ضبط طالب ادعي بشراء الأصوات بمدينة الفيوم    «المشاط»: النقل واللوجستيات من أكثر القطاعات مساهمة في النمو بدعم التطور الكبير في القطاع منذ 2014    فيديو يزيد الضغط على مسئولين أمريكيين بسبب قارب الكاريبي.. ما القصة؟    وزير الرياضة عن السبّاح يوسف: لا جهة تستطيع الجزم بسبب الوفاة إلا النيابة العامة.. وتعاملنا بكل جدية ومسئولية    أهلي طرابلس بقيادة حسام البدري يحصد لقب كأس ليبيا    أحمد محمود يحصد ذهبية بطولة أبطال الجمهورية في الووشو كونغ فو    محافظ قنا يتابع غلق لجان الانتخابات وانطلاق أعمال الفرز عبر مركز سيطرة الشبكة الوطنية    الإدارية العليا تغلق باب الطعون على نتيجة النواب بالمرحلة الثانية ب300 طعن في 48 ساعة    ننشر مشاريع الأفلام المشاركة بمنصة القاهرة للأفلام في مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    مراسلة إكسترا نيوز: اشتعال المنافسة في الإسكندرية بين 16 مرشحا على 3 مقاعد    ما الحكمة من تناثر القصص القرآني داخل السور وعدم جمعها في موضع واحد؟.. خالد الجندي يوضح    الأقصر تشهد أضخم احتفالية لتكريم 1500 حافظ لكتاب الله بجنوب الصعيد    صحة مطروح: إحالة عاملين بإدارتي الضبعة والعلمين إلى التحقيق لتغيبهم عن العمل    الوطنية للانتخابات: تسليم الحصر العددي لمن يطلب من المرشحين أو الوكلاء وليس للمندوب    "المصل واللقاح" يكشف حقائق صادمة حول سوء استخدام المضادات الحيوية    بعد غد.. فصل التيار الكهربائي عن مناطق وقرى بالرياض في كفر الشيخ لمدة 5 ساعات    تحولات الدور التركى فى الساحل الإفريقى    البورصة تسجل قفزة في سوق الصفقات بقيادة شارم والخليج الإنجليزية    ننشر الجدول الزمنى للإجراءات الانتخابية بالدوائر الملغاة بانتخابات النواب    سوريا ضد قطر.. التعادل السلبي ينهى الشوط الأول بكأس العرب 2025    محافظ قنا ل إكسترا نيوز: غرفة عمليات لمتابعة الانتخابات على مدار الساعة    دار الإفتاء: البشعة ممارسة محرمة شرعا ومنافية لمقاصد الشريعة    فوز قطاع الطب الوقائى والصحة العامة بالمركز الأول بجائزة التميز الحكومي العربى    بانوراما مصغرة ل«المتحف المصري الكبير» بإحدى مدارس كفر الزيات    محافظ الدقهلية يقدم العزاء في وفاة الحاجة «سبيلة» بميت العامل بمركز أجا| صور    تغيير ملاعب مباريات الأهلي والزمالك في كأس عاصمة مصر    الأزهر للفتوى يوضح: اللجوء إلى البشعة لإثبات الاتهام أو نفيه ممارسة جاهلية    توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين وزارة الخارجية ومحافظة كفرالشيخ لإتاحة خدمات التصديقات داخل المحافظة| صور    حفل جوائز التميز الصحفى الإثنين |تكريم «الأخبار» عن تغطية افتتاح المتحف الكبير    هنو يكرم خالد جلال «صانع النجوم»    دير شبيجل: ماكرون حذر زيلينسكي وميرتس من خيانة أمريكية    الكرملين: الهند شريك رئيسي لروسيا.. والعلاقات بين البلدين متعددة الأوجه    إجراءات التقديم لامتحان الشهادة الإعدادية 2026    