هاجم البعض النظام الانتخابى المقترح من لجنة الخمسين ووصفه بأنه نظام مختلط لا يرى إلا النخبة والأحزاب، ونسى أن هذا النظام قائم على الانتخابات الفردية المطعمة بقوائم، وليس النظام المختلط الذى يساوى بين الاثنين، ليس فقط فى النسبة (50% فردى، ومثلها للقوائم)، إنما يقضى على مميزات كلا النظامين. إن فلسفة النظام الفردى تقوم على وجود دوائر انتخابية مساحتها صغيرة اعتادت عليها مصر تاريخياً، وتتجاوز النظام الكارثى الذى وُضع فى الانتخابات الأخيرة (ثلثان قوائم وثلث فردى)، ويجرى تطعيمها بنسبة ثلث قوائم على مستوى كل محافظة وليس الدائرة لضمان تمثيل شخصيات مؤثرة على رأس كل قائمة تكون مهمتها تقديم رسالة سياسية للناخب المصرى قد لا تكون بنفس الوضوح فى مرشحى القوائم. النظم المختلطة عادة هى التى لا تكون لها فلسفة أو رؤية وتختار من كل بستان زهرة، ولا تكون لها هوية أو ملمح محدد، والحقيقة أن النظام المقترح يميل للفردى ويعالج فى نفس الوقت مثالبه بإعطاء نسبة الثلث للقوائم. والحقيقة أن البعض رفض إجراء الانتخابات على أساس النظام الفردى (سواء أضيف إليه ثلث قوائم أم لا)، معتقدا وبشكل خاطئ أن الانتخاب بالقائمة ستعنى دعم الأحزاب والبرامج السياسية، وينسى أو يتناسى أن عملية ترتيب واختيار القوائم ظلت امتدادا للحالة الحزبية الحالية بكل ما فيها من مشاكل، وتجعل عملية ترتيب القوائم نموذجاً لانتخابات فردية يتحكم فيها رئيس الحزب ومجموعته، أو رجل الأعمال الممول، أو القادرون على الإنفاق على القائمة من المرشحين الموجودين على رأسها، وتعطى رسالة للناخب المصرى بأن هناك 10 أشخاص (أقل أو أكثر) يرتبون نيابة عنه القوائم، ويحددون مسبقا من هو على رأس القائمة لينجح، ومن هو فى ذيلها ليخسر. هل يتذكر البعض ما جرى فى قوائم الانتخابات الماضية، وكم مرشحا تفاوض مع قوائم حزبية أخرى فى حال إذا لم يضعه حزبه على رأس القائمة، وقرر الذهاب والترشح مع من وضعه رأس قائمة، فأين هو الانتماء الحزبى والدفاع عن البرامج وصراع الأفكار الذى برر به البعض دفاعه عن نظام القوائم ورفضه النظام المقترح فى نظام قوائم حكمته عملياً نوازع فردية ومالية وحسابات أهل الثقة والقربى؟ والمفارقة أن بعض القوى المدنية اعتبرت أن الانتخابات بالقائمة هى الطريق لتفعيل الحياة السياسية، ونسيت أن الغالبية الساحقة من التجارب الديمقراطية فى العالم تعتمد النظام الفردى، بما فيها بلدان أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا، حتى لو طُعّم بعضها بنظام القوائم الحزبية. صحيح أن مصر خرجت من عهد مبارك بكارثة الفردى بكل ما فيه من بلطجة وتزوير وغياب للناخبين (نسبة التصويت الحقيقية لم تتجاوز فى المدن 7%)، وهو ما دفع البعض إلى تبنى نظام القائمة، رغم أن الحل فى وضع نظام قانونى صارم يواجه مثالب النظام الفردى، وذلك بتحديد الإنفاق الانتخابى ومواجهة كل الجرائم الانتخابية التى عرفتها البلاد فى عهد مبارك. نظام الانتخابات بالقائمة الذى يتحدث عنه البعض نظام متخيل وليس واقعيا، واعتبار النظام المقترح نظاما مختلطا غير دقيق أيضا، فالنسبة المقترحة تحاول، ولو نظريا، أن تتلافى عيوب النظام الفردى الكامل والقائمة على السواء. نقلا عن المصرى اليوم