قال الدكتور صفوت محمد عمارة من وعاظ الأزهر الشريف، إنَّ الكلمة هي ثمرة اللسان وأداة البيان، وقد منح اللَّه الإنسان نعمة النطق بالكلمات، وميزه بها عن سائر المخلوقات، وأمره بحسن انتقائها واستخدامها فيما يرضي اللَّه عزَّ وجلَّ؛ فإن كانت طيبة كانت عظيمة النفع، وإن كانت خبيثة كانت شديدة الضرر. وتابع: الكلمة سلاح ذو حدين، وعلامة مفترق بين طريقين؛ فيرفع اللَّه بها أقوامًا، ويحط بها آخرين، وهي فرقان بين الحق والباطل، وبين المعروف والمنكر، وبين الطيب والخبيث؛ فالإنسان يدخل الإسلام بكلمة، ويخرج منه بكلمة، ويبني بيتًا وأسرة بكلمة، ويهدم بناءً ويفرق جمع أسرة بكلمة، ويدخل الجنة بكلمة، ويسقط في النار بكلمة، وتشتعل الحروب بكلمة، كما يقال: «فإن الحرب مبدؤها كلامُ». وأكد عمارة، خلال خطبة الجمعة اليوم، أنَّ الكلمة هي مناط الثواب والعقاب، وهذا يتضح من خلال الحديث النبوي الشريف؛ فعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، أنه سمع النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يقول: «إنَّ العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان اللَّه، لا يُلقي لها بالًا، يرفعه اللَّه بها درجاتٍ، وإنَّ العبد ليتكلم بالكلمة من سخط اللَّه، لا يُلقي لها بالًا، يهوي بها في جهنم» [رواه البخاري]؛ ففي هذا الحديث بيَّن لنا النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أثر الكلمة وما يترتب عليها من أجرٍ أو وزرٍ، حتى إنَّ العبد ليتكلم بالكلمة مما يرضاه اللَّه ويحبه، لا يلقي لها بالًا أي: لا يتأملها بخاطره ولا يتفكر في عاقبتها ولا يظن أنها تؤثر شيئًا؛ فلا يلتفت لها قلبه وباله؛ لقلة شأنها عنده، فيرفعه اللَّه بها درجات في الجنة، وإنه ليتكلم بالكلمة الواحدة مما يكرهه اللَّه ولا يرضاه، لا يلتفت باله وقلبه لعظمها، ولا يتفكر في عاقبتها، ولا يظن أنها تؤثر شيئًا، ولكنها عند اللَّه عظيمةٌ في قبحها، فيهوى بها أي: ينزل ويسقط بسببها في درجات جهنم. وأضاف، أنَّ الناس دائمًا يذكرون الخطأ، ولا يذكرون الصواب أبدًا، ولذلك قال الإمام الشافعي: إذا شئت أن تحيا سليمًا من الأذى .. ودينك موفور وعرضك صيّن لسانك لا تذكر به عورة امرئ .. فكلّك عورات وللناس ألسن وعينك إن أبدت إليك معايبًا .. فدعها وقل: يا عين للناس أعينُ وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى .. وفارق ولكن بالتي هي أحسنُ. وأشار، إلى أن الكلمة لها أثر عظيم في توجيه حياة الإنسان، سواءً إلى السعادة أم إلى الشقاء؛ فإذا كانت الكلمة طيبة فأنها تؤلف القلوب، وتصلح النفوس، وتذهب الحزن، وتفتح أبواب الخير، وتغلق أبواب الشر، وتزيل الغضب، وتشعر بالرضا والسعادة، وتنشر الألفة والمودة في المجتمع وتعمق أواصر الوحدة بين الناس؛ أما إذا كانت الكلمة خبيثة فتهدم المجتمعات، وتدمر الأخلاق، وتخرب العلاقات، وتصنع العداوة، وتزرع التفرقة والكره والحقد في النفوس، والقسوة في القلوب، وتشعل الفتن، وتسمم الأفكار، وتدعو إلى الشر.