قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم جعل من مكونات عقل المسلم السرور، والسعادة، والحبور، والفرح جزءٌ لا يتجزأ من شخصيته، ونفسيته، وعقليته بخلاف أولئك الذين ظنوا أن الكآبة هي جزءٌ من الإسلام، والإسلام برئٌ من هذا. الإسلام برئ من الكآبة وبين علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا، وعلم الناس والبشرية جمعاء كيف تكون مسرورًا فرحًا بنعمة الله سبحانه وتعالى {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا}، موضحاً أن السرور والفرح جزءٌ لا يتجزأ من حياة المسلم، نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا السرور وهذا الفرح يحب الطيب، والرائحة الطيبة، ويحب الريحان، وتقول السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها: «كنت أطيّب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أرى وميص الطيب في جسده» أي لمعة الطيب في جسده الشريف صلى الله عليه وسلم ، كان يحب أن يفرح، وأن يضحك، وكان يحب أن يُدخل السرور والفرح على الآخرين من الأطفال إلى الشباب، إلى الكبار، إلى النساء، إلى الرجال، كان يحب من الإنسان أن يكون مسرورا سعيدا، راضيًا عن ربه فيرضى الله سبحانه وتعالى عليه بهذا الفرح، فرحٌ لا يُفسد في الأرض فإن الله سبحانه وتعالى لا يُحب الفرحين بمعنى المفسدين في الأرض، ولكن الله سبحانه وتعالى يحب الزينة، ويحب السرور والسعادة. وتابع: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم له شخصٌ كما أخرجه البخاري يُسمى بعبد الله يجلس مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ويُدخل على قلبه السرور، ويحكي له من الحكايا ما يضحك به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أتوا به مرةً وقد شرب الخمر، والخمر حرام وبإزائها عقوبة، فأقام عليه العقوبة، وفي المرة الثانية أتوا به أيضًا وقد شرب خمرًا، وفي المرة الثالثة قال عمر: «ما بال هذا المنافق يا رسول الله»، قال صلى الله عليه وسلم: «والله لا أعلم إلا أنه يحب الله ورسوله» ، هذا الرجل غلبته نفسه ووقع في المعصية إلا أنه كان يحب الله ورسوله، وكان يُدخل السرور على سيدنا صلى الله عليه وسلم ، ونهى الصحابة الكرام أن يصفوا هذا الرجل بتلك الصفة، حيث إنه يحب الله ورسوله. ولفت عضو هيئة كبار العلماء إلى أنه صلى الله عليه وسلم كان عنده رجلٌ يقال له نُعيمان من صحابته الكرام، كان يذهب إلى البقّال يأخذ منه طعامًا، ويقول له هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيظن الرجل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أرسله من أجل هذا الطعام، فيأتي بالطعام ويضعه بين يدي النبي ويقول: هذا من فلان، فيظن النبي وأصحابه أنه هدية أرسلها لهم فلان، وبعد قليل يأتي الرجل يطالب بثمن الطعام، وينظر النبي إلى نعيمان وهو يضحك خلف سارية المسجد فلا يؤنبه، ولا يلومه، ويدفع للرجل ثمن الطعام وهو يضحك هو وأصحابه ونعيمان. وأضاف : كان صلى الله عليه وسلم يحب السرور والحبور، وكان يضع الحسن أو الحسين أو أبناء عمه العباس -وهم صغار- على قدميه الشريفتين، ويهدهدهم، ويغني لهم بلغةٍ قديمة قد لا نفهمها الآن، ويقول لهم ما معناه: «أيها الطفل الجميل الذي يشبه الكائنات الدقيقة لرب العالمين» «حزقّةٌ حزقّة ارق عين بقة» كلامٌ قديمٌ عربي معناه هذا «أيها الطفل الصغير الجميل المدلل الذي ينبغي عليه أن يصعد على صدر جده»، وكان يمسك الحسن والحسين فيرقى أحدهما برجليه إلى أن يصل إلى كتفي النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم ؛ أشبعهم حنانا وسرورا، وكان يُطيل السجود إذا جاء الحسن أو حسين يركب ظهر النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم. وشدد : كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج فيجد أقوامًا من الشباب يتسابقون في فرقتين فيقول: «ارموا فإن أباكم كان راميا»، أباهم إسماعيل بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، «ارم فإن أباكم كان راميا، وإني مع بني فلان» -فيمتنع الفريق الآخر كيف ينافسون رسول الله صلى الله عليه وسلم- فقال: «ما بالكم؟» قالوا: لا نستطيع أن ننافسك يا رسول الله، قال: «ارموا وأنا معكم جميعا». وكان صلى الله عليه وسلم يُدخل السرور والحبور على عبد الله، وعبيد الله، وعلى كثيرٍ من بني العباس، ويقف لهم في نهاية الطريق ويقول: «تسابقوا ومن وصل إليّ فله جائزة» يتسابقون حتى يركبوا صدر وبطن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مختتما: السعادة جزءٌ لا يتجزأ مما علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم . فاللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ عَدَدَ مَا فِي عِلْمِ الله ، صَلاَةً دَائِمَةً بِدَوَامِ مُلْكِ الله.