يبعث على الأمل في أي تقدم اجتماعى، ولا يبرر هذه التضحيات.
وتكثر الأمثلة من الأسر التي تعي قيمة التعليم، وأرادت بشدة أن يحصل أبناؤها على درجة كبيرة من التعليم، ولكنها لم تكن تمتلك الثمن، ورأت في الوقت نفسه أن التكلفة باهظة جدا، وأسر أخرى لم يكن لديها الوعي والمحصلة في النهاية "استغلال الأطفال في العمل".
ونجيب عن السؤال الثاني.. ألا وهو: هل مازلنا في حاجة إلى المزيد من التشريعات والالتزامات الدولية لوقف عمالة الأطفال؟ ودعونا في البداية نتعرف على المواثيق الدولية التي صدقت عليها مصر، وأصبحت نافذة، والتزامت بها مصر لوقف عمالة الأطفال، وأول هذه المواثيق، الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، والتي كانت مصر من أوائل الدول التي صدقت عليها عام 1990.
وعرفت هذه الاتفاقية الطفل بأنه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، وأكدت على ضرورة السعي لحمايته من الاستغلال الاقتصادي، ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطرا أو يمثل إعاقة لتعليمه، أو ضررا بصحته أو بنموه البدني، أو العقلي، أو الروحي، أو المعنوي، أو الاجتماعي، وأوجبت الاتفاقية على الدول الأطراف فيها اتخاذ التدابير التشريعية، والإدارية والاجتماعية، والتربوية التي تكفل هذه الحماية، وبشكل خاص وضع حد أدنى لسن الالتحاق بالعمل، ونظام ملائم لساعات العمل، وظروفه وفرض عقوبات مناسبة لضمان فعالية تطبيق هذه النصوص.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرت في عام 1989 الإعلان العالمي لحقوق الطفل الذي كان تم إعداد مسودته في عام 1957، حيث نص على "وجوب كفالة وقاية الطفل من ضروب الإهمال والقسوة والاستغلال، وأن لا يتعرض للاتجار به بأي وسيلة من الوسائل، وأن لا يتم استخدامه قبل بلوغ سن مناسبة، وأن لا يسمح له بتولي حرفة أو عمل يضر بصحته، أو يعرقل تعليمه، أو يضر بنموه البدني، أو العقلي أو الأخلاقي".
كما صدقت مصر على اتفاقيات منظمة العمل الدولية، وتجدر الإشارة إلى أن المنظمة أصدرت العديد من الاتفاقيات (16 اتفاقية و4 توصيات)، وألزمت جميعها الحكومات بضرورة تطبيق السياسات المتعلقة بحماية حقوق الأطفال، وأهم هذه الاتفاقيات التي صدقت عليها مصر هما الاتفاقيتان رقم 138 لسنة 1973 بشأن الحد الأدنى لسن الاستخدام، ورقم 182 لسنة 1999 بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال، اللتان تعتبران أهم الاتفاقيات التي أقرتها مؤتمرات العمل الدولية في مجال عمل الأطفال وأحدثها، حيث تعتبر الأحكام التي وردت فيها معايير أساسية لحقوق الإنسان في العمل، تلتزم بها الدول المنضمة إليها، وتتم مساءلتها عن الإخلال في الوفاء بالالتزامات المترتبة عليها بموجبها.
واتفاقية العمل الدولية رقم 138، تهدف على المدى البعيد إلى القضاء الكامل على عمل الأطفال، حيث وضعت حدا أدنى لسن العمل هو سن إتمام التعليم الإلزامي، والذي اعتبرت أنه لا يجوز أن يقل عن الخامسة عشرة، كما منعت تشغيل الأطفال حتى سن الثامنة عشرة، في الأعمال التي يحتمل أن تعرض صحة أو سلامة أو أخلاق الطفل، بسبب طبيعتها أو الظروف التي تؤدى فيها.
وأوجبت الاتفاقية 138، على الدول الأطراف أن تتعهد باتباع سياسة وطنية ترمي للقضاء فعليا على عمل الأطفال.
وتأتي اتفاقية العمل الدولية رقم 182 مكملة للاتفاقية رقم 138، وذلك للحث على القضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال، أولا تمهيدا للقضاء التام، والكلي على كل أشكال عمل الأطفال، وقد أكدت هذه الاتفاقية على أهمية التعليم الأساسي المجاني، وإعادة تأهيل الأطفال العاملين ودمجهم اجتماعيا مع إيلاء اهتمام خاص بظروف وحاجة أسرهم.
كما أكدت الاتفاقية 182 على أن الفقر هو السبب الرئيسي لعمل الأطفال، وأن الحل يكمن في تعزيز الحالة الاقتصادية، وحددت عددا من الأعمال اعتبرتها أسوأ الأعمال التي قد يؤديها الطفل وهى: الرق بجميع أشكاله وأنواعه، والعمل القسري، واستخدام الأطفال في النزاعات المسلحة، واستخدامهم أو عرضهم لأغراض الدعارة، أو لإنتاج أعمال إباحية، واستخدامهم أو عرضهم لمزاولة أنشطة غير مشروعة، خاصة في إنتاج المخدرات والاتجار بها، بالإضافة إلى الأعمال التي ترى الدولة الطرف، وبعد التشاور مع المنظمات المعنية لأصحاب العمل والعمال، أنها تؤدي بفعل الظروف التي تزاول فيها إلى الأضرار بصحة أو سلامة أو سلوك الأطفال الأخلاقي، وأوجبت على الدول ضرورة وضع قائمة بهذه الأعمال، ومراجعتها بشكل دوري لأنها متغيرة تبعا للتغيرات السياسية والاقتصادية والأمنية، وهو ما نلمسه اليوم في مصر من استغلال الأطفال، واستخدامهم للعمل في السياسة.
كما أوجبت الاتفاقية 182 على الدول الأطراف أن تضع بالتشاور مع الجهات المعنية، آليات خاصة بمراقبة تطبيق أحكامها، وتصميم وتنفيذ برامج عمل تهدف للقضاء على هذه الأعمال، والنص في قوانينها على عقوبات جزائية بحق المخالفين.
وعليه وبموجب هذه الاتفاقيات والالتزامات الدولية، أعدت مصر عام 1996، قانون الطفل 12/1996، والمعدل بالقانون رقم 126/2008، والذي أفرد بابا منفصلا بشأن تجريم عمالة الأطفال، ونص على أنه يحظر تشغيل الطفل قبل بلوغه خمسة عشرة سنة ميلادية كاملة، كما يحظر تدريبه قبل بلوغه ثلاث عشرة سنة ميلادية.
ويجوز بقرار من المحافظ المختص بعد موافقة وزير التعليم، الترخيص بتشغيل الأطفال من سن اثنتي عشرة إلى أربع عشرة سنة في أعمال موسمية، لا تضر بصحتهم أو نموهم و لا تخل بمواظبتهم على الدراسة.
كما يحظر القانون تشغيل الطفل في أي من أنواع الأعمال التي يمكن، بحكم طبيعتها أو ظروف القيام بها، أن تعرض صحة أو سلامة أو أخلاق الطفل للخطر، ويحظر بشكل خاص تشغيل أي طفل في أسوأ أشكال عمل الأطفال المعرفة في اتفاقيات منظمة العمل الدولية السالف ذكرها.
وقد نظم قانون العمل (رقم 12 لسنة 2003) تشغيل الأطفال العاملين، وأوضح في لائحته التنفيذية الأعمال الخطرة التي لا يجوز تشغيل الأطفال دون 17 سنة فيها مثل: العمل بالمناجم، أو فى باطن الأرض، غير أن الدراسات والواقع الفعلى يظهر أن قانون العمل لا يتم تطبيقه، حيث تبين أن الأطفال يعملون فى اليوم أكثر من ثمان ساعات، كما أنهم يعملون بدون عقود عمل، أو تأمين اجتماعى أو صحى، ويعملون فى أوضاع خطرة، وفى ظل ظروف تشغيل سيئة، خاصة العاملين منهم فى قطاع الزراعة.
والشيء المؤسف أن هؤلاء الأطفال تم استبعادهم من الحماية القانونية، حيث ذكرت المادة 103 من قانون العمل باستثناء الأطفال العاملين فى قطاع الزراعة من تطبيق القانون، مما يعرضهم للإساءة والاستغلال والحرمان.
ومع كل ذلك، فقد حرص قانون العمل المصرى على بعض الضمانات لعمل الأطفال ومنها: التزام كل صاحب عمل يستخدم طفلا دون سن السادسة عشرة بمنحة بطاقة تثبت أنه يعمل لديه وتلصق عليها صورة الطفل، وتعتمد من مكتب العمل المختص (مادة 98) ، وأنه لا يجوز تشغيل الطفل أكثر من 6 ساعات فى اليوم، ويجب أن تتخلل ساعات العمل فترة راحة أو أكثر لتناول الطعام، والراحة لا تقل فى مجموعها عن ساعة واحدة، بحيث لا يشتغل الطفل أكثر من 4 ساعات متصلة (مادة 101)، ويحظر القانون تشغيل الأطفال فيما بين الساعة السابعة مساءً والسابعة صباحا فى جميع الأحوال (مادة 101)، وأيضا يحظر تشغيل الأطفال ساعات عمل إضافية، أو تشغيلهم أيام الراحة الأسبوعية أو الإجازات الرسمية (مادة 101).
ولا يجوز تشغيل الأطفال الذين يقل سنهم عن 18 سنة، فى أى نوع من أنواع العمل التى يحتمل أن تعرض صحة أو سلامة أو أخلاق الأطفال للخطر، بسبب طبيعة العمل أو الظروف التى تؤدى فيها، ومنها 44 حرفة لا يجوز لمن هم دون هذه السن أن يستخدموا فيها (المادة الأولى من القرار 118 لسنة 2003) ومنها العمل فى المناجم والمحاجر، وجميع الأعمال المتعلقة باستخراج المعادن أو الأحجار وحمل الأثقال أو جرها أو دفعها إذا زاد وزنها.
وأنه لا يجوز تشغيل الأطفال الذين تقل سنهم عن 16 سنة فى أية أعمال أو حرف أو صناعات تعرضهم للاستغلال البدنى أو النفسى أو الجنسى، أو استخدامهم لمزاولة أنشطة غير مشروعة (المادة الثانية من القرار رقم 118 لسنة 2003)، وإلزام صاحب العمل الذى يستخدم أطفالا بإجراء الفحص الطبى الابتدائى عليهم قبل التحاقهم بالعمل للتأكد من سلامتهم ولياقتهم الصحية للعمل الذى يسند إليهم، ويجرى هذا الفحص بمعرفة الهيئة العامة للتأمين الصحى، وعلى نفقة صاحب العمل (المادة الثالثة من القرار 118 لسنة 2003).
وينص قانون العمل أيضا على أنه يجب على صاحب العمل الذى يستخدم أطفالا أن يتخذ ما يلزم لتوقيع الكشف الطبى الدورى عليهم مرة كل عام على الأقل، بمعرفة الهيئة العامة للتأمين الصحى، وكذلك عند انتهاء خدمته، وذلك للتأكد من خلوهم من الأمراض المهنية، أو إصابات العمل، والمحافظة على لياقتهم الصحية بصفة مستمرة، وفى جميع الأحوال يجب عمل بطاقة صحية لكل طفل تثبت فيها نتائج الكشف الطبى وفقا للمادة الثالثة من القرار 118 لسنة 2003.
ولم يغفل دستور مصر الجديدة 2014، تجريم عمالة الأطفال، فنص صراحة في المادة 80 على أنه يحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن التعليم الأساسية، كما يحظر تشغيله في الأعمال التي تعرضه للخطر، وتلتزم الدولة بحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة، وسوء المعاملة والاستغلال الجنسي والتجاري.
إذن فإن عمالة الأطفال مجرمة بموجب الظهير الدستوري، والقانون، والالتزام الدولي بالمواثيق والعهود التي صدقت مصر عليها.
والسؤال الثالث، والمتعلق بمدى توفر قاعدة بيانات دقيقة حول عمالة الأطفال فى مصر: تتباين تقديرات عمالة الأطفال بشكل كبير بسبب غياب البيانات الموثق بها، فذكر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2011، أن إجمالى عدد الأطفال العاملين فى مصر يصل إلى مليون و594 ألف طفل فى الفئة العمرية بين 5 و17 عاما، وأن 87.4٪ من الأطفال العاملين يمنحون أجورهم لأولياء أمورهم، وأن نسبة الإناث تصل إلى 21٪ من إجمالى عمالة الأطفال مقابل 79٪ للذكور، وتتركز عمالة الأطفال فى ريف الوجه القبلى بنسبة 42.7٪، بينما تصل نسبة عمالة الأطفال فى ريف الوجه البحرى إلى 40.8٪.
وأبرز ظروف العمل التى يتعرض لها الطفل فى أماكن العمل هى التعرض للأتربة والأدخنة والتعب الشديد.
وأكد الأطفال الذين تم بحثهم أن بعض المخاطر التى يتعرضون لها هى الانحناء لفترة طويلة، والبرودة أو الحرارة الشديدة، فضلا عن التعرض للمواد الخطرة من المواد الكيماوية، والمبيدات والأصباغ، فضلا عن عدم توافر دورة مياه، والتعامل مع معدات خطرة، وتجدر الإشارة إلى أنه فيما يتصل بالعمالة المنزلية أو "الخدمة المنزلية"، فلا تتوفر أي بيانات حولها نتيجة كونها مهنة تتم في الخفاء، ويصعب تقديرها نظرا لاستثناء قانون العمل لحقوق هذه الفئة المهمة، وأكثرهم من الفتيات الأطفال.
والمحصلة في قضية عمل الأطفال، أنه "توجد عمالة أطفال"، وهناك ضرورة ملحة أن تعمل الدولة بمؤسساتها المختلفة المعنية على إيجاد حلول بديله لعمل الأطفال الذي يؤدي لأضرار جسدية ونفسية تدوم لمدى الحياة بالنسبة للطفل والمجتمع، وتقلل من فرصة في حياة أفضل، وتزيد من معدلات الفقر والأمية والبطالة.
ويجب أن تتبنى الدولة سياسات تركز على برامج واقعية، برامج من شأنها توفير بدائل لوقف عمل الأطفال، وضمان حصولهم على حقهم في الصحة، والتعليم، واللعب، واللهو، وإتاحة الفرصة لأسرهم للحصول على دخول مناسبة، والتمتع بالأمن الاقتصادى والاجتماعى والثقافى.
نعم هناك ضرورة لتعديل السياسات، وتوفير هذه البدائل على جميع المستويات، ولن يتم ذلك إلا بتوفير فرص العمل اللائقة، والحياة الإنسانية الكريمة لأهالي الأطفال، لتمكينهم من تعليم أبنائهم تعليما حقيقيا، والنهوض بمستواهم الاقتصادي والاجتماعي والثقافى.
وتحتاج هذه البدائل إلى إعادة التوزيع العادل للثروة بين الريف والحضر، وعلى العاملين بأجر وأصحاب الأعمال والمزارع الكبيرة، لكفالة التوازن وتحقيق العدالة الاجتماعية لكل المصريين، وهى حقوق أصيلة الزم دستور مصر 2014 الدولة بإنفاذها.
وفى هذا الإطار يجب إعادة النظر في العملية التعليمية برمتها، ووضع برامج لاستيعاب الأطفال غير الملتحقين بالمدارس، لاسيما بالريف والصعيد، وإزالة الأسباب التي أدت لعزوفهم عن التعليم لدمجهم مرة أخرى ضمن عملية التعليم، ويجب على وزارة التضامن الاجتماعي الاضطلاع بدورها، وكفالة الأسر المتوفى عائلها والفقيرة، لاسيما الذين يعولون أطفالا، بضمان توفير مبلغ لا يقل عن 1000 جنيه شهريا، لعدم اضطرارهم لتشغيل أطفالهم وتمكينهم من تعليمهم.
وهناك ضرورة أيضا لإعادة تقييم المنح الدولية المقدمة لبرامج مكافحة عمالة الأطفال، وعمل خريطة توضح الجهات التي توجه إليها هذه المنح بواسطة وزارة التعاون الدولي، لضمان عدم الازدواجية وإهدار الموارد، وكذلك تنسيق جهود منظمات المجتمع المدنى، ورجال الأعمال، لتهيئة وابتكار بدائل وسياسات، وأطر وفعاليات تضمن مناهضة عمل الاطفال، وإنفاذ حقوقهم فى حياة كريمة آمنه داعمة لنموهم الصحى لضمان مستقبل أكثر عدلاً وانسانية.
كما يتعين العمل على وجود نقابة مهنية تدافع عن الطفل العامل، وعدم استثنائه من الرعاية الصحية والاجتماعية، أو حرمانه من الحماية القانونية، وكذلك يجب على وزارة القوى العاملة، إلزام مفتشي العمل والسلامة والصحة المهنية، بالقيام بعملهم والتفتيش الدورى المستمر على جميع المنشآت والشركات والمزارع التى تقوم باستخدام الأطفال لتطبيق نصوص قانون العمل.
هناك العديد والعديد من المشكلات التي يتعرض لها الطفل العامل، نتيجة طبيعة هذه الأعمال وخطورتها، مثل عمل الأطفال بالمنازل "عمال وعاملات المنازل" أو "خدم المنازل".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.