بيان من نادي كهرباء الإسماعيلية بسبب الشائعات بين المرشحين على مواقع التواصل    ياسمين الخيام تكشف التفاصيل الكاملة لوصية والدها بشأن أعمال الخير    نيكول سابا تكشف كواليس أحدث أعمالها «تلج تلج »    وفاة معلم أثناء طابور الصباح في القاهرة    تحويلات مرورية في القاهرة.. تعرف عليها    نائب رئيس الوزراء: القيادة السياسية تضع الملف الصحي على رأس الأولويات الوطنية    «التجاري الدولي» يحصد جائزة بنك العام في مصر من مؤسسة The Banker    السفيرة الأمريكية بالقاهرة: نسعى لدعم وتوسيع الشراكة الاستراتيجية مع مصر    العمل" تُوفر 10 وظائف للشباب في" الصناعات البلاستيكية الدقيقة بالجيزة    الداخلية تضبط شخصا يوزع أموالا على الناخبين بطهطا    الاحتلال الإسرائيلي يعلن مقتل ياسر أبو شباب على يد مسلحين فى غزة    ثقافة الغربية تناقش كتابات نجيب محفوظ احتفالا بذكرى ميلاده    رئيس الوزراء يصدر 10 قرارات جديدة اليوم    أبو الغيط: جائزة التميز الحكومي رافعة أساسية للتطوير وتحسين جودة حياة المواطن العربي    الطقس غدا.. تغيرات مفاجئة وتحذير من شبورة كثيفة وأمطار ونشاط رياح وأتربة    لجان لفحص شكوى أهالي قرية بالشرقية من وجود تماسيح    في غياب الدوليين.. الأهلي يبدأ استعداداته لمواجهة إنبي بكأس العاصمة    «الأوقاف»: تعديل القيمة الايجارية لأملاك الوقف    ضبط شخص بحوزته عددا من بطاقات الرقم القومي للناخبين في قنا    خسائر بالملايين| الحماية المدنية تسيطر على حريق بمعرض أجهزة كهربائية بالوراق    موعد صلاة الظهر..... مواقيت الصلاه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى المنيا    الحقيقة الكاملة حول واقعة وفاة لاعب الزهور| واتحاد السباحة يعلن تحمل المسئولية    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة الألف يوم الذهبية وتطوير الرعاية الأولية    استقرار أسعار الذهب اليوم الخميس.. والجنيه يسجل 45440 جنيهًا    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الستار سليم: فن الواو خرج من رحم الصعيد للشكوى من الزمان.. قصور الثقافة تجاهلت توثيقه.. هشام الجخ يتهرب من تنفيذ حكم قضائي بدفع 50 ألف جنيه تعويضًا لسرقتي
نشر في صدى البلد يوم 08 - 03 - 2022


* الشاعر عبد الستار سليم في حوار ل صدي البلد:
- النجومية أنانية وقمة النرجسية وجوائز الشعر محدودة للغاية
- إذا أخلص الجميع سيكون هناك انتعاشة لفن الواو
- قصور الثقافة تجاهلت مشروع توثيق فن الواو.. وباقي قطاعات الوزارة تهربت
- فن الواو.. شعر مصري وإن لم يتم توثيقه ورعايته سوف يندثر

عاشق "فن الواو"، أو حارس "فن الواو" هكذا يطلق على الشاعر عبد الستار سليم، أول من كشف الغبار عن هذا الفن، بعد أن كاد يندثر، وقام بجمع نصوصه من أهل الصعيد، ولم يكن فقط مجرد أمين على هذا الفن وحده، بل شاعرا متميزا أصدر ما يقرب من 15 ديوانا، و غنى أشعاره المطرب محمد حمام، و عليا التونسية، وعبداللطيف التلبانى، وثناء ندى.
عبد الستار سليم كشف في حواره مع "صدى البلد"، عن تاريخ فن الواو وأبرز الأزمات التي واجهها في جمع وتوثيق هذا الفن الذي توارثناه عن الأجداد، كما أكد أن أزمته مع الشاعر هشام الجخ مازالت قائمة نظرًا لأن الأخير يتهرب من تنفيذ الحكم القضائي الصادر ضده لصالحه، وإلى نص الحوار:
ما هي حكايتك مع فن الواو.. متى بدأ اهتمامك به؟
حكايتى مع "فن الواو "بدأت وأنا فى سن مبكرة، وكان السبب فى ذلك هو ، وجود شاعر القرية فى الأمسيات القروية البسيطة، فقد كان فى قريتى، رجل يحكى السيرة الهلالية، بواسطة كلام موقّع -أى منغّم - وكان هذا الرجل الأمّى، ليس "شاعر ربابة "- كما جرت العادة على تسميته - فهو كان يقوم بإلقاء ما لديه، حين يستضيفه أحد أقربائى فى "الساحة اللى قدّام المندرة "، مساء الخميس من كل أسبوع (فى الليلة اللى تكون صابحة يوم الجمعة).
فى تلك السن المبكرة، لم أكن أدرى أن هذا شعر، إلا من خلال ما أسمعه من الحاضرين، الذين كانوا يقولون إنه "يُشعُر"، وليس قصدهم بالفعل "يشعر"من الشعور والإحساس، ولكن قصدهم يقول "شِعرا "، وكان يؤدى ما يقول وهو واقف - وبيده عصاه التى يتوكّأ عليها - والتى يستخدمها أحيانا و كأنها "سيف باتر "فى القتال بين الشخصيات التى كان يحكى عنها ، مثل أبو زيد الهلالى، والزناتى خليفة و دياب بن غانم، و العلّام، وأحيانا يستخدمها كأنها حربة، "يطعن بيها "الخصم خصمه.
كل هذا عرفته من مداومتى على حضور سامر هذا القوّال، وعرفته أكثر عندما كبرت، وتعرفت على الفرق بين قوله، وبين ما تقوله والدتى من بكائيات على من رحلوا عن دنيانا من "الغوالى "من الأهل والأقارب، كما عرفت أن رغبتى هذه، هى ما تسمّى-عند الكبار-(الموهبة التى تولد مع الإنسان)، أى ميل الطفل -منذ الصغر -إلى هواية ما أكثر من غيرها.

لكن لماذا ارتبط الواو بأهل الصعيد؟
من الناحية التاريخية فإنه منذ فترة حكم المماليك والأتراك لمصر ، كان الصعيد يشكو من الإهمال، والفقر ، والجهل، والمرض، ولكن لم يكن محروما من تواجد "المحتسب "، تلك الشخصية البغيضة لأهالى قرى صعيد مصر ، فهو الشخص المسئول من قِبَل الحاكم المملوكى أو التركى آنذاك -والمقيم فى قصره الكائن هناك فى مصر المحروسة - أقصد الحاكم، الذى لا يعلم شيئا عن معاناة الناس الفقراء والغلابة والمُعْدَمين، والذى لا يهمه إلا أن يجمع الضرائب لبناء القصور، وإقامة الحدائق الغنّاء، فى (القاهرة ، مصر المحروسة)، ويشترى المماليك والعبيد والجوارى، فكان أهل هذا الصعيد -فى مثل هذا المناخ، وعلى طريقة "الحاجة أُم الاختراع "-ابتدعوا هذا الفن القولى، وكانت أغراضه تنحصر فى الشكوى من الزمان، وغدر الخلّان، وبعض الحِكَم، وبعض الغزليات.
وفى مثل هذا المناخ، تكثر الشكوى من الزمان، و من غدر الخلّان، كما تنزع النفس -بطريقة أو بأخرى -إلى الاتكاء على الحكمة، والميل إلى الفلسفة والتصوّف، كما تبرزأحيانا بعض نزعات التمرّد، فنجد من يقول (ولا حَدّ خالى من الهَمّ . . حتى قلوع المراكب.. إوعا تقول للنّدْل يا عَمّ . . لو كان على السّرْج راكب ).
وهو يقصد ب (راكب السرج) هنا ، الحاكم التركى أو المملوكى ، لأن الصعيد ، لا يجد "الحصان" ليركبوه ، وكانت وسيلة الركوب - فى أقصاها - هى الحمير أو الجمال.

انتقل فن الواو من صدور حفظته وعلى ألسنة الرواة، لكنه حافظ على فنيّات خاصة، حدثنا عنها؟
كان "الشاعر التلقائى "، و أنا أحبّ أن أسمى شاعر "الواو"ب "القوّال" لأنه يقول هذا "الفن القولى" بالفطرة والسليقة، و لأن الشاعر - فى عُرف الجماعة الشعبية هو ابن المدارس -ونظرا لأنهم لا يجيدون القراءة ولا الكتابة، اعتمدوا على الحفظ والذاكرة (على غرار الرواة فى العصر الجاهلى ، فقد كان لكل شاعر كبير ، راوية أو أكثر يحفظون عنه شعره) قالوه على نسق موسيقى معين وثابت لا يخلطون بينه وبين نغم موسيقى آخر ، وكان هذا النسق قصيرا، ونظرا لأنهم كانوا أميين ، ولا توجد وسائل للتدوين أو للتسجيل -كما هو الآن -فجعلوا هذا الفن على شكل "مقطّعات "أو مقطوعات ، "مقطوعات" قصيرة ، ولها قافية داخلية ، وأخرى خارجية ، لتسهيل الحفظ ، و كل مقطوعة تتكون من بيتين شعريين (بالمفهوم التقليدى للبيت الشعرى الذى يتكون من شطرتين) فتصبح المقطوعة مكونة من أربع شطرات، ولذا أطلقوا عليه اسم (المربّع)، والمربع يكون بمثابة قصيدة شعرية كاملة، ذات فكرة أو مضمون أو غرض مستقل بذاته، ولتسهيل الحفظ ، فقد أكثروا من نظام القافية (لأنالقافية تساعد على الحفظ، كما تدل على انتهاء البيت الشعرى)، فجعلوا صدور الأبيات تُقفّى معا ، وأعجاز الأبيات، تُقفّى معا، أقصد جعلوا الشطرة الأولى والشطرة الثانية تتفقان فى القافية، كما جعلوا الشطرة الثانية والشطرة الرابعة تتفقان فى القافية مثل قول يُنسب لابن عروس يقول (النّدْل ميّت. وهُوْ حَى.. ما حَدّ يحسب حسابّه و هّوَّ كالتُّرْمُس النَّى.. حُضُورُه يشبِه غِيابُه).
ولجوء فن الواو إلى التورية والجناسات اللغوية ، والكلام غير المباشر ، حتى يستطيع الإفلات من الرقابة الصارمة التى تفرضها عصور الاستبداد ، لذا تعتمد قوافيه على التداخل الصوتى من حيث التقطيع والاتصال ، ابذى يحافظ على القوافى منطوقة لا مكتوبة ، كما كان القؤال يتوارى وراء عبارة (. وقال الشاعر ) حتى إذا ما حدث وتنبّه "المحتسب "أو "العسس"المجندين التابعين للحاكم التركى أو المملوكى -فى الغالب يكونون من أهل القرية ،أو القرى المجاورة ، من الأندال ، وغير المخلصين لأهلهم .
ما هي المربعات الأقرب لقلبك من فن الواو؟ وما هي التي تعبر عنك؟
"فن الواو " هو فن سماعى، وليس فن كتابة، وجمالياته أيضا جماليات كتابة -كما يقولون -، ونحن نؤمن بأن لغة "فن الواو"هى لغة قادمة من أزمنة بعيدة عبْر تاريخ الفقراء -شعراء كانوا أم جمهورا -وهذه اللغة تحولت بفعل المحاورات وتفاصيل الحياة اليومية ، إلى تعابير مكثفة المعانى ، وتحمل مضامين ورؤى أبعد من ألفاظها ، وهذا هو الشعر ، وقدرة لغة الشاعر على القرب من نبض العامّية فى مفرداتها وتعابيرها وبلاغتها ، وكأن الشاعر واحد من أبناء الشعب العاديين الذين يحتفظ وجدانهم بقاموس العامية ومعجمها ، وتوظيفها التوظبف الأمثل ، هذه القدرة على تمثل البيئة الشعبية ، وتقمص نماذجها وشخصياتها ، ومستويات لغة التعبير فيها و كثيرا ما يلجأ إلى التورية والكلام غير المباشر (عن طريق جناسات القوافى )، وتتردد حِكَم وأشعار "فن الواو "على ألسنة البسطاء لأنه ما هو إلّا نتاج ثقافة خاصة ضاربة فى أعماق الأرض المصرية.
وتتسم صياغته نصوصه بالسهولة واليسر، والبعد عن ادّعاء الحكمة ، وافتعال الفلسفة، والصياغة تشرح نفسها، والتظهير (أو الإبانة بالشرح )يكون فقط فى توضيح القافية وليس فى شرح المربع، وإلا فإن الشاعر تكون صياغته ضعيفة، وهو وعاء للحكمة، وتلخيص، وتلخيص المعانى الكبيرة ذات الطابع الفلسفى للموروث، والشعر -بصفة عامة -هو ما أطرب، وهزّ النفس، و حرّك الطباع.
لذا فإن الحكم عليه يكون بمقدار ما فى مضمونه من قِيَم، وما فى صياغته من فن، فأفضله أقدره على استثارة المشاعر، وفن الواو لعبة قولية بارعة نبتت بين أهل الصعيد، وتربت وترعرت هناك، و تتولّى اللغة والقافية فيه ناصية الدور، فالأدب يصبح أدبا لطبيعة البناء لا بنوع المضمون، وعلى الرغم من وضوح المعانى التى تتضمنها الأشعار فى هذا الفن، فقد استمدت هذه الأشعار جاذبيتها، ومقومات خلودها من صياغتها الشعرية والمربع المُحكَم يجئ بمثابة ومضة متألقة، تكمن قيمته فى الاختزال - أى فى قلّة الحجم مع ضخامة التجربة -فهى إذن قدرة خاصة على التجريد، مع امتلاك، ثروة لغوية هائلة من مفردات البيئة المبدعة.
وأيضا كل "فن واو " مربع، ولكن ليس كل مربع "فن واو "، وفن الواو باعتباره جنسا أدبيا، لابد أن ينسحب عليه ما ينسحب على أى فن أدبى آخر من الجودة والرداءة، وتلك هى طبيعة الأمور.
كيف ترى مستقبل فن الواو في ظل التطور الذي نشاهده في الوقت الحالي؟
هناك أناس كثيرون أحبوا هذا الفن -سواء من الشعراء، أو الجمهور -ولو أخلص الجميع سيكون هناك حالة من الانتعاش الفنى لهذا الفن.
هل تشغلك فكرة النجومية فى عالم الأدب.. وهل استغراقك فى فن شعبى بالأساس يحول دون تحقيق ذلك ؟
دعنا نتفق أولا على ماهيّة النجومية وماهيّة مقياسها ومعيارها عند الناس، فهناك نجومية حقيقية، تنشأ من التراكم الزمنى لما يقدمه المبدع للمجتمع والناس، وهناك نجومية تصنعها الظروف الطارئة (مثل الصحافة والإعلام غير الملتزم، والمشجعين غير الواعين لبواطن الأمور.. وتلك هى الكارثة )، أنا مثلا ممن يرون أن المعيار يجب أن يتم بناءً على البعد عن الأنانية من المبدع، فلا يصنع النجومية لنفسه فقط -بطريقة أو بأخرى، وما أكثر هذه الطرق -وكذلك بحجم ما يقدمه المبدع للناس، أنا أعتقد أن النجومية أنانية، بل هى قمة النرجسية والإيغال فى حب الذات، والانبهار بالنفس، وتطلق النجومية على أولئك الذين يحبون أنفسهم فقط، ويحاولون أن يصنعوا مجدا شخصيا على حساب كل من الفن والإبداع والناس البسطاء، والنجم هو الذى لا يرى إلا مصلحته، ولا يطرب إلا بما يصنع، وبما يسمع من المديح، أنا أرفضه، فأنا ممن يحبون أن ينفعوا الناس، وأرى أن تلك هى النجومية الحقيقية، وإلا فقل لى: ما هى الفائدة التى تعود على الناس من هؤلاء النجوم.
إلى أي مرحلة وصلت في مشروع توثيق فن الواو؟
مشروع توثيق فن الواو، يتكون من شقين، الشق الأول خاص بى أنا، وهذا ما أقوم به على أكمل وجه، أكتب "فن الواو" الذي أبدعه أنا، أى من إبداعى الذاتى، كما أكتب عن"فن الواو" - يوميا- لمحاولة التعريف بهذا الفن، و كيف نحافظ على هذا الفن ونطوره، وعما قريب سيصدر لى كتاب بعنوان (ماذا تعرف عن فن الواو )- أصدره على نفقتى الخاصة - بعد أن انصرفت مؤسسات الدولة عن رعاية ما أكتبه، والمساعدة على إخراجه للناس.
أما الشق الثانى فهو خاص بالدولة - المتمثلة فى وزارة الثقافة بالتحديد -فبعد أن قمت بجمع هذا الكمّ الهائل من نصوص هذا الفن، من أفواه الحفَظَة، المتناثرين فى النجوع والقرى والدساكر -فى جنوب مصر موطن هذا الفن -فى أربع مجلدات -وذلك بجهد فردى، ودون مساعدة من الجهات المختصة بجمع التراث.
تقدمت بكل هذا إلى سلسلة مكتبة الدراسات الشعبية لدى الهيئة العام لقصور الثقافة، ولشديد الأسف، قوبل ذلك بالتعالى والجحود والنكران، فلم يتم الا إصدار مجلد واحد فقط (وأعتقد أن ذلك كان ذرًّا للرماد فى الأعين، وليس خدمة للقضية الأدبية) هو المجلد الأول منها، وكان ذلك من ذو عام 2003 م، والى الآن لم يصدرلا المجلد الثانى ولا الثالث ولا الرابع) ألم أقل لكم أنه ذرّ للرماد فى الأعين، وليس هناك جدّية حقيقية)والمجلدات الثلاثة الباقية لا أدرى ما هو مصيرها.
وعندما أعدت الكرّة، وذهبت بنسخ أخرى -كنت أحتفظ بها -إلى كل من هيئة الكتاب، والمجلس الأعلى للثقافة، تم رفض مطلبى – حجة غريبة وغير مسؤولة- بحجّة أن الجهة التى قامت بطبع المجلد الأول هى الملزَمة بطبع باقى المجلدات، وللأسف القائمون على الأمر فى الجهة التى طبعت المجلد الأول، اكتفت بإصدار مجلد واحد، (قال ايه علشان الآخرون يأخذون نصيبهم فى الطبع، وعجبى ..!)-وأخشى أن يكون المثل الذى يقول: "البعيد عن العين بعيد عن القلب" تمت صياغته خصّيصا لنا -نحن الذين نقيم فى الصعيد، أى البعيدين عن عيون أهل الحل والربط فى القاهرة، وكأن مسألة الطبع عندهم هى "كعكة "، يجب أن توزع على كل الناس بصرف النظر عن ماهية وقيمة ما يُطبع من مادة، مع العلم بأننى تقدمت بكل هذا متبرعا بكل ذلك ودون أى مقابل مادى.
وها أنذا ما زلت أصرخ فى واد "يا ناس، يا هوه "، هذا ليس شعر عبد الستار سليم، هو شعر مصر، شعر المصريين القدماء، وإن لم تبادروا برعايته، سوف يندثر، وتُحرمون الأجيال الجديدة القادمة من الاطلاع على تراث أجدادهم -وكأنكم لستم مصريين -هذا الفن التراثى العريق، بسبب هذا الفكر، الذى لا أدرى كيف أصنّفه.



هل تم غلق الأزمة بينك وبين هشام الجخ بشكل نهائي؟ أم أن الباب مازال مفتوحًا؟
حكاية هشام الجخ دى حكاية، ولا فى روايات اللامعقول، فبعد أن حكمت محكمة القاهرة الاقتصادية (منذ ما يزيد على الثلاث سنوات ) بتغريم هشام الجخ بمبلغ) خمسين ألف جنيه ( منذ ثلاث سنوات، لكنه إلى الآن يتهرب من دفع هذا التعويض، علما بأن الحكم الصادر هو حكم باتّ ونهائى، وما زال القانون، غير قادر أن يصنع شيئا لكى يتم تنفيذه، لأنه -على حسب ما أفهمونى -أن قضايا التعويض لا يتم فيها القبض فيها على المطالب بدفع التعويض، وأنا أناشد من له خبرة فى هذا الشأن -من السادة المحامين -أن يقدم يد المساعدة، للرسوْ على برّ، و للوصول الى حلّ، يضع نهاية لهذه الحالة من التعليق لحكم قضائى نافذ، لتلك القضية التى باتت عسيرة على الحل، فهل من مجيب؟!
هل من الممكن أن تعود بينكما علاقة الصداقة والتعاون من جديد؟
هذا أمر سابق لأوانه، لأنه من المفروض أن يدفع التعويض أولا، ثم يُطرح مثل هذا الطرح.
هل أنت راضٍ عما وصلت إليه أم إن هناك أحلامًا لك لم تتحقق بعد؟
بالنسبة للمبدع الجاد، لا يكون لأحلامه نهاية، إذ ليس هناك نهاية للأحلام الفنية، فهو دوما يرى أنه لم يحقق ما كان يصبو إليه، إذ لا سقف للفن والإبداع.
كيف ترى جوائز الشعر فى مصر والوطن العربى وهل هي كافية لتكريم القامات الشعرية الكبيرة؟
أرى أن جوائز الشعر محدودة للغاية، وعددها لا يتناسب مع عدد الشعراء الذين يستحقون مثل هذه الجوائز، لذا فقد قمت -أنا نفسى -بعمل جائزة تحت اسم (حائزة عبد الستار سليم فى الشعر والنقد)، وهى جائزة سنوية بلغ عمرها الآن ثلاث دورات بجوائز عينية (مالية ) أدفعها من جيبى الخاص، فضلا عن شهادات التكريم والدروع التى تُقدّم للمراكز الفائزة (ثلاثة مراكز فى كل فرع من فروع مجالات الجائزة ).
ولقد أطلقت أكثر من مناشدة إلى كل من يستطيع أن يقوم بعمل جائزة، فليبادر، سواء أفراد أو مؤسسات، وكلى أمل فى أن يستجيب كل من لديه الاستطاعة، ويرغب فى خدمة أبناء وطنه.
فى رأيك لماذا تراجع توزيع دواوين الشعر الآن؟
تراجع توزيع دواوين الشعر لأسباب عدّة، منها أن المنتج المقدّم ليس على الجودة الفنية الكافية، كما أن وسائل التواصل الاجتماعى التى ليس عليها ضابط ولا رابط ، امتلأت بخليط متشابك من الشعراء الحقيقيين و مدّعى الشعر ، فكاد يصيب القراء آفة الكفران بالشعر، لطغيان الغث على السمين ، ووجود من يساهم فى ذلك من جهات مسؤولة، ومنها غياب الحركة النقدية الجادة، والمتابعة المتواصلة، ومنها كثرة دور النشر ، التى لا تمتلك فاحصين جيدين، ولا حتى غير جيدين، فأصبح الكثير من هذه الدور تطبع لكل من يتقدم اليها بعمل بدون فحص مدقق وواع، ولكل من يمتلك التكاليف، والأهم من ذلك فقد فقدنا شريحة الشباب، هذا الشباب الذى توجّه إلى الإبهار الكاذب لدى الميديا الإعلامية، منصرفا عن القراءة.
كيف ترى الوسط الثقافي الأن؟ شعراً وسرداً ونقداً ؟
أرى ازدحاما لا يسعفنى فيه من الوقت الكافى، لمتابعة القراءة، و لفرز الصالح من الطالح، والموضوع يحتاج إلى تضافر الجهود كلها، حتى يمكن أن ننقذ ما يمكن إنقاذه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.