أعرب الدكتور بطرس بطرس غالى، الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة والرئيس الشرفى للمجلس القومى لحقوق الإنسان، عن الأمل فى أن تتوصل الدول العربية إلى وحدة حقيقية، خاصة أن "جميع مقومات هذه الوحدة موجودة فى عالمنا العربي لمواجهة تحديات النظام الدولي الجديد فى عصر العولمة". وقال غالي: "أملى ألا ننسى هذه الفكرة الأساسية، فالعناصر موجودة من لغة ودين مشترك وجوار جغرافي ممتد وسهل وحركة انتقال سلسلة ومتنوعة بين دول العالم العربي". جاء ذلك فى محاضرة لغالى فى المؤتمر الإقليمي الذي نظمه المركز العربي للثقافة القانونية فى دورته السابعة برئاسة المستشار الدكتور خالد القاضي، رئيس المركز، وبحضور أكاديميين وخبراء قانون فى عدد من الدول العربية، من بينها مصر وفلسطين وسلطة عمان والأردن والعراق وجزر القمر والسودان وليبيا. وقال غالى: "إننا نحتاج إلى قيادة عربية جديدة فى العالم العربي تنال تأييد العالم العربي وتقوده إلى تطبيق هذا الفكر الناضج، وقد نحتاج إلى وقت حتى يمكن أن نصل ولو إلى الحد الأدنى للتكامل العربي"، محذرا من الانقسام العربي وتداعياته على الشعوب العربية، خاصة فى الوقت الذي نرى فيه دول العالم تتجه إلى فكر التحالفات والتكتلات. وأشار إلى أنه كان متحمسا بشدة عندما اقترحت الجامعة العربية فكرة الولاياتالمتحدة العربية وهو مما كان يفكر فيه أول أمين عام للجامعة العربية عبد الرحمن عزام، حيث تباحثا بالفعل فى هذا الخصوص فى الخمسينيات من القرن الماضي، مؤكدا أن المهم هو أن تنفتح الدول العربية على الخارج فكريا على الأفكار والمفاهيم الجديدة، منبها إلى أن سر قوة الولاياتالمتحدةالأمريكية فى التنوع الذي تحظى به وانفتاحها على كل بلاد العالم وهو ما جعلها أكبر قوة اقتصادية فى العالم وتملك رادع القوة الاقتصادية. وانتقل غالى - فى محاضرته - إلى الحديث عن المشهد العربي، فأشار إلى أن قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدول لا يعنى قطع العلاقات الاقتصادية والثقافية بين الشعوب، كما أنها لا تعنى قطع التفاوض. ووصف قرار مصر بتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع تركيا بأنه مظهر من مظاهر عدم الارتياح والاعتراض على ما اعتبرته مصر تدخلا من الحكومة التركية فى الشئون الداخلية، وذلك فى إشارة إلى ما عكسته التصريحات المستمرة لرئيس الحكومة التركية ضد مصر. وفى رده على سؤال، قال إن "من بين الأسباب التي جعلت الولاياتالمتحدةالأمريكية تعترض على ولاية ثانية لي كأمين عام للأمم المتحدة هو دفاعي المستمر عن القضية الفلسطينية"، مضيفا أن "موقفي من القضية الفلسطينية والدفاع عنها كان من أسباب طردي من المنظمة الدولية، فقد اعتبروني ميالا للدفاع عن الجانب الفلسطيني". وكان الدكتور بطرس بطرس غالى تحدث فى بداية المحاضرة عن مستقبل الأممالمتحدة، مستعرضا دوره ومحاولاته فى تغيير وإصلاح الأممالمتحدة وهو ما كان لا يرضى الدول الكبرى. وأشار إلى أنه فى يناير عام 1992 دعا أمام قمة مجلس الأمن، التي انعقدت لأول مرة، إلى إقامة الديمقراطية بين الدول وهو ما يعنى مشاركة الدول فى صنع القرار الدولي. وأكد أنه ومنذ هذا التاريخ وهو يدافع فى جميع المحافل الدولية عن فكرة إقامة الديمقراطية فى العلاقات الدولية، وتساءل: "كيف يمكن أن ندعو الدول إلى إقامة الديمقراطية الوطنية فى غياب الديمقراطية فى النظام والعلاقات الدولية وفى داخل الأممالمتحدة، فضلا عن التدخل فى شئون الدول؟". وقال إنه يلاحظ أن "هناك تمييزا داخل المجتمع الدولي والأممالمتحدة فى معالجة المشاكل والنزاعات فى العالم"، مشيرا إلى مشكلة الصومال ومشكلة الصحراء بين المغرب وجبهة البوليزاريو، موضحا أنه زار الصومال عندما كان أمينا عاما للأمم المتحدة رغم اعتراض الولاياتالمتحدة، كما أنه حاول العمل من أجل حل مشكلة الصحراء. وأضاف أنه يكرر كثيرا دعوته إلى إصلاح وتجديد وتغيير الأممالمتحدة، مشيرا إلى أن "أمم متحدة الغد فى عصر العولمة يجب أن يشارك فيها بجانب الحكومات، المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني". واختتم غالى محاضرته موجها رسالة إلى الشباب.. قائلا: "انفتحوا على الخارج ولا تخشوا الآخر، انظروا إلى العالم نظرة جديدة، تمعنوا فى الأفكار الجديدة والتكنولوجيا المتطورة ومظاهر العولمة التي ستفرض نفسها، يجب أن نشارك العالم ونتشارك معه لا أن ننغلق، تعلموا اللغات الجديدة، تعلموا اللغة الصينية فالصين قوة جديدة صاعدة". وقد عرض المركز العربي للوعى بالقانون فيلما تسجيليا وثائقيا حول سيرة ومشوار الدكتور بطرس غالى وتجربته فى الأممالمتحدة.