نعاق البوم والغربان لا يكون دفاعاً عن وطن أو ذوداً عن دين ، وإنما هو نذير شؤم وخراب في الموروث الشعبي المصري . وعندما يخرج علينا القرضاوي في خطب الجمع المتتالية ، وعلي بعد أمتار من القاعدة الأمريكية في قطر، ليهاجم الجيش المصري ، ويؤلب بعضه علي بعض ، ويؤلب الشعب عليه ، مستحلاً في ذلك الكذب فهو ينعق نعاق البوم والغربان . وعندما تخرج لنعاقه جماعات العنف والإرهاب لتستبيح دماء جنود الجيش والشرطة فهو داع للشؤم والخراب ، فإن زعم أن ذلك الذي يأتيه من قول وما يأتيه أتباعه من أفاعيل هو استجابة لله ورسوله فذلك خراب الدين . ولو أن ذلك وقع منه مرة أو مرتين لجري التماس العذر له من باب العذر بالجهل ، وجواز الخطأ في الإجتهاد للمتأول ، إلا أن الإصرار علي الأمر علي سبيل الترصد ينقله من منطقة الخطأ إلي منطقة الخطيئة ، والخطيئة جريمة ، والجريمة تستوجب العقاب . فما الجريمة التي اقترفها القرضاوي ؟ . الجريمة التي ارتكبها القرضاوي هي أنه إلي جانب دعوي التأليب الداخلي التي قد تفضي إلي حرب أهلية مارس التأليب الخارجي بدعوته القوي الدولية المتربصة إلي التدخل في مصر لإعادة الشرعية في زعمه ،والشرعية كما يراها تتمثل في عودة الإخوان إلي سدة الحكم ولو علي أشلاء الوطن وجثث المصريين ، وتتقاطع دعوته تلك مع دعوة الولاياتالمتحدةالأمريكية لإعادة هندسة جغرافيا منطقة الشرق الأوسط لمصلحة اسرائيل ، بل إنها تخدم هذا المخطط بتمهيد الأرض له تحت مظلة دينية تدفع الناس لقبوله مرضاة لله ورسوله . فالقبول الأمريكي بوجود جماعات الإسلام السياسي في سدة الحكم مرده إلي قبول هذه الجماعات بمخطط تفتيت الأوطان وشرزمتها باعتبار أن الوطن ما هو إلا حفنة من التراب القذر، وأن الوطن وثن ينبغي تحطيمه حتي تسلم العقيدة الخالصة لله من مظاهر الجاهلية . وهذا يفسر سر استماتة الأمريكان في الدفاع عن الإخوان ووجودهم في المشهد السياسي علي أي نحو ، وممارسة الضغوط علي نحو مباشر أو غير مباشر بواسطة الإتحاد الأوربي للوصول إلي هذا الغرض . ولا ريب أن هذا التفتيت لا يتأتي إلا بضرب مؤسسة الجيش باعتبارها درع الأمة وسيفها ، وهذا ما يسعي إليه القرضاوي وإخوانه . ولا أدل علي ذلك سوي شهادة الأعداء حيث نقلت صحيفة وورلد تريبيون الأمريكية عن رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الأسبق، الجنرال المتقاعد هيو شيلتون، قوله إن إدارة الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، عملت على زعزعة استقرار الأنظمة فى كل من مصر والبحرين على مدى العامين الماضيين، وأضاف: « لو لم يطح الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، بالرئيس السابق محمد مرسى، لتحولت مصر إلى سوريا أخرى، وتم تدمير جيشها بالكامل». ونقلت الصحيفة على موقعها الإلكترونى، تقريراً يؤكد فيه «شيلتون» فى تصريحات على شبكة «فوكس نيوز» الأمريكية، أن مصر نجحت فى إيقاف الحملة التى قام بها «أوباما» لزعزعة الاستقرار فى البلاد خلال 2013، لافتاً إلى أن «السيسى» تمكن من كشف المؤامرة الأمريكية لدعم «الإخوان»، الذين وصلوا إلى سدة الحكم، وسط اضطرابات لم يسبق لها مثيل، الأمر الذى أدى للإطاحة بالرئيس المعزول فى 3 يوليو الماضى." . أعتقد أن تلك التصريحات تكشف أبعاد المؤامرة . إنه بئر الخيانة الذي سقط فيه القرضاوي وإخوانه ، وقد اكتشف الناس نعاقهم وسره ، وخاب ظنهم ومسعاهم لأن جيش مصر من كل بيت مصري ، فكيف ينقلب الشعب علي أبنائه ؟ . ولأن الجيش من كل بيت فهو غير قابل للإنقسام أو التفتت أو الإنشقاق لمصلحة فئة أو قبيلة أو مذهب من المذاهب ، وإنما هو معني بكل بيت من بيوتات مصر ، مدفوع بعقيدة الدفاع عن حياض الوطن وحدوده ، بالدفاع عن شعبه الذي هو سر وجوده ومغزاه ، أما الأشخاص في عقيدته فزائلون ، ويحيا الوطن العاشق والمعشوق .