ترامب: لن ألتقي بوتين إلا عند التأكد من إمكانية إبرام صفقة بشأن أوكرانيا    حزب «المصريين»: رسائل الرئيس السيسي عن غزة تضع موقف مصر الأخلاقي والإنساني في صدارة المشهد الإقليمي    مبومو يعزز سلسلة انتصارات مانشستر يونايتد بفوز مثير على برايتون    لابورتا يهاجم ريال مدريد قبل الكلاسيكو بسبب التحكيم    انقلاب سيارة نقل محملة بالفحم على طريق حدائق أكتوبر    سوما تستعيد سحر الزمن الجميل بأداء مميز لأغنية «أكدب عليك» | صور    حسام حسن يطلب مواجهة المنتخب المغربى وديا استعدادا لأمم أفريقيا 2025    برينتفورد ضد ليفربول.. جماهير الريدز تدعم محمد صلاح بالغناء    بالصور.. محافظ الجيزة يشارك في افتتاح معرض الوادي الجديد الزراعي الثاني    امتحانات أكتوبر.. تعليم القاهرة تشدد على الالتزام بالنماذج الامتحانية المعدة من قِبل الموجهين    الضفة.. إصابة 3 فلسطينيين بينهم طفلان برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي    الرئيس السيسي: الشعب الذي يرفض الهزيمة يتمكن من تحقيق النصر    تعليق قوي من أحمد سالم على احتفالية وطن السلام بمشاركة الرئيس السيسي    يوسف زيدان: قصة أبرهة الحبشي غير دقيقة.. واستخدام الفيل لهدم الكعبة تصور غير عملي    الأزهر للفتوى: الاعتداء على كبير السن قولًا أو فعلًا جريمة فى ميزان الدين والقيم    اكتشف أفضل مصادر البروتين لبناء جسم صحي    محمد سلام يتألق في احتفالية «مصر وطن» بحضور الرئيس السيسي    تعليق غريب من أحمد الجنايني بعد زواجه من منة شلبي    6 صور ترصد تفاصيل حفل وطن السلام بحضور الرئيس السيسي    حبس تشكيل عصابي لقيامهم بأعمال حفر وتنقيب عن الآثار بالتبين    خالد الجندي: لو تدبرنا إعجاز القرآن لانشغلنا بالخير عن الخلاف    حبس المتهمين بالتعدي على مسن السويس بتهمة البلطجة    زحام مرورى بسبب تصادم سيارات بطريق السويس الصحراوى    غدا..مؤتمر جماهيري للجبهة الوطنية بالبحيرة دعمًا لشعراوي وعماد الدين حسين في انتخابات النواب    جمارك السلوم تمنع تهريب نقد مصري وأدوية بشرية    الرئيس السيسي: "اللي حصل في شرم الشيخ ده فضل كبير من ربنا علينا"    القانون يحظر إنشاء جسور بالبحيرات بدون تراخيص.. تفاصيل    «أحلام».. سينما عظيمة تولد من تفاصيل يومية بسيطة الفيلم يتناول حرية التعبير عن الذات فى مواجهة التقاليد    بحضور شخصيات بارزة.. انطلاق الدورة السابعة من ملتقى القاهرة الدولي للمسرح الجامعي بالمتحف القومي للحضارة    بمشاركة 150 متطوعًا.. تنظيف شاطئ «أبطال التحدي» في الإسكندرية (صور)    وزير المالية الإسرائيلي يعتذر عن تصريحه ضد السعودية وعمرو أديب يتغنى بالسعودية ويتهكم على القوميين العرب    جلسة خاصة بمؤتمر الإيمان والنظام تسلط الضوء على رجاء وثبات المسيحيين في الشرق الأوسط    أمين استثمار الزهور: نستهدف مواكبة التطورات الاقتصادية والاستدامة المالية    غادة عبد الرحيم تُطلق أول حقيبة تدريبية عربية متكاملة للأمهات والمعلمين للتعامل مع اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه    جدول امتحانات شهر أكتوبر للصفين الأول والثاني الثانوي بالغربية    القنوات الناقلة مباشر لمباراة ليفربول وبرينتفورد في الدوري الإنجليزي.. والمعلق    وحدة «إذابة الجلطات المخية» بقصر العيني تحصد شهادتين دوليتين خلال مؤتمر برشلونة 2025    الصناعة: طرح 1128 قطعة أرض صناعية مرفقة بمساحة 6.2 مليون متر    محافظ البحيرة: قروض ميسرة للشباب تبدأ من 30 ألف جنيه وتصل إلى 20 مليون جنيه    حبس سائق بشركة توصيل شهيرة لتعديه على فتاة باستخدام سلك كهربائي بالتجمع الخامس    مواقيت الصلاه اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في المنيا    فتح باب التقديم للأجانب بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم    جهود قطاع الأمن العام خلال 24 ساعة    نجم بتروجت: أتمنى تتويج بطل جديد بالدوري.. والثلاثي الكبار هم الأقرب للقب    الوداد المغربي يحدد خططه لتجهيز حكيم زياش    نائب رئيس جامعة أسيوط يترأس اجتماع مجلس إدارة صندوق الخدمات الطبية اليوم    مصر توقع على إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية    الخميس المقبل بدء تطبيق التوقيت الشتوى فى مصر.. الساعة هتتأخر 60 دقيقة    الأوقاف: المشاركة في الانتخابات واجب وطني.. والمساجد ليست مكانًا للترويج السياسي    صحة كفر الشيخ: انطلاق أول أيام القافلة الطبية المجانية بقرية المنشلين بقلين    قلق عالمي.. الأمير هاري وميجان يدعوان إلى حظر الذكاء الاصطناعي الفائق    اليوم.. جورج إلومبي يتسلم رئاسة «افريكسم بنك» رسميا    وزيرة التضامن الاجتماعي تتابع أعمال الإدارة العامة للرعاية المؤسسية والأسرية    محافظ الفيوم يتابع استعدادات الأجهزة التنفيذية لانتخابات «النواب» 2025    اللواء محمد الدويري: أحد قيادات حماس البارزة لجأ لأبو مازن لحمايته من قصف إسرائيلى    موعد مباراة الحزم والنصر في الدوري السعودي    موعد مباراة بايرن ميونخ أمام مونشنجلادباخ بالدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    "لا تستمع لأي شخص".. بانزا يوجه رسالة ل محمد السيد بعد انتقادات الجماهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مونيكا ويليام تكتب: الحكومة الجديدة.. المسار الشكلي والسياساتي في ضوء التجارب الدولية
نشر في صدى البلد يوم 05 - 06 - 2024

إن تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسي بتشكيل حكومة جديدة، له أسانيد وضوابط دستورية حاكمة، حيث تنص المادة 146 على أنه يُكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء، بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً، عُد المجلس منحلاً ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يوماً من تاريخ صدور قرار الحل.
وبذلك يجب ألا يزيد مجموع مدد الاختيار المنصوص عليها في هذه المادة على ستين يوماً.
وفي حالة حل مجلس النواب، يعرض رئيس مجلس الوزراء تشكيل حكومته، وبرنامجها على مجلس النواب الجديد في أول اجتماع له، في حال اختيار الحكومة من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب.
وبالتالي فنحن بصدد تشكيل المسار الشكلي والسياساتي لمصر خلال السنوات المقبلة، والذي تتضمن إعادة صياغة السياسات الاقتصادية على وجه الخصوص، وذلك في ظل الأزمات الجيوسياسية العالمية والإقليمية وانعكاساتها المتباينة، والتي ألقت بظلالها على معدلات النمو الاقتصادي في مصر، ولذلك يتعين بداية الوقوف على المشكلات والمعوقات سواء على صعيد السياسات المتبعة أو على صعيد السياسات التنسيقية بين الوزرات وبعضها مع اتخاذ إجراءات تصحيحية بشأنها.
وتتعدد الملفات الهامة المطروحة على طاولة الحكومة الجديدة والتي حددتها كلمات السيد رئيس الجمهورية، خلال تكليفه للحكومة الجديدة، والتي تنطلق من رحم التحديات الآنية، وهنا يكمن التساؤل الرئيس والمتمثل في كيفية تحقيق معدلات تنموية مستدامة من شأنها حل هذه الإشكاليات المعقدة والمتداخلة في بعض الأحيان.
وبالتالي سيكون هناك مساران للتحرك أمام الحكومة الجديدة المقبلة، الملف الأول سيكون خاصا بالتنمية المستدامة والتغييرات الجذرية المطلوبة في الاقتصاد المصري، والملف الثاني سيكون متعلقا بالملفات العاجلة المتعلقة بالمواطن بشكل مباشر، كالأسعار وملف تحويل الدعم إلى النقدي والتخلص تماما من الدعم العيني وأيضا سياسات سعر الصرف واستقرار العملة.
وحيث إن تشكيل الحكومات ووضع السياسات ليس بالأمر المستحدث، فإنه وباستعراض تجارب دولية تنموية نبعت من تحديات واختلالات هيكلية مع مراعاة اختلاف السياق الدولي والإقليمي الراهن بطبيعة الحال، تميزت التجربة الاقتصادية الماليزية بالذاتية في التعامل مع أزمة عام 1997 الاقتصادية.
وكان لرئيس الوزراء دور محوري في إدارته للأزمة المالية التي عصفت بدول شرق آسيا، حيث أصدر مجموعة قرارات تهدف إلى فرض قيود على التحويلات النقدية خاصة الحسابات التي يملكها غير المقيمين وفرض أسعار صرف محددة لبعض المعاملات، وكانت هناك مضاربة في بيع العملة الماليزية "رينجيت" وانخفضت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بمعدل ينذر بالخطر، وتدفقت رؤوس الأموال إلى خارج البلاد، وانخفضت قيمة العملة الوطنية بشكل حاد، كما انخفض مؤشر بورصة كوالالمبور المركب.
ورغم شدة وطأة الأزمة الاقتصادية، إلا أن الحكومة تعاطت مع هذه الازمة المركبة، فقد تم تشكيل مجلس عمل وطني اقتصادي للتعامل مع الأزمة النقدية، حيث اتجه المجلس إلى إصلاح الجهاز الإداري للدولة ومحاربة المضاربة على العملة الوطنية في الخارج، وفرض البنك المركزي الماليزي الرقابة على رؤوس الأموال.
تعد ماليزيا، من أكثر الدول النامية نجاحاً في استخدام الحوافز الضريبية لاستهداف وتوجيه الاستثمار الأجنبي المباشر والشركات متعددة الجنسيات لصناعات وقطاعات معينة.
ويعكس تطور هيكل الحوافز في ماليزيا الانتقال التدريجي من التشجيع العام للاستثمار الأجنبي المباشر إلى التركيز المحدد في توجيه الاستثمار للقطاعات عالية التقنية والعناقيد الصناعية، فمنذ بدء تجربتها التنموية، قد قامت بتحرير جميع القيود الخاصة بحقوق الملكية في الشركات، تحت مظلة قانون تشجيع الاستثمار، وذلك استنادا إلى علاقة ارتباطية مع معدلات التصدير بها، فقد سمحُ للأجانب بالاستحواذ على 100% من حقوق الملكية في شركاتهم، وذلك عند قيامهم بتصدير نسبة 80% أو أكثر من منتجات تلك الشركات، والسماح للشركات التي تصدر ما بين 51 - 79% من منتجاتها بنسبة مناظرة من 51% %79 من حقوق الملكية الأجنبية لتلك الشركات.
السماح للشركات بتصدير نسبة تتراوح بين %20 - %50% من منتجاتها بتملك حتى 51% من حقوق الملكية الأجنبية لتك الشركات، والسماح للشركات التي تستطيع تصدير 20% فقط أو أقل من منتجاتها أن تتملك بحد أقصى 30% من حقوق الملكية الأجنبية لتلك الشركات.
وقد أخذ هذا القانون بعين الاعتبار أهمية العوامل التي تتضمن التأثيرات التشابكية ومدى استخدام المواد الخام والمكونات المحلية، وحسن اختيار أماكن توطين تلك الشركات وكذا القيمة المضافة.
كما عملت ماليزيا على التوسع في برنامج الخصخصة الذي يعتمد على تمليك المواطنين الشركات العامة، وذلك بعد أن نجحت في تكوين بنية أساسية واقتصادية ضخمة، يمكن الاعتماد عليها في تحقيق التنمية، وتحقق ذلك على طريقتها الخاصة، فقد نمت مسئولية الأفراد ودفعتهم عملياً في المساهمة في تحقيق الأهداف القومية، واحتفظت بسهم خاص في إدارة المؤسسات ذات الأهمية الاجتماعية والاستراتيجية، لعدم التخلي عن دورها في ممارسة الرقابة والإشراف عليها.
وهو ما انعكس علي المؤشرات الكمية لها، والتي تمثلت في ارتفاع مستوي الناتج المحلي الإجمالي فقد ارتفع مع بداية حقبة التنمية من 53309 مليون رينجيت في عام 1980 إلى 119081 مليون رينجيت عام 1990، ثم إلى 356401 مليون رينجيت عام 2000، حتى وصل إلى 1230120 مليون رينجيت عام 2016، بما يعادل 307.53 مليار دولار أمريكي، ما يعني تضاعف الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 23 مرة منذ عام 1980 وحتى عام 2016، وأيضا ارتفاع متوسط نصيب الفرد الماليزي من الدخل القومي، خلال الفترة 1980 وحتى 2016 وانخفاض معدلات البطالة والتضخم.
إلي جانب ذلك، فيقترح مراجعة التجارب الدولية ذات الصلة ببرامج التكيف الهيكلي في البلدان النامية خاصة في تسعينات القرن العشرين، والتي فرضتها المؤسسات المالية الدولية على العديد من الدول المثقلة بالديون. كونها في النهاية قد استهدفت إصلاح الاختلالات الهيكلية في الاقتصادات المحلية عبر تدابير مثل تحرير التجارة وأسعار الصرف وإصلاح القطاع العام.
أما من حيث الجانب الشكلي، وبمراجعة النماذج الدولية المختلفة، فمن الواضح أنه لا توجد قاعدة ثابتة بشأن العدد المناسب للوزارات، لكن الملاحظ هو أن عدد الوزارات يقل في الدول المتقدمة عنه في الدول النامية، إلا أنه وبالمقارنة بين عدد الوزارات بمصر وبعض دول العالم؛ فكثير من دول العالم يعمل بكفاءة بعدد من الوزارات أقل من الموجود في مصر، فالولايات المتحدة الاقتصاد الأكبر على مستوى العالم تعمل من خلال حكومة فيدرالية يتبعها 15 وزارة فقط، بالإضافة إلى أن عدد الوزارات في مختلف دول أوروبا لا يتخطى 24 وزارة، وفي شرق آسيا يتراوح العدد حول 20 وزارة، وفي الدول العربية يتأرجح العدد بين 18 و32 وزارة، في حين أن مصر بها 33 حقيبة وزارية.
لذا يقترح في هذا الإطار دمج بعض الحقائب الوزارية، وذلك ترشيدا للنفقات من جهة وتفعيلًا للبعد التنسيقي بين الوزارات المعنية بملفات بعينها من جهة أخرى تحقق مستهدفات الدولة المصرية، فعلى سبيل المثال من المقترح دمج وزارات الشباب والرياضة والثقافة تحت اسم "التنمية الإنسانية"، وانطلاقا من أن الأزمة الحالية هي أزمة اقتصادية بالأساس، فيقترح استحداث حقيبة وزارية للاقتصاد والاستثمار.
ختاما، تنتهج الدول والحكومات سياسات واستراتيجيات مختلفة لمواجهة واحتواء الأزمات الاقتصادية غير المواتية، وذلك خلال توافر شروط موضوعية سياسية واقتصادية واجتماعية، وقراءة دقيقة للمشهد الحالي والتداخلات بين الملفات محل التعاطي، وعلى هذا لا بد من تنويع القاعدة الاقتصادية وزيادة الإنتاج ومعالجة الفجوة التصديرية وإنتاج مستلزمات الإنتاج، دعم حقيقي للقطاع الخاص وتفعيل هذا الدعم خلال مشاركة القطاع الخاص في القرارات والقوانين قبل إقرارها وتوفير محفزات حقيقية داعمة لانطلاقه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.