توقعت وكالة الاناضول التركية ل"الأنباء" تفعيل الوساطة الخارجية الأوروبية والأمريكية، لحل الأزمة المصرية مجدداً، لكن بشكل أكثر تحديدا للأطراف ، حسبما صرحت مصادر متطابقة بكبرى المراكز البحثية ببروكسل وأخرى دبلوماسية بالشرق الأوسط للأناضول. وذكرت المصادر التي تحدثت مع الأناضول شريطة عدم ذكر اسمها وحضرت عدد من الاجتماعات مع المسؤولين الأوروبيين في بروكسل للنقاش حول كيفية التعامل مع مصر في المرحلة القادمة، قالت إن الاجتماع الذي أجراه وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية، بروكسل، منذ عشرة أيام كان اجتماعا ذا طابع "استطلاعي" في المقام الأول، ولم يبلور آلية تدخل واضحة في الأزمة المصرية. وأوضحت المصادر نفسها أوضحت للأناضول أن هذا القرار الأوروبي تم إرجاء تنفيذه عمليا لشهر سبتمبر، حيث ستعقد الاجتماعات الدورية للاتحاد، وسيكون هناك خياران للتعامل مع الحالة المصرية: إما من خلال الضغط بمبعوث أوروبي في حال فشل المفاوضات المصرية المتمثلة في مبادرة الحكومة (مبادرة نائب رئيس الحكومة زياد بهاء الدين) وإما من خلال طرح مبادرة ذات بنود واضحة ومحددة. ومن أهم بنود مبادرة بهاء الدين: التزام كافة الأطراف الراغبة في الانضمام الى المبادرة بنبذ العنف دون تحفظ أو شرط، والتزام الدولة بأقصى درجات ضبط النفس في مواجهة أية أعمال عنف أو بلطجة أو تعرض لأمن وسلامة المواطنين وممتلكاتهم والمنشآت العامة والطرق، ووقف التعرض للكنائس في كل أنحاء الجمهورية أو للمواطنين المسيحيين أو لحقهم في العيش الهادئ. كما أكدت المبادرة على أن يكون الاطار المرجعي للمبادرة هو استكمال خارطة الطريق التي أعلن عنها الجيش المصري الشهر الماضي. وتنص المبادرة على تعديل دستور 2012 والاستفتاء عليه ثم إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة مع توافر كافة الضوابط القانونية والفعلية لتحقيق ذلك. ولم يبد التحالف المؤيد للرئيس المقال محمد مرسي تحمسا لهذه المبادرة، وإن ابدى القيادي بالتحالف، طارق الملط، استعداد التحالف مبدئيا لمناقشة المبادرة ضمن مبادرات أخرى، وذلك في تصريح أدلى به الخميس للأناضول. المصادر أوضحت أن سبب إرجاء القرار الأوروبي لشهر سبتمبر تتعلق بإتاحة الفرصة لمبادرة بهاء الدين لأخذ مسار توافقي بين كافة الأطراف السياسية، متوقعة - في حال فشل مبادرة بهاء الدين - أن يبادر الاتحاد الأوروبي بإرسال مبعوث أوروبي الشهر المقبل للقيام ببلورة مبادرة مشتركة مع السلطات المصرية، أو يقوم الاتحاد الأوروبي بطرح مبادرة من جانبه على جميع الأطراف، لكن الخيار الأخير سيكون مرهوناً بمدى الالتزام بالاستحقاقات الخاصة بخارطة طريق المرحلة الانتقالية التي تلت عزل الرئيس محمد مرسي مطلع الشهر الماضي، من الاستفتاء على الدستور والدعوة إلى انتخابات برلمانية ثم رئاسية. ورداً على سؤال ما إذا كان الاتحاد الأوروبي يستطيع إلزام الأطراف السياسية بمبادرته، اكتفت المصادر بقولها إن المسألة أكبر من كونها مساعدات يمكن قطعها في أي وقت، لكن مصر تمثل سوقا كبيرا للاتحاد الأوروبي حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين الطرفين في 2012 ما يزيد عن 33 مليار دولار، وبالتالي فإن الجانب المصري سيكون حريصاً على عدم التضحية بتلك الشراكة قبل أي محاولة من جانب الاتحاد للتلويح بوقف تلك المساعدات أو لا. غير أن الدبلوماسيين الأوروبيين لم يقدموا مبادرة محددة لحل الأزمة السياسية في مصر، واكتفوا بطرح بعض الرؤى والتصورات، منها ضمان مشاركة جميع القوى السياسية في العملية السياسية الشاملة، واستكمال بناء المؤسسات المدنية، والإفراج عن كافة المعتقلين بتهم سياسية. وعلى الصعيد نفسه يشهد شهر سبتمبر القادم قرارات حاسمة من الولاياتالمتحدة بشأن مصر، بعدما سعت إلى تجاوز تقييم الوضع في مصر ولعب دور "الوسيط" خلال الفترة الماضية من خلال التصريحات المتعاقبة لكبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية وزيارة وليام بيرنز نائب وزير الخارجية الأمريكي. وبحسب مصدر دبلوماسي رفيع المستوى بالسفارة الأمريكية بالقاهرة، فإن القرارات الحاسمة لن تكون من خلال تقييم الوضع ولكن من خلال استكمال دور الوسيط كي تحصل مجدداً على حد أدنى من نفوذها الذي أصبح مُهدداً برحيل جماعة الإخوان المسلمين عن الحكم. من جانبه، قال زياد العسلي، رئيس فريق العمل الأمريكي من أجل فلسطين (ثينك تانك)، والخبير في الشؤون الأمريكية، لمراسلة الأناضول إن "الإدارة الأمريكية ستسعى خلال الأسابيع المقبلة إلى تخفيف الصدام مع الحكومة الحالية بمصر، خاصة وأن الأصوات ترتفع داخل واشنطن، وتحديداً الكونجرس بضرورة التروي وعدم المبالغة في الضغط على الحكومة المصرية". وأضاف العسلي إن "السياسية الأمريكية لن تتغير حيال مصر، وبالتالي فهي ستحاول الاستمرار في التوفيق بين مصالحها ومبادئها، بحيث إن تبقي على التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري لكن في الوقت نفسه تتطالب بمعاملة قانونية لجماعة الإخوان المسلمين، وعدم لجوء النظام الحالي للعنف"، مشيراً إلى "أنها لن تتجاوز هذا المربع، فهي تفضل أن تقوم بدور "الوسيط" على أن تقوم بدور "الملزم" للقيادة المصرية".