صدر حديثأ عن المركز القومي للترجمة ضمن سلسلة (ميراث الترجمة) الجزء الأول من كتاب "العلم الأغريقي" يتناول هذا الجزء الفترة الأولى من تاريخ العِلم الإغريقى، وهذا العِلم الذى ساد في أول عهد الإغريق مشابهاً لعلمنا الحديث، إذ كان على سذاجته ونقصه، ينظر إلى الإنسان باعتباره نتاجاً للتطور الطبيعى، وأن قدرته على الكلام جاءت نتاجاً لمعيشته مع بنى جنسه، كما أن علمه ليس إلا جزءاً من طريقته الفنية في السيطرة على بيئته الطبيعية. ظهرت هذه الأفكار الجريئة أول ما ظهرت بين الإغريق الأيونيين بعد عام 600 قبل الميلاد، وتهذبت خلال فترتين من الزمان متسمة بنظرة شاملة وارتباط أساسى في التصميم بدرجة لاتزال تثير فينا العجب حتى اليوم. بحسب المؤلف ،فإن الأفكار هي نتائج للظروف المادية في المجتمع،وعلى ذلك نجده يهتم بتحليل هذه الظروف تحليلا عميقا يساعد على فهم أصول الأفكار ،كما يتناول العلم بما هو أسلوب من السلوك يكتسب به الإنسان السيطرة على الطبيعة،وبحيث تكون أصح الأفكار هي أكثرها نفعًا،وأن الشيء الأصيل في العلم الأغريقي منذ نشأته هو أنه يقدم لنا أول محاولة في التاريخ لتفسير الكون بأكمله على أساس طبيعي بحت،حيث حل علم الكون محل الأساطير. يرى المؤلف،أن العلم الإغريقي قد مر بست مراحل رئيسية ،المرحلة الأيونية (تمثل عصر البطولة)ثم مرحلة نمو العلم في المستعمرات الأغريقية،مرحلة تطور العلم في بلاد اليونان ،مرحلة ظهور العلماء والفلاسفة،مرحلة العصر الإسكندري،المرحلة الأغريقية اليونانية. ويشير الكتاب الى أن الإغريق قد فاقوا كل الأمم القديمة في شدة حبهم للمعرفة من أجل المعرفة ذاتها، ولقد حاول أن يكشف عن الروابط بين العِلم الإغريقى من ناحية والحياة العملية والتطبيقات الفنية والأساس الإقتصادى والنشاط الإنتاجى في المجتمع الإغريقى من ناحية آخرى. مؤلف الكتاب بنيامين فارنتن وهو يعتبر علم من أعلام الدراسات القديمة القديمة، وشغل عدة مناصب مختلفة في جامعات بلفاست ومدينة الكاب وبرستل، ثم صار منذ 1936 أستاذ الدراسات القديمة بجامعة سوانسي بإنجلترا، وله في ميدان البحث العلمى جهود موقفة، فبجانب ما قام به من الترجمة عن اللاتينية وما نشره عن سكان جنوب أفريقيا وما نقله عن الكتابات الطبية ألف عدداً من الكتب القيمة حلل فيها العلم والسياسة والفلسفة في المدنيات القديمة. الترجمة العربية للاستاذ أحمد شكرى سالم،مراجعة الكتاب للأستاذ حسين كامل ابو الليف، قام بتقديم هذه الطبعة الأستاذ الدكتور مصطفى لبيب.