هو أحد العلماء المسلمين الأجلاء.. ارتبط باسمه علم من أشرف العلوم الطبيعية، ألا وهو علم الكيمياء.. حيث سمي هذا العلم بصنعته، ونسبت إليه أبوته. هو العالم العربي الكبير جابر بن حيان رائد علم الكيمياء كما يطلقون عليه. هو أبوعبدالله جابر بن حيان بن عبدالله الأزدي.. ولد على الأشهر في سنة (101 ه..721 م).. وقد اختلفت الروايات على تحديد أصله وكذلك بلد مولده، فمن المؤرخين من يقول بأنه من مواليد الكوفة على الفرات بالعراق، ومنهم من يقول إن أصله من مدينة حران من بلاد ما بين النهرين، ويوجد حتى من يقول إن أصله يوناني أو إسباني في بعض الكتب التاريخية.. ولعل هذا الانتساب ناتج عن تشابه في الأسماء، فجابر المنسوب إلى الأندلس هو عالم فلكي عربي ولد في إشبيلية، وعاش في القرن الثاني عشر الميلادي. انضم جابر بن حيان إلى حلقات الإمام جعفر الصادق، ولذا نجد أنه تلقى جميع علومه الشرعية واللغوية والكيميائية وغيرها من مختلف فروع العلوم على يد الإمام جعفر الصادق.. كما أنه درس أيضًا على يد الإمام الحميري، ولهذا فإن معظم مؤرخي العلوم يعتبرون أن جابر بن حيان قد تلقى علومه من مصدرين، أولهما من أستاذه ومعلمه الحقيقي الإمام جعفر الصادق، والثاني من مؤلفات ومصنفات خالد بن يزيد بن معاوية.. فعن طريق هذه المصادر تلقى علومه ونبغ في مجال الكيمياء، وأصبح بحق أبوالكيمياء، فقد وضع الأسس لبداية للكيمياء الحديثة. يرجع الفضل لجابر بن حيان في اكتشاف وتحضير العديد من المركبات والمواد من خلال العمليات المخبرية العديدة التي قام بها، مثل التبخر، والتكليس، والتصعيد، والتقطير، والتكثيف، والترشيح، والإذابة، والصهر، والبلورة.. ولقد قام بن حيان باكتشاف الصودا الكاوية وغيرها من المحاليل الحمضية التي تم استخدامها في فصل الذهب عن الفضة، وهي الطريقة نفسها التي ما زالت مستخدمة حتى الآن.. كما قام أيضًا بتحضير ماء الذهب أو الماء الملكي، واكتشف عدداً من الأحماض، منها حامض النتريك والهيدروكلوريك والكبريتيك، بالإضافة إلى أنه قام بإعداد وتحضير العديد من المواد الكيميائية، مثل كلوريد الفضة.. كما شرح كيفية تحضير الزرنيخ، والأنتيمون، وتنقية المعادن وصبغ الأقمشة، وقام بزيادة عنصرين جديدين على العناصر الأربعة لدى اليونانيين وهما الكبريت والزئبق، كما قام بصنع ورق غير قابل للاشتعال، وغير ذلك العديد من الاكتشافات والتجارب التي قامت بإثراء علم الكيمياء. وتظهر عظمة جابر بن حيان في استخدامه المنهج العلمي الدقيق، والذي يمكن تلخيصه في تحديد الهدف من التجربة العلمية، وتجنب المستحيل، والذي لن يحقق شيئاً، ثم اختيار الوقت المناسب لإجراء التجربة، والتحلي بالصبر والمثابرة، والصمت والتحفظ، وعدم الأخذ بالظواهر حتى لا يؤدي ذلك إلى نتائج خاطئة، وهو بهذا قد سبق الغرب إلى معرفة المنهج العلمي، وإن ادعوا أنهم أصحابه. بعد رحلة متواصلة من الإبداع العلمي نجح فيها ابن حيان في أن يصل بعلمه إلى بر الأمان، يكون من الصعب أن يتم حصر ما أنجزه هذا العالم الكبير من مؤلفات، ولكن يمكن أن يكون أشهرها كتب «الرحمة، السموم ودفع مضارها، استقصاءات المعلم، نهاية الإتقان، الوصية الجابرية، الكيمياء الجابرية، المائة واثني عشر، الرسائل السبعين، الموازين، الخمسمائة، الميزان، الخواص الكبير، الزئبق، الشمس كتاب الذهب، الخواص، الأحجار كتاب الموازين، الوصية، الخالص، الأسرار، الفضة، إخراج ما في القوة إلى الفعل، صندوق الحكمة، خواص أكسير الذهب، رسالة في الكيمياء، المماثلة والمقابلة، الأحجار، الحدود».