قال الكاتب والشاعر المصري فاروق جويدة إن المأزق الحقيقي الذي واجه الرئيس المعزول محمد مرسي هو عدم تفرقته بين مسؤولياته على رأس أمة كبيرة لها جذور حضارية عميقة، ومسؤولياته كشخصية قيادية في حركة سياسية دينية لها أيديولوجية ورؤية محددة ولكن ليس لها خبرة سابقة في الحكم. وأضاف جويدة في مقال له نشرته اليوم صحيفة "التايمز"البريطانية تحت عنوان (الديموقراطية والطغيان باسم الدين) قائلا "عندما ثار الشعب المصري في 25 يناير 2011، رفعوا شعارا موجزا "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية". ومستفيدة من كونها المجموعة الوحيدة المنظمة سياسيا في ظل نظام مبارك، نجح الاخوان المسلمون في اختطاف الثورة مبكرا، والتخلص من كل التيارات الثورية من المشهد السياسي". وأضاف الشاعر الكبير "وبمجرد تولي السلطة، كان على الرئيس السابق أن يحصل على نصيحة جيدة بأن يأخذ في اعتباره ثلاثة أمور هامة : الأولى أنه بحاجة إلى تجاوز التزاماته وولاءاته الأيديولوجية السابقة كعضو في جماعة الاخوان المسلمين." وأضاف" الأمر الثاني هو حاجته إلى توحيد الشارع المنقسم وحشد الكتلة الواسعة من الشعب المصري خلف مشروع مشترك لتحقيق الطموحات واجراء عملية شاملة لارساء الديموقراطية من أجل من ثاروا". وأوضح فاروق جويدة أن الأمر الثالث الهام هو أهمية الإقدام على ولايته الرئاسية من خلال تبني عملية الحوار الوطني من أجل رسم خارطة طريق للثورة بمشاركة كاملة للشباب المصري الذين لعبوا مثل هذا الدور المحوري في ثورة 25 يناير. وكتب الشاعر والكاتب المصري قائلا "إنه بدلا من العمل مع الأخذ في حسبانه هذه الاعتبارات، اتخذ الرئيس السابق خيارات كانت مقسمة ومقوضة لآفاق الانجاز المبكر لأهداف الثورة الأساسية". وأضاف أن المواقف التي اتخذها محمد مرسي والسياسات التي اتبعتها جماعة الاخوان المسلمين كانت بمثابة التذكرة اليومية لعزم الجماعة على السيطرة الكاملة والحصرية على الدولة المصرية، مستبعدة كافة اللاعبين الآخرين من المشهد السياسي. وشدد جويدة على أن الرؤية من جانب واحد للرئيس السابق مرسي والاخوان المسلمين دعت إلى اختزال الكل في جزء واحد، واعادة تشكيل مصر لكيان مماثل للاخوان المسلمين. وقال إن مثل هذه الرؤية أدت بطبيعة الحال إلى مخاوف جدية من جانب العديد من العناصر التي تشكل المشهد الاجتماعي والسياسي في مصر بما في ذلك الأقباط، والنساء ومجموعة كاملة من الحركات السياسية الاشتراكية والليبرالية في مصر. وبالتالي فإنه أصبح أمرا مشروعا بما في ذلك أعداد كبيرة من المسلمين في مصر، أن يسألوا: هل هدف الاخوان المسلمين هو تحويل مصر إلى كيان ديني؟ وفي مثل هذه الحالة، ما الذي سيحدث للأقباط وكنائسهم وممارساتهم الدينية؟ وأشار الكاتب المصري الشهير إلى أنه بجانب جهودها لإخراج جميع اللاعبين من المشهد السياسي في مصر، نجحت الجماعة في غضون بضعة أشهر قصيرة من حكم الرئيس السابق ، في التفرقة بين المسلمين في مصر. لأول مرة في تاريخ مصر المصريين المسلمين، بدلا من تعريفهم كما هو الحال دائما على أنهم مسلمين، أصبحوا فجأة فرقا سلفيين وسنة أو جهاديين. وقال إن الأمر لم يتوقف عند ذلك، تحالف الاخوان مع الجماعات الدينية المتطرفة، بما في ذلك الحركات التي كان أعضاءها مدانين بارتكاب أفعال إرهابية أو شاركوا في اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات، مضيفا أن الرئيس السابق ارتكب خطأ خطيرا عندما سمح لأعضاء الحركات الدينية المتطرفة على ان تتصدر الساحة السياسية في مصر وتعلن حربا دينية على جميع الذين يتبنون وجهات نظر مختلفة. وتابع فاروق جويدة "ومما زاد الطين بلة إن الرئيس المعزول أصدر اعلانا دستوريا أعطاه صلاحيات واسعة لم يمتلكها رئيس مصري من قبل ، وبمثل هذه السلطات الواسعة أعطى الرئيس السابق لنفسه مطلق الحرية في إعادة تشكيل مصر إلى دولة استبدادية دينية، وفي النهاية خلافة إسلامية، وبالتالي استكمال تحول 90 مليون مصري من مواطنين أحرار إلى أعضاء بحكم الواقع في جماعة الإخوان المسلمين." وأوضح أنه مواجهة لهذا التهديد خرج 30 مليون مصري للشوارع في الثلاثين من يونيو 2013 لاظهار رفض واسع للجهود المبذولة لتحويل مصر إلى دولة دينية استبدادية، ولاستعادة الثورة التي اختطفتها جماعة الاخوان المسلمين. وأكد أن الجيش والشرطة المصرية لم يفعلا شيئا أكثر من الانحياز للكتلة الساحقة من المصريين. واختتم الكاتب الكبير قائلا "إذا كانت الديموقراطية تعني اختيار الشعب لحكامهم، فيجب عليها أن تشمل أيضا حق نفس هؤلاء الناس في خلعهم".