أكد المهندس الاستشاري صلاح حجاب، عضو اللجنة الاستشارية العليا بالهيئة العامة للتخطيط العمراني ومستشار لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال، في حواره مع "صدى البلد"، أن توسعات المدن الجديدة، التي تم إنشاؤها خلال السنوات الماضية أصبحت عبئا على القاهرة وبمثابة الأورام التي يصعب علاجها، وأشار إلى وجود أخطاء في التخطيط العمراني حولت مدن كاملة لتشوهات في جسد القاهرة. فإلى نص الحوار: * ما هو تقييمك لوضع السوق العقارية حاليا؟ ** هذا الوضع يؤكد أن المواطنين سيظلون باستمرار بحاجة للمساكن، لكن لا يتفق نوعية المعروض مع حقيقة الطلب، ما حدث خلال ال10 أعوام الأخيرة قلص مفهوم النشاط والاستثمار العقاري وجعله مقتصرا فقط على القاهرة وما حولها، وهو تفاعل لم يستند لدراسات جدوى حقيقية عن جدوى الاستثمار في المكان والنوعية، فهو ليس استثمارًا عقاريًا صحيحًا بل مغامرة استثمارية، وقد أدى لتشبع إقليمالقاهرة الكبرى من المساكن الفوق متوسطة والفاخرة، خاصة أن السوق العقارية المصرية بها طلب حوالي 80% على السكن الخاص لذوي الدخول المنخفضة و20% فقط للمتوسط وفوق المتوسط، ومعظم ما تم بناؤه كان موجهًا لل20%، وفي مواقع لم تكن في إطار المخططات العمرانية المعتمدة بل تم كانحراف عن المخططات العمرانية. * كيف تم ذلك؟ المنطقة التي يطلق عليها "القاهرةالجديدة" لم تكن في إطار المخطط العمراني المعتمد للقاهرة من عام 1983، كان موجود فقط 3 تجمعات الأول والثالث والخامس، ومساحة الثلاثة الإجمالية كانت 5860 فدانا، وعندما تولى محمد إبراهيم سليمان الوزارة فكر في ضم التجمعات الثلاثة وإضافة مساحة جديدة لهم ووصلت المساحة الإجمالية إلى 43 ألف فدان بدعوى أن هذه المناطق الثلاث ستكون بينها مناطق عشوائية. وبدأ سليمان في التوسع وضم المزيد من الأراضي لها، وقد صدر قرار في 17 أكتوبر 1995 من رئاسة مجلس الوزراء بوقف البيع في القاهرةالجديدة ودراسة ضرورة هذا البيع من عدمه، ورغم ذلك استمر سليمان في بيع وتخصيص الأراضي بالمخالفة لقرار مجلس الوزراء، وظل التخصيص مستمرا حتى عام 2000، حتى أنشئت القاهرةالجديدة بمساحة 66900 فدان، وكانت الحكومة مدينة ل"المقاولون العرب" بحوالي 4 مليارات جنيه، فتم تخصيص 11 ألف فدان إضافية لها بالقاهرةالجديدة ثم تم تخصيص 8 آلاف فدان لهشام طلعت مصطفى لإنشاء "مدينتي" لتصل المساحة الإجمالية للقاهرة الجديدة ل85 ألف فدان، معظمها لا يوجد به مجال للعمل بل مساكن فقط، مما حولها لعبء على القاهرة. * والمخططات الأولى للمنطقة.. لماذا تم تغييرها؟ ** لم تتغير بل أُهملت وحُبست بالأدراج، من ضمنها مخطط قام به مكتبنا وكلف الدولة حوالي نصف مليون جنيه للتجمع الخامس ولم ينفذ منه اي شيء. * هل معدل النمو 16% في السوق العقارية كان غير صحيح؟ هناك أموال كثيرة تم ضخها في سوق العقارات، والدولة منحت تسييلات في منظومة التمويل من البنوك والدولة، ولم يكن ليستمر بهذه النسبة لأن المنظومة التي استخدمت افتقدت أحد أهم أركانها وهو "لمن نبني؟" ولم يكن هناك طلب حقيقي على النوعية التي تم البناء فيها، وهناك إشكال حقيقي بسبب هذا في وضع الإسكان لمصر لدينا حاجة متزايدة للمساكن ولدينا عدد كبير من الوحدات المغلقة "للزمن" باعتبار أن العقار مخزن للقيمة فبهذا يكن لدينا فائض غير مستغل. * هل ما أنشئ من توسعات عمرانية مجاورة للقاهرة أصبح عبئا على العاصمة وليس متنفسا لتخفيف الضغط السكاني عنها؟ نعم، أصبحت تورمات عمرانية في جسد القاهرة تمثل خطرًا أكبر على المدينة الأم، فالقاهرةالجديدة وزايد والشروق وأكتوبر ليست مدنا جديدة بالمعني الصحيح، لأن المدينةالجديدة لابد أن تكون مستقرات بشرية بها كل عناصر الحياة وأهمها العمل والسكن والعلاج والمؤسسات الحكومية، وتكون مجتمعات متكاملة وليست مساكن فقط، ولدينا مفهوم خاطئ أن بعض هذه المناطق مجتمعات للصفوة فقط "مفيش مجتمع بهوات بس